تبذل دولة الإمارات جهوداً حثيثة في تمكين وتفعيل جوانب حياة كبار المواطنين في المجتمع، لتوفير الرفاه والحياة الكريمة والآمنة لهم، كما يساهم دمجهم في الحياة الاجتماعية في تعزيز قدراتهم أمام مختلف التحديات والأمراض النفسية.

وأكد نخبة أطباء ومستشارون نفسيون لـ «البيان» أن كبار المواطنين يحظون بحياة نشطة وفاعلة، لذا ينبغي تحقيق صحتهم البدنية التي من شأنها أن تعزز صحتهم النفسية ودعم الجوانب المعنوية لديهم، أمام أية تحديات وأمراض نفسية قد يمرون بها، وينبغي الأخذ بأيديهم للتغلب عليها من خلال معرفة الأسباب والتعمق بها وصولاً لسبل العلاج، إضافة إلى توفير احتياجاتهم النفسية والصحية والاجتماعية والاقتصادية للمراحل العمرية المتقدمة، وبما يضمن اندماجهم في المجتمع، وتوفير حياة كريمة وآمنة لهم.

وفي هذا الإطار، قال الدكتور عادل سعيد سجواني، أخصائي طب الأسرة: «يرتبط كبر السن بتغيّرات جسدية، إضافة إلى تغيّرات أخرى على مستوى الصحة النفسية، إذ يتغير نمط حياة الأشخاص بعد تقدمهم في العمر، حيث يشعر الشخص بأنه قريب من آخر العمر، وتقل قدراته الوظيفية، ويحتاج إلى الدعم من المحيطين حوله، الأمر الذي يسبب له العديد من الأمراض النفسية لأسباب أيضاً تتمثل في فقدان الأحبة وابتعاد الأهل أو انشغالهم، مما قد يسبب له الاكتئاب والقلق والتوتر والخرف». مضيفاً: « كما أن أهم الأعراض النفسية الشائعة عند هذه الفئة هي الحزن المستمر والعزلة وصعوبة في النوم والأكل، والشعور بعدم الراحة واليأس لتصل إلى مراحل جسدية كصعوبة في المشي وعدم إدراك الوقت ».

اضطراب

وأشار الدكتور سجواني إلى أنه حسب منظمة الصحة العالمية فإن أبرز الأمراض النفسية الشائعة كالخرف والاكتئاب والقلق، لذا فإن الأمر بحاجة ماسة لبرامج حكومية داعمة لكبار السن وصحتهم النفسية.

تدهور معرفي

من جانبه، أوضح البروفيسور حميد بن حرمل الشامسي، رئيس جمعية الإمارات للأورام بأن من أكثر الاضطرابات النفسية الشائعة بين كبار السن، العزلة والاضطرابات العاطفية والقلق والخرف، ومنهم من يعاني من اضطرابات النوم والسلوك، والتدهور المعرفي، أو حالات الارتباك نتيجة الاضطرابات الجسدية أو التدخلات الجراحية.

خصوصية

بدوره، أشار الدكتور خليفة المقبالي، استشاري الطب والإرشاد النفسي وطب الإدمان، إلى أنه من المتوقع أن يزداد عدد كبار السن حول العالم وفي دولة الإمارات كذلك مما يترتب عليه زيادة عدد المرضى في هذه الشريحة المجتمعية، والتي لها خصوصية ومتطلبات مختلفة، لذلك فإن الأمر بحاجة لتكثيف البحوث الميدانية لتوقع التوجهات والتحديات والاستعداد لها.

دور فعال

من جهتها، لفتت فاطمة الزرعوني، طبيبة أسرة، إلى أن الصحة النفسية تعتبر أمراً أساسياً لضمان صحة جيدة لفئة كبار المواطنين، إذ تلعب دوراً فعالاً في تعافيهم من مختلف الأمراض التي قد يتعرضون لها، بالإضافة إلى دورها في تجنب مضاعفات وعواقب الأمراض المزمنة التي يعاني منها نسبة كبيرة من هذه الفئة.

وأضافت الزرعوني: «تنتشر بعض الأمراض النفسية بين فئة الكبار نتيجة عوامل عديدة منها الانعزال من الحياة الاجتماعية أو التقاعد من العمل الوظيفي وانعدام الأهداف وعوامل صحية وغيرها، ومن أبرز هذه الأمراض الاكتئاب والتوتر والهلوسة والخرف وغيرها».

انخراط إيجابي

وأوضحت أنه يتحتم على الجهات المعنية الأخذ بيد كبار المواطنين، ودعمهم لتحقيق ضمان صحتهم النفسية، وذلك من خلال تشجيعهم على الانخراط بشكل إيجابي في المجتمع، ومنح الفرصة لهم لتحقيق تفاعلهم مع أفراد الأسرة من خلال الحديث والنقاش .

1من6

أوضح البروفيسور حميد بن حرمل الشامسي، أنه وفقاً لمؤشرات عالمية فإن كبار السن معرضون للإساءة في المعاملة ، بما في ذلك الاعتداء الجسدي واللفظي والنفسي والمالي وغير ذلك، وتشير الدلائل الحالية إلى أن 1 من كل 6 من كبار السن يتعرض لإساءة المعاملة، لذا فإنه لا يمكن أن تؤدي إساءة معاملة المسنين إلى إصابات جسدية فحسب، بل تؤدي إلى عواقب نفسية خطيرة وطويلة الأمد في بعض الأحيان، بما في ذلك الاكتئاب والقلق.

وأكد أنه يمكن لمقدمي الرعاية الصحية وخاصة أولئك الذين يتلقون الرعاية الأولية، أن يلعبوا دوراً رئيسياً في تعزيز الصحة النفسية لكبار السن من خلال العمل مع متخصصي الصحة النفسية والحكومات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والأسر والمجتمعات لتوفير رعاية صحية نفسية شاملة وبيئات داعمة، بالإضافة إلى تشجيع كبار السن على المشاركة بنشاط في مجتمعاتهم، بينما يجب على صانعي السياسات ضمان معالجة مخاوف كبار السن المتعلقة بالصحة النفسية في التخطيط والسياسات الصحية الوطنية.