حذر الدكتور هانز ميخائيل مولنفيلد من أن تعاطي أدوية كثيرة في الوقت نفسه ينطوي على مخاطر صحية تتمثل في حدوث تفاعلات دوائية لها تأثير سلبي على مفعول الدواء وآثار جانبية مثل الصداع والدوار وصعوبات النوم وارتفاع خطر السقوط.
وأضاف مولنفيلد أن هذا الخطر يرتفع بصفة خاصة لدى الأشخاص، الذين يعانون من أمراض مزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وكلما كان المريض متقدماً في العمر، ارتفع خطر حدوث تفاعلات دوائية وآثار جانبية نظراً لتراجع الأداء الوظيفي للكلى مع التقدم في العمر، ومن ثم يتم امتصاص الأدوية بشكل غير سليم ولتجنب هذه المخاطر، يتعين على الأشخاص، الذين يتعاطون عدة أدوية في الوقت ذاته، مراجعة الطبيب أو الصيدلي للتحقق من عدم حدوث تفاعلات دوائية بين المواد الفعالة المختلفة.
عندما يتقدم الناس في السن، فإن الحالات الطبية المزمنة، بدءا من هشاشة العظام وصولا إلى أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، تصبح أكثر شيوعا.
وبالنسبة للأنظمة الطبية في العديد من البلدان، فإن وصف الأدوية هو الأسلوب المفضل لعلاج هذه الأمراض.
تعتبر منظمة الصحة العالمية أن "الإفراط في تناول الأدوية" يمثل مشكلة صحية عامة رئيسية، ويؤدي إلى نقل الملايين إلى المستشفيات على مستوى العالم بسبب الاستجابات السلبية للأدوية، كما يؤدي إلى إنفاق مليارات الدولارات في هيئة نفقات صحية غير ضرورية.
ويتسابق الباحثون والصيادلة لحل مشكلة الإفراط في تناول الأدوية، لكن القيام بذلك أمر صعب للغاية.
ووفقًا لتقرير صادر عن معهد لوين للأبحاث، وهو مركز غير هادف للربح، فإن 42 في المئة من جميع كبار السن في الولايات المتحدة يتناولون خمسة أدوية أو أكثر يوميًا.
ويتناول ما يقرب من 20 في المئة 10 عقاقير أو أكثر. وعلى مدار العشرين عامًا الماضية، تضاعفت حالات الإفراط في تناول الأدوية ثلاث مرات في جميع أنحاء البلاد.
قد يكون من الصعب أن تطالب المريض بالتوقف عن تناول بعض الأدوية، ويتعين على الأطباء في كثير من الأحيان مراقبة المريض بعناية
إن اعتماد صناعة الأدوية على تحقيق الأرباح قد يجعل الأطباء يصفون المزيد من الأدوية للمرضى، وفقًا لتحقيق أجرته غرفة "بروبابليكا" الأخبار.
وأفادت الغرفة بأن الأطباء الذين يتلقون أموالا مقابل وصف دواء معين يصفون هذا الدواء أكثر من الأطباء الذين لا يستفيدون مالياً.
وفي عام 2015، حصل حوالي نصف الأطباء في الولايات المتحدة على مخصصات مالية من شركات الأدوية بلغ مجموعها 2.4 مليار دولار.
وثمة عامل آخر يساهم في تفاقم هذه المشكلة، وهو عدم وجود اتصال بين الأطباء المختلفين الذين يذهب إليهم المريض، وهو ما يؤدي إلى وصف أدوية بدون تواصل مناسب. وبالتالي، فإن ما يبدو أنه مرض جديد قد يكون في واقع الأمر أحد الآثار الجانبية لعقار ما.
في بعض الأحيان، يكون من الضروري وصف العديد من الأدوية في وقت واحد. فعلى سبيل المثال، لكي تساعد مريضا أصيب بنوبة قلبية على عدم الإصابة بنوبة قلبية مرة أخرى، يمكن أن يشمل العلاج الأدوية التي تخفض نسبة الكوليسترول في الدم وتخفض ضغط الدم وتوقف خلايا الدم عن الالتصاق ببعضها بعضا.
لكن عندما تفوق مخاطر الأدوية فوائدها المحتملة، يصبح المرضى معرضين لعواقب صحية كبيرة. ففي كل يوم، يُنقل 750 شخصا من كبار السن إلى المستشفيات بسبب الآثار الجانبية الخطيرة للأدوية، بما في ذلك الإغماء وردود الفعل التحسسية والنزيف الداخلي.
ومع كل دواء إضافي يتناوله المريض، يزداد خطر حدوث رد فعل سلبي بنسبة تتراوح بين سبعة وعشرة في المئة، كما يواجهون خطرًا أكبر من الآثار الجانبية الشديدة لأن أكبادهم تصبح أقل كفاءة في التمثيل الغذائي وإزالة الأدوية من مجرى الدم.
ويتفاقم هذا الخطر بسبب حقيقة أن التفاعلات بين بعض الأدوية يمكن أن تكون ضارة، وأن ما يصل إلى نصف المرضى الذين يتناولون أربعة عقاقير أو أكثر لا يتناولونها كما هو موصوف لهم من قبل الأطباء، وفقًا لتحليل نشر عام 2020 في المراجعة السنوية لعلم الأدوية والسموم.