التحكم في الأحلام يعالج سلسلة من الأمراض الدماغية

التحكم في الأحلام يتحول إلى واقع

يؤكد العلماء أنه بات من الممكن للأشخاص، الاحتفاظ بأحلامهم مدة طويلة، فضلاً عن التحكم بها، عبر أجهزة خاصة، يتوقع منها أن تكون بداية لعلاج مرضى الشلل الدماغي، أو من يعانون من اضطرابات في النوم، أو مرض الرهاب، وغير ذلك من الحالات المماثلة، على نحو لم يكن ممكنا في السابق.

وذكرت مجلة «فوكس» العلمية المتخصصة، في تقرير حديث لها حول هذا الموضوع، أن الأحلام تنشأ عندما تنشط أجزاء من خلايا الدماغ خلال نوم الإنسان، بحيث يكون في حالة بين اليقظة والنوم. ووفقاً للدراسات الحديثة، فإنه يمكن للأحلام أن تستمر في حين أن الإنسان في حالة يقظة كاملة ويعرف أين هو، وتسمى هذه الوضعية «لوسيد دريمنغ» أي «الحلم الواضح». ويستطيع الإنسان التحكم بالأحلام كما يتحكم المخرج بالأفلام، من حيث إرجاعها وتقديمها والتركيز على لقطات معينة، أو فعل أي شيء يمكنك تخيله.

دراسات تجريبية

وتشير دراسات تصوير الدماغ، إلى أن الأحلام تحركها معطيات متعلقة بعلم وظائف الأعضاء. وفي عام 2012، أجرى فريق من العلماء، بقيادة مارتن درسلر وراناتا ويير من معهد ماكس بلانك للطب النفسي في ميونيخ بألمانيا، دراسة على الأحلام، اقتضت أن ينام المتطوعون للبحث في ماسح ضوئي يعرف اختصاراً باسم «إف إم آر إي»، واستطاع العلماء مسح نشاطات دماغ الشخص النائم بعد استغراقه في النوم، ووصوله إلى مرحلة الحلم الواضح، وهو ما بدا واضحاً على حركة بؤبؤ العين.

ويختبر بعض الأشخاص تجربة الأحلام الواضحة بشكل عفوي، ولكن من أجل الوصول إلى هذه المرحلة، لا بد من تدريبات طويلة الأمد. ودرست البروفسور أورسولا فوس وفريقها في المركز الطبي بجامعة غوتنغن بألمانيا، موجات دماغ 27 شخصاً لا تتراءى لهم الأحلام الواضحة، ووجدوا أنهم يدخلون في الوضعية المعروفة اختصاراً باسم «ريم»، أي «حركة العين السريعة»، ويرسلون موجات إلكترونية قصيرة إلى أدمغتهم.

ولمساعدة هؤلاء على الاحتفاظ بأحلامهم، وضع العلماء أقطاباً إسفنجية على فروة رؤوس المتطوعين للبحث، ومدوا أدمغتهم بتيار مراوح دقيق. وركز التحفيز الصناعي على مناطق الأحلام في الدماغ. وأظهرت النتائج، أن التحفيز بأشعة بيتا وأشعة منخفضة من غاما، عمل على دخول المتطوعين للبحث في وضعية «ريم» المشار إليها، والتي أظهرت أنها المسؤولة عن إنتاج حالة تتابع الأحلام.

وذكرت المجلة العلمية المتخصصة، أن العلماء أجروا الدراسة نفسها على 19 شخصاً يمتازون باحتفاظهم بأحلامهم، ووجدوا أنهم قد يحتاجون أيضاً إلى بعض التحفيز، على الرغم من تفوقهم على غيرهم. ويشير العلماء إلى تعدد استخدامات وضعية الأحلام الواضحة «لوسيد دريمنغ»، من الاستخدامات الطبية إلى العلمية النظرية. واستخدم العلماء في ألمانيا جهازاً سمي باسم «نيوروكون»، لتحفيز الدماغ، تبلغ تكلفته 5 آلاف جنيه إسترليني. ويمكن شراء أجهزة تحفيز الدماغ إلكترونياً بتكلفة تصل إلى بضعة مئات الجنيهات الإسترلينية.

علاجات مختلفة

وتوجد أجهزة تعنى بوضعية الحلم الواضح، تهتم بمواضيع مختلفة. وطورت شركات عدة، تطبيقات لهذه الأجهزة، يمكن تحميلها على الهواتف المحمولة، ومنها ما طوره ريتشارد وايزمان، البروفسور في الفلسفة وفهم الجمهور بجامعة «هرتفوردشاير». ويعمل أحد تطبيقاته على تحويل الأصوات المحيطة بالشخص النائم إلى اهتزازات، تساعده على الدخول في وضعية الأحلام اليقظة.

ويمكن للمشلولين وذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يعانون من ضعف عضلاتهم الدماغية، معايشة حالة الأحلام الواضحة، عبر جلسات من العلاج الفيزيائي. ويمكن أيضاً معالجة مرضى الرهاب، الذين يخشون أشياء معينة في حياتهم، بالتحكم بطريقة الأحلام، بحيث تختفي أسباب الخوف.

ويأمل العلماء بتخليص الذين يعانون من الكوابيس باستمرار، بتوجيه أحلامهم، بحيث يصبح الوحش أو الشيء الذي يخيفهم، شيئاً ودوداً مسالماً. ويؤكدون أنه «قد يبدو الأمر بعيد المنال، إلا أننا نأمل أن نساعد بهذا العلاج، الأشخاص الذين يعانون من الإعاقات الجسدية والغيبوبة».

ويبقى الأمر الأكثر إثارة في ما يخص وضعية الحلم الواضح، هو حالة المرح. فالأشخاص قد يجربون الحلم بمواضيع مختلفة، وقد يختارون التركيز على أحلام يصبون إلى تحقيقها على أرض الواقع.

تطبيقات

أطلق ريتشارد وايزمان، البروفسور في الفلسفة وفهم الجمهور بجامعة «هرتفوردشاير»، وفريق عمله، تطبيقاً على الهاتف المحمول، يعمل على تكوين حالة الحلم الواضح عند النائم، غير أنها أثبتت أنها ليست بتلك الفعالية، ولكنها تساعد الأشخاص على التأثير في فحوى أحلامهم. وفي هذا السياق، قال وايزمان: «إذا اختار الشخص موسيقى الطبيعة مثلاً، فعلى الأغلب سيحلم بشيء من الطبيعة، ويختلف الوضع إذا اختار صوت البحر مثلاً، وفي هذه الحالة، قد يحلم بالشمس وهي تسمر جلده. وقد يسهم الجهاز في جعل الناس تستيقظ بمزاج جيد».

الأكثر مشاركة