أقر مجلس النواب اليمني أمس وبالاجماع معاهدة الحدود البرية والبحرية الموقعة مع السعودية وأوصى الحكومة التوصل مع الرياض لتنفيذ الملاحق السياسية والاقتصادية والأمنية والخدمية التي تضمنتها معاهدة الطائف. وصادق النواب الـ 247 الحاضرون من أصل 301 نائب على المعاهدة، وتأكدوا من خلال شروح الخبراء على خريطة الحدود عودة أكثر من 40 ألف كيلو متر مربع في المناطق الشرقية وثلاثة آلاف كيلو متر مربع بحري في البحر الأحمر تشمل أربع جزر هي ذو حراب والدويمة وسيول ربا ومربين. وأصدر مجلس النواب في نهاية جلسة أمس والتي اتسمت بالهدوء ورأسها الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وحضرتها الحكومة برئاسة الدكتور عبدالكريم الارياني وجميع أعضاء المجلس قانونا بالمصادقة على المعاهدة وملاحقها بعدما صوت لصالحه جميع النواب بمن فيهم النواب الثلاثة الذين تحفظوا على المعاهدة وهم النائبان المستقلان (اشتراكيان) طاهر علي سيف ويحيى منصور أبو اصبع والنائب الناصري سلطان حزام. وأكد النواب ان 310 علامات ستوضع على الحدود البرية بطولة 1200 كيلو متر, وستقوم شركات أجنبية بوضعها. وشرح أعضاء في اللجنة الفنية للحدود للنواب على خريطة كبيرة خط الحدود المرسم بموجب معاهدة جدة الموقعة يوم 12 يونيو وتأكد تطابق خط الحدود الممتد من رأس المعوج على البحر الأحمر وحتى جبل الثار شرقا مع الخط المرسم بموجب معاهدة الطائف التي وقعها البلدان عام 1934 فيما اعتمد خط كومو الذي اتفق عليه بين الرئيس علي عبدالله صالح والأمير سلطان بن عبدالعزيز قبل عامين خطا حدوديا للمنطقة الممتدة من جبل الثار وحتى نقطة 19/52 التي تلتقي عندها حدود اليمن وعمان والسعودية وهذا الخط يقع إلى الشمال من خط الاستقلال الذي رسمته بريطانيا لليمن الجنوبي سابقا كما انه يبعد كثيرا باتجاه الشمال عن المراكز الحدودية السعودية الحالية وأكدت اللجنة ان اجمالي المساحة المسترجعة بموجب المعاهدة تزيد على 40 ألف كيلو متر مربع. وكشفت اللجنة ان مفاوضات شاقة ومعقدة أجريت حول خط الحدود البحرية تواصلت حتى اللحظات الأخيرة من توقيع المعاهدة وكشفت ان الرئيس علي عبدالله صالح وصل إلى جدة يوم 11 يونيو الجاري ولم يكن هناك أي اتفاق على هذا الخط وان كل طرف كان لديه تصوره وان المفاوضات أسفرت عن موافقة الجانب السعودي على جزء كبير من التصور اليمني بما في ذلك نقطة ابتداء الخط عند رأس المعوج ومنها رسم الخط الحدودي البحري وبموجب ذلك عادت إلى اليمن أكثر من ثلاثة آلاف كيلو متر مربع بحري وأربعة جزر هي الدويمة التي تسيطر السعودية على جزء منها وسيول ربا ومربين وذو حراب ذات الموقع الاستراتيجي والتي تسيطر السعودية عليها أيضا. ووصفت اللجنة البرلمانية التي كلفت بدراسة المعاهدة وتقديم تقرير عنها المعاهدة في التقرير الذي قرئ على الأعضاء بأنها تاريخية وتوقعت أن يكون لها أثر كبير في توطيد الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز التعاون بين البلدين في المجالات المختلفة, وأوصت النواب باقرارها لانها بالاضافة إلى ما سبق لا تتعارض مع نصوص الدستور ولتأكيدها الزامية وشرعية معاهدة الطائف وملاحقها لكنها أوصت الحكومة بالتوصل مع السعودية لتنفيذ ملاحق معاهدة الطائف التي تشمل الجوانب الاقتصادية والأمنية والسياسية والخدمات والتنقلات للزائرين والحجاج والتجار. كما أوصت بانشاء طريق معبدة تربط بين البلدين في المناطق الشرقية واعداد الخرائط الجغرافية المفصلة لكافة أراضي البلاد وحدودها البرية والبحرية. وقبل الدكتور عبدالكريم الارياني باسم الحكومة تنفيذ التوصيات وتحدث في كلمة مسهبة عن الخلفية التاريخية والقانونية لقضية الحدود اليمنية السعودية وفند بنود معاهدة الطائف وقال انها قاصرة ومنقوصة ولم تكن تصلح لترسيم الحدود, واعتبر ان معاهدة جدة الأخيرة أنهت بالفعل أقدم وأعقد نزاع حدودي في المنطقة فيما بشر نائبه وزير الخارجية عبدالقادر باجمال الذي وقع على المعاهدة عن الجانب اليمني النواب بعلاقات وطيدة مع السعودية تنتقل من الجيرة إلى الشراكة حسب تعبيره. وقال ان المصالح المرجوة الآن أهم وأكبر مما هي عليه في معاهدة الطائف موضحا ان قدوم الاستثمارات السعودية إلى البلاد سيغني العمالة اليمنية عن الهجرة وسيدعم الاقتصاد. وأضاف ان تنفيذ المعاهدة الجديدة سيتطلب وقتا وبخاصة عند وضع الساريات والعلامات الحدودية. ووافق أغلبية النواب على التصويت على المعاهدة دون تعليق لكن رئيس المجلس أتاح الفرصة لعدد من النواب ممن طلبوا الكلام وبينهم رئيس كتلة الوحدوي الناصري عبدالله المقطري الذي تحدث باسم القوميين واعتبر (ان المعاهدة بما تحققه من استقرار في المنطقة وفي البلدين وبما تتيحه لهما من التفرغ للتنمية والبناء الداخلي وبما تزرعه من ثقة أهم من الحدود المصطنعة) لكنه انتقد اغفالها الزامية المواد التي تنظم العلاقات الاقتصادية والتنقلات المتضمنة في معاهدة الطائف وتوقع حدوث مشكلات عند ترسيم الخط ومروره على قرى ومناطق آهلة بالسكان أما النائب المستقل يحيى منصور أبو اصبع فقد انتقد تجاهل المعارضة وعدم التشاور معها قبل التوقيع على المعاهدة. صنعاء ـ مراد هاشم