أدركت دبي مبكراً، أن المستقبل للتقنية، ولم ينفصل هذا الإدراك عن سياق رؤية الإمارات ككل. وعليه، تطمح دبي دوماً لامتلاك أحدث تقنيات العصر، فضلاً عن ابتكارها بنفسها. وكان طموح دبي مجال العالم الافتراضي «ميتافيرس»، أحدث حلقة في هذا الطموح. نرصد في ما يلي تطلعات دبي الافتراضية في أعين مسؤولين تنفيذيين بشركات تقنية كُبرى، تعمل بالإمارة، ونتعرف إلى آرائهم بشأن مدى قُدرة دبي على تحقيق هذه التطلعات.
الواقع يدعم قدرة دبي:
في 17 من يوليو الماضي، أطلق سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، بتصنيف «استراتيجية دبي للميتافيرس» الهادفة إلى ترسيخ مكانة دبي، ضمن أفضل 10 مُدن في الاقتصادات الرائدة في مجال «ميتافيرس»، وجعلها مركزاً رئيساً لمجتمع «ميتافيرس» العالمي، ومضاعفة عدد الشركات المتخصصة في مجال سلاسل الكتل «بلوك تشين» 5 أضعاف، قياساً بالعدد الحالي، وتعزيز النجاح الذي حققته دبي، باستقطاب 1000 شركة تعمل في مجال «بلوك تشين» و«الميتافيرس»، ودعم 40 ألف وظيفة افتراضية، تسهم في الازدهار الاقتصادي في دبي، بحلول عام 2030.
يُجمع خبراء التقنية المُقيمون في دبي، على امتلاكها للقدرات والإمكانات اللازمة لتطبيق هذه الاستراتيجية على أرض الواقع، وتحويلها إلى حقيقة ملموسة.
ريتشا باتيل، مؤسسة شركة «ميتاديكريبت بلوك تشين للتقنية والاستشارات» ورئيستها التنفيذية. وتُعد الشركة رائدة على مستوى دبي، والإمارات والمنطقة في مجال «ميتافيرس»، وأيضاً في تطوير تقنية «بلوك تشين»، تقول باتيل: «تُعد دبي نموذجاً للإبداع والابتكار، فأينما أدرت رأسك أثناء سيرك في شوارعها، ستقع عيناك على معلم ينطق بقدرة دبي على الإبداع. وعندما نسمع عن «استراتيجية دبي للميتافيرس»، نثق بأننا سنشهد يوماً ما، من خلال هذه الاستراتيجية، مستقبلاً استثنائياً في دبي».
وتضيف: «إن اتخاذ هذه الخطوة من جانب دبي، سيساعدها في بناء نظام بيئي اقتصادي، سيكون في صدارة مُجتمع «ويب 3.0»، أي الجيل الثالث من الشبكة الدولية للمعلومات، وهو الجيل الذي يُلائم «ميتافيرس»، وما يقترن بها ويتلازم معها من مفاهيم وآليات تقنية جديدة، مثل «بلوك تشين»، الأصول المُشفّرة والرموز غير القابلة للاستبدال. إنها فرصة نموذجية لتأسيس مستقبل مُذهل، ينعم فيه الجميع بالنجاح. وستقود الشركات التقنية الناجحة، دبي، صوب هذا المستقبل.
ويرى على شبدار، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى شركة «زوهو» لتقنية المعلومات وتطوير البرمجيات والحوسبة السحابية، أن «ميتافيرس» سيخلق عالماً جديداً كاملاً من الفرص، التي من شأنها مساعدة الشركات على التوسع في العالم الافتراضي، كما لو كان في العالم الحقيقي تماماً.
ويوضح شبدار أن فكرة «ميتافيرس»، تعتمد بالأساس على تطوير مستويات التفاعل البشري في كافة أنشطة البشر، بما في ذلك التجارة، ما يخلق ثروة من البيانات الجاهزة للاستخدام التجاري، حيث تستغلها الشركات في تعظيم كفاءة عملياتها، وإتاحة تجارب أكثر خصوصية للعُملاء.
ويتابع: «بخصوص حجم سوق «ميتافيرس»، من المتوقّع أن تبلغ قيمتها 800 مليار دولار، بحلول عام 2024».
ويرى سوريش شنكر، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة «كرايون دايتا»، المتخصصة في البيانات الكبرى والذكاء الاصطناعي، أن «ميتافيرس» يجلب لروّاده تجارب حسية ثلاثية الأبعاد ثرية، في صيغة رقمية. وبتعبير آخر، فإن «ميتافيرس»، يُعد بالأساس بمثابة طريقة جديدة لتجربة العالم. ولأن دبي قامت بالأساس أيضاً على توفير التجارب الجديدة والرائدة لمن يعيش فيها أو يزورها، فإن دبي هي خير من يجسد «ميتافيرس».
ويقول: «يُعد اقتصاد دبي واحداً من الاقتصادات الرائدة على مستوى العالم، في اعتماده على المعرفة، ما يجعله في وضع مُتميز بين باقي اقتصادات العالم، في قدرته على الاستفادة من الابتكار الرقمي الذي تشهده «ميتافيرس». وأرى أن حكومة دبي، تصنع قفزة هائلة في تشجيع الابتكارات التي من شأنها أن تجعل دبي مركز «ميتافيرس» على مستوى العالم، وتسعى على نحو فعال، لتحفيز أصحاب هذه الابتكارات، تنفيذاً لرؤية سمو الشيخ حمدان بن محمد».
ويؤكد أمارجيت سينغ رئيس قسم الامتثال لدى شركة «شرف للصرافة»، أن التزام دبي بقيادة التحول الرقمي في المنطقة، سيكون هو المحرك الرئيس لتنفيذ رؤية سمو الشيخ حمدان، بشأن جعل دبي عاصمة «ميتافيرس» على مستوى العالم.
ويقول: «سيُصيغ «ميتافيرس» شكل الجيل المُقبل من الإنترنت في الإمارات، وأنا متفائل بشأن نجاح «استراتيجية دبي للميتافيرس»، وزيادة إسهام «ميتافيرس» في اقتصاد دبي إلى 4 مليارات دولار بحلول عام 2030، وأن تصبح دبي لاعباً أساسياً في العالم الافتراضي. ولدي تفاؤل أيضاً بشأن تأثير «ميتافيرس» في الأعمال التجارية في دبي، حيث سيساعدها في تعزيز كفاءتها ومستويات الشفافية لديها، كما سيعمل في الوقت نفسه على تحسين استدامة عملياتها».
تطبيقات وخدمات
قال سوريش شنكر، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة «كرايون دايتا»: «تُعد الإمارات بالفعل مركزاً تجريبياً لــ «ميتافيرس»، في ما يتعلق ببناء التطبيقات والخدمات، ذلك أن العديد من الشركات المتخصصة في هذا الشأن، قد أسّست بالفعل وجودها في الإمارات، وعليه، أتوقّع حدوث شيئين: الأول: أننا سنشهد الكثير من الإبداعات والتجارب في عالم «ميتافيرس». والثاني: أن تتنافس كبريات شركات «ميتافيرس» العالمية على الوجود في دبي».