"إعادة التصدير" .. خط أحمر صيني في الحرب التجارية!

تتعايش الصين مع الحرب التجارية مع الولايات المتحدة وتدير الأزمة من دون التخلي عن مسار الاتفاق مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. لكنها أيضاً حددت خطاً أحمراً موجهاً للدول المتعاونة مع أمريكا، وتحديداً مسألة "إعادة التصدير" من دول ثالثة حيث يضغط ترامب على الدول المستضيفة للصناعات الصينية ليشملها الحظر أو نسبة الرسوم المفروضة على الصين، وشبهتها بأن الرضوخ لواشنطن في هذه المسألة مثل التفاوض مع نمر من أجل جلده، نظراً لأن الضرر يلحق الدول نفسها التي تستضيف المصانع الصينية التي تصدر دون علامة "صنع في الصين"!

تريد بكين الحرب التجارية مع الولايات المتحدة قضية ثنائية، ولن تسمح بأن تنضم دول أخرى إلى جبهة تجارية تريد الولايات المتحدة تشكيلها في مجابهة بكين، لأن من شأن هذه الاستراتيجية أن تتحول إلى حصار تجاري.

في هذا السياق، حذرت الحكومة الصينية الدول الأخرى من تقييد التجارة مع الصين بهدف الحصول على إعفاء من الرسوم الجمركية الأمريكية، متعهدةً بالرد على الدول التي تفعل ذلك.

بيان وزارة التجارة الصينية رد على تقارير إعلامية أجنبية تفيد بأن إدارة الرئيس ترامب تحاول الضغط على الدول الأخرى بشأن تجارتها مع الصين كتكتيك تفاوضي.

وقالت الوزارة في بيان: "التهدئة لن تجلب السلام، والتسوية لن تكسب الاحترام". "إن السعي وراء ما يسمى بالإعفاءات من خلال الإضرار بمصالح الآخرين لتحقيق مكاسب أنانية وقصيرة النظر أشبه بالتفاوض مع نمر من أجل جلده. في النهاية، لن يؤدي ذلك إلا إلى وضع خاسر للجميع"، وهددت بأنها "ستتخذ إجراءات مضادة بحزم".

لم تُعلن إدارة ترامب رسميًا أنها ستضغط على الدول للحد من التجارة مع الصين مقابل تخفيف الرسوم الجمركية. لكن ترامب أشار إلى انفتاحه على الفكرة. في الأسبوع الماضي، في برنامج باللغة الإسبانية على قناة فوكس نيوز، سأل المذيع ترامب عما إذا كان ينبغي إجبار دول أمريكا اللاتينية على الاختيار بين الاستثمار الصيني والأمريكي. أجاب ترامب: "ربما، نعم، ربما"، ثم ألغى "ربما" من الاحتمالات بقوله: "يجب عليهم فعل ذلك".

كانت الولايات المتحدة أكبر سوق منفردة للسلع الصينية قبل فرض الرسوم الجمركية الأخيرة، لكن الحكومة الصينية تعمل منذ سنوات على تنويع أسواق صادراتها، جزئيا للتحوط من تصاعد التوترات مع واشنطن.

ومنذ التصعيد الأخير، تعمل الصين جاهدةً على تعزيز تلك العلاقات مع الدول الأخرى، لإرسال رسالة مفادها أنها لن تكون معزولة، ولتقديم نفسها كبديل موثوق لأمريكا. استضاف الرئيس الصيني، شي جين بينغ، رئيس وزراء إسبانيا في وقت سابق من هذا الشهر، وقام بجولة في عدة دول في جنوب شرق آسيا الأسبوع الماضي. في فيتنام، دعا شي الدول الأخرى إلى الانضمام إلى الصين في الدفاع عن التجارة الحرة و"بيئة دولية منفتحة وتعاونية". وفي ماليزيا، حثّ المنطقة على "رفض الانفصال التجاري، واضطراب الإمدادات" و"إساءة استخدام الرسوم الجمركية".

وفق صحيفة "نيويورك تايمز"، لا يقتصر الأمر على علاقات الصين التجارية المباشرة مع الدول الأخرى فحسب، بل يشمل أيضا مسارا محتملا لاستمرار وصول سلعها إلى الولايات المتحدة. فقد أنشأ المصنعون الصينيون في السنوات الأخيرة مصانع في دول مثل فيتنام والمكسيك، مما مكّنهم من مواصلة البيع للولايات المتحدة دون وضع علامة "صنع في الصين". إذا حدّت تلك الدول من تجارتها مع الصين، فستكون تلك المنافذ الخلفية معرضة للخطر.

وهناك بالفعل دلائل على أن بعض الدول قد تقدم تنازلات للولايات المتحدة تتعلق بالصين. فقد تعهد المسؤولون الفيتناميون بفرض إجراءات صارمة على إعادة الشحن، وهي ممارسة تُشحن فيها البضائع عبر دولة ثالثة ذات تعريفة جمركية أقل. واتهم مسؤولون أمريكيون الصين بإعادة الشحن عبر فيتنام.

كما امتنعت دول أخرى عن تأييد دعوات الصين للتكاتف ضد التعريفات الأمريكية. فبعد أن ذكر حساب على مواقع التواصل الاجتماعي تابع لوسائل الإعلام الرسمية الصينية أن الصين واليابان وكوريا الجنوبية اتفقت على رد مشترك، وصف مسؤول كوري هذا الادعاء بأنه "مبالغ فيه".

ويعلق بيرت هوفمان، المسؤول السابق في البنك الدولي والأستاذ المساعد في جامعة سنغافورة الوطنية، في تصريح لـ "نيويورك تايمز أن "أسلوب إدارة ترامب غير المنتظم في صنع السياسات سيجعل من أي اتفاقية تجارية معادية للصين مغامرة محفوفة بالمخاطر، إذ قد تغير الولايات المتحدة رأيها بين عشية وضحاها".