شهد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، حفل تكريم الفائزين بجائزة البردة في دورتها الثانية عشرة، التي تنظمها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، في إطار الاحتفال بالذكرى العطرة للمولد النبوي الشريف، وذلك مساء أمس، بالمسرح الوطني في أبوظبي.

حضر الحفل معالي محمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي، ومعالي عبد الرحمن العويس وزير الصحة، ومعالي أحمد جمعة الزعابي نائب وزير شؤون الرئاسة، وأصحاب الفضيلة العلماء، وعدد من المسؤولين بالدولة، والسفراء المعتمدين لدى الدولة، ورجال الدين المسيحي، وضيوف الوزارة من كافة الأقطار العربية، وجمهور غفير من المواطنين والمقيمين.

الارتقاء بقيمة الإنسان

بدأ الحفل بجولة تقفدية، قام بها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، لمعرض اللوحات الفائزة بجائزة البردة، والذي تنظمه الوزارة على هامش فعاليات الحفل، بالمركز الثقافي التابع للوزارة، وضم المعرض أهم الأعمال الفائزة في الدورات السابقة، والتي تحتوي على مجموعة نادرة من أجمل وأندر اللوحات في الخط العربي، والحروفية والزخرفة، التي أبدعتها يد الفنان الإسلامي.

ومن ثم ألقى معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان كلمة، رفع من خلالها باسم جميع الحضور، أجمل التهاني والتبريكات، بمناسبة المولد النبوي الشريف، إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وإلى أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإلى إخوانهما أصحاب السمو الشيوخ، أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حكام الإمارات، وإلى الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإلى شعب الإمارات كله، داعياً المولى سبحانه وتعالى، أن تعود علينا هذه المناسبة الجليلة، في كل عام، والإمارات في خير وازدهار، والأمة الإسلامية في رخاء ونماء.

وأكد معاليه أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، يجعل الجميع على تواصل مستمر، بمبادئ الإسلام الحنيف، التي أنزلها الله على رسوله الأمين، لينشرها للعالمين. وأضاف: منها نتعلّم كيف يكون تحمل الأمانة، وكيف يكونُ إيصال الرسالة، وما ذلك إلا بالحكمة، والموعظة الحسنَة، والصبر والإقناع والمثابرة.

وأوضح أن ذلك هو ما يعلي شرف الكلمة، ونُبْل المقصد، دونما ضغوط أو إكراه، بل مع احترام تام، للأديان الأخرى، ولحقوق أصحابها، والارتقاء بقيمة الإنسان، في كل مكان وزمان، مع نشر مبادئ السلام، والإنسانية، والمحبة، والوئام.

رمز التجدد

وأشار معاليه إلى إن الإسلام، ينبذ وسائل التكفير والإرهاب، ويُعلي من شأن الإنسان والإنسانية. وقال: لعلّنا ونحن نحتفل بالمولد النبوي الشريف، نستشفّ كافة هذه المعاني، لنعمل على تأصيلها تماما، وتعميق الالتزام بها، في رحاب التقوى والإيمان والسلام.

وأوضح معاليه: جاء تزامن هاتيْن المناسبتيْن؛ المولد النبويُّ الشريف، وجائزة البردة، بتوجيهات حكيمة، من مؤسس الدولة، المغفور له بإذن الله، الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تغمّده الله بواسع رحمته ورضوانه، لقاء ما قدَّم، من إنجازات ومَآثر، لبناء هذا الوطن العزيز، والعمل على الارتقاء به، في شتّى الميادين، ومُختلف المجالات.

وأضاف: حين كان سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزيرا للثقافة والإعلام، استلْهم حكمة الوالد العظيم، في التمكين، لجعْل هاتين المناسبتين، تتعانقان سويا؛ الموْلد النبوي الشريف، وقصيدة البردة، للإمامِ البُوصيري. ورأى معاليه بأنها مبادرة كبرى ورائدة، وشكر سموه عليها. مؤكدا على دعمَه المستمر، لجعل هذا الاحتفال في كل عام، رمزا متجددا، وعلى أهمية هذه الجائزة، والارتقاء بها، إلى أعلى المستويات العالمية.

مديح

قال معالي الشيخ نهيان بن مبارك: إن كان لي أنْ أخص «البردة» بكلمة، فهي أنها قصيدة روحية فريدة، كتب اللهُ لها الذُّيوع والانتشار، لما اشتملت عليه، من مديح نبوي صاف وطاهر. وأوضح: بدأ المديح الإمام البوصيري، بالتحذير من هوى النفس، وكأنَّ هذا بمثابة وضوء شعْري، يتطهَّر الشاعر من خلاله، لِيَخْلُصَ إلى مولد المصطفى، صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، ثم بيان شرف القرآن الكريم، وما دار في الإسراء والمعراج. وأضاف: أشار البوصيري ببلاغةٍ واضحة، إلى جهاد الرسول الصادق الأمين ليحق الحق، ويزْهق الباطل، فكان له ما أراد، مشفوعاً بجلال مالك الملكوت.

ونوه معاليه إلى أن البوصيري يستطردُ في مدْحته هذه، إلى أهمية التوسّل والتشفع، بنبي الإسلام بعـده، ويُنهي «بُرْدَتَه» في عدة أبيات، شملت المناجاة، وبعض الدعوات.

جاء كل ذلك، في لوحات شعرية : بديعة ورائعة، وبأسلوب عربي فصيح وجميل. وأضاف معاليه أن هذا ما جعل المسلمين، في شتى بقاع الأرض، ينتهزون فرصة المولد النبوي الشريف، في كل عام، حتى يتحلقوا حول البردة، يجمعهم الاستئناس، بمديح المصطفى، والاسترشاد بسيرته العطرة والفريدة.

وأكد معاليه على أن ارتبـاط هذه الجائزة بـ «البُردة» ارتباط موفَّق إلى حد كبير، فإذا كان البُوصيري، في القرن السابع الهجريّ، قد وفَّقه الله وألهمه، إلى إبداع هذه القصيدة الخالدة، فإنه وبالمثل، تأتي هذه المناسبة، وتتجدد، ليشارك فيها كل الموهوبين والمبدعين، في مختلف فروعها، ما بيْن شعر، وخط، وفن تشكيلي. وقال: كأن ما يدور هنا، هو النظير، لما نراه في البردة، من سمات كثيرة ومتعددة، قد يكون أهمها إتقان العمل، والإخلاص فيه، والانطلاق من رحاب الالتزام والمسؤولية، والثقةُ بالنفس.

وبارك معاليه للفائزين نجاحهم، وتفوّقهم، راجياً أن يكونوا دائماً عند حسن الظن، وأن يضاعفوا جهودهم، ليحققوا نجاحات أكثر.

واختتم معاليه بتوجيه الشكر لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، على دوره المرموق، في تحقيق النجاح لهذه الجائزة، متمنيا أن تعود هذه المناسبة الكريمة، في كل عام، والإمارات في عزَّة ورفعة، وعلى الدوام، محفوظة بقادتها، وشعبها، وتراثها، وبعملها الدائب، وإنجازاتها المتوالية، في سبيل حاضر زاهر .

اعتزاز

قال معالي الشيخ نهيان بن مبارك: «إننا في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ونحن في مناسبة تكريم الفائزين بجائزة البردة، فإنما نعتز بما تسهم به هذه الجائزة، في التعبير عن وجدان الأمة، وبما تجسده من وعي ديني قوي، في هذه الدولة الرائدة».

 تواشيح وابتهالات لعبدالله الرويشد وفايز السعيد

بدأ الحفل بمجموعة من التواشيح والابتهالات والأناشيد الدينية التي تحتفي بمولد الرسول الكريم، قام بأدائها كل من عبدالله الرويشد وفايز السعيد، إلى جانب فرقة حامد داوود السورية للإنشاد الديني.

وعقب ذلك قام معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، يرافقه معالي محمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي، ومعالي عبد الرحمن العويس وزير الصحة بتكريم جميع المشاركين بالحفل والقائمين عليه، ثم كرم بعد ذلك الفائزين في الدورة الثانية عشرة من مسابقة البردة، التي تضم مجالات الخط العربي والزخرفة والشعر، إذ فاز بالمركز الأول في خط الثلث والنسخ (مرقع) أحمد فارس رزق عوض الله من مصر، وجاء بالمركز الثاني محفوظ ذنون يونس من العراق، وحل محفوظ أحمد من باكستان ثالثا، ثم جاء كل من عبده محمد حسن الجمال من مصر بالمركز الرابع، وإيهاب إبراهيم ثابت من فلسطين بالمركز الرابع مكرر، وحل عبد الرحمن العبدي من سوريا خامسا.

وفي مجال الزخرفة فاز سلجن قيرجرسلان من تركيا بالمركز الأول، ثم جاء عسكر مرادي ثانيا، ومحسن مرادي ثالثا، وفاطمة مرادي رابعا وجميعهم من إيران، فيما حل إحسان حاكم كاظم من العراق خامسا، ثم زينب رهنما من ايران في المركز الخامس مكرر.

وفي مجال الحروفية حجبت الجائزة الأولى، فيما حل مصعب شامل أحمد من العراق ثانيا، ثم ضياء محسن سلمان من كندا في المركز الثاني مكرر، ثم عمر محمد طه صبير من السعودية ثالثاً، وحل زهرا خاني نراد تازه آبادي من إيران رابعاً، وجاء في المركز الخامس علاء عبد الحسين عبد الهادي من العراق.

وفي مجال الشعر الفصيح تم حجب الجائزة الأولى، فيما حل في المركزين الثاني والثالث على التوالي سيد محمد عبد الرازق عبد العال، ومحمد أحمد إسماعيل السيد من مصر، في حين جاء محمد طه العثمان من سوريا رابعاً.

كما حجبت الجائزة الأولى في مجال الشعر النبطي، وجاء في المركز الثاني أحمد محمد حسن عبد الفضيل من مصر، ثم إبراهيم عبدالله حسين بن علي من الإمارات في المركز الثالث، وجاء فهد بن يوسف بن سيف الأغبري من عمان رابعا.