بعد أشهر من الغارات والقصف والقتال الضاري بين إسرائيل وحزب الله، تلوح في الأفق ولأول مرة بوادر هدنة ووقف لإطلاق النار في لبنان، فيما الميدان يمور بكثير تطورات أسفرت عن مقتل العشرات في بيروت والجنوب، فضلاً عن معارك ضارية مسرحها بلدة الخيام في محاولات للسيطرة عليها من قبل إسرائيل ودفاع مستميت عنها من حزب الله.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين وآخرين من دول المنطقة، قولهم إن ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله بدأت تتشكل، مشيرة إلى أن العمل مستمر على آلية تنفيذ وتطبيق الاتفاق المحتمل. ووفقاً للصحيفة، يتضمن الاتفاق المطروح الدعوة إلى هدنة 60 يوماً تنسحب خلالها القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وينسحب مقاتلو حزب الله إلى شمال نهر الليطاني.
ويشمل الاتفاق أيضاً انتشار الجيش اللبناني، وبعثة أممية لحفظ السلام في المنطقة الحدودية خلال فترة الهدنة، مع وضع آلية جديدة برئاسة الولايات المتحدة تضمن بقاء حزب الله والقوات الإسرائيلية خارج المنطقة الحدودية. وقال المسؤولون، إن المفاوضين يأملون أن تصمد الهدنة مدة 60 يوماً كي تتحول إلى دائمة خلال عهد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، مشيرين إلى أن جميع القضايا الرئيسية التي لا تزال دون حل تدور حول آلية التنفيذ.
التزام
في السياق، كرر وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، التزام الولايات المتحدة التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، خلال مباحثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس. وقال ناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية، إن أوستن جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة حلاً دبلوماسياً في لبنان يمكن المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين من العودة الآمنة إلى ديارهم على جانبي الحدود.
قتلى غارات
ميدانياً، قالت وزارة الصحة اللبنانية، إن 15 شخصاً قتلوا في غارة جوية إسرائيلية عنيفة على وسط بيروت، أمس، فيما لقي 13 آخرون حتفهم في هجمات شمال شرقي العاصمة اللبنانية، وذلك في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل حملتها العسكرية على حزب الله. وأضافت الوزارة، أن ثمانية قتلى، أربعة منهم أطفال، سقطوا في هجوم على بلدة شمسطار، إلى جانب مقتل خمسة آخرين في هجوم على بلدة بوداي. وتقع القريتان في بعلبك.
وأفاد مصدر أمني لبناني، بأن مبنى من ثمانية طوابق سقطت عليه أربعة صواريخ، بينها أنواع خارقة للتحصينات ومصممة لضرب أهداف تحت الأرض.
وفي موقع الغارة الإسرائيلية بوسط بيروت، قال البرلماني أمين شري، إنه لم يكن هناك أي قادة من حزب الله في المبنى وقت تعرضه للقصف. وهزت الانفجارات، أمس، بيروت في حوالي الساعة الرابعة صباحاً وأحدثت حفرة عميقة.
وظلت رائحة المتفجرات تفوح في بيروت بعد ساعات من الهجوم. وبحثت فرق الإنقاذ بين الأنقاض في منطقة بالمدينة تشتهر بمتاجر التحف.
معارك حدودية
كما تتواصل الاشتباكات بين مقاتلي حزب الله، والجيش الإسرائيلي، في بلدة الخيام القريبة من الحدود في جنوب لبنان، مع محاولات للجيش الإسرائيلي لتسجيل تقدم فيها. على محور آخر، أفادت الوكالة الوطنية للأنباء، عن اشتباكات عنيفة عند منطقة البياضة في القطاع الغربي لجنوب لبنان، ذات الموقع الاستراتيجي والتي تبعد نحو 7 كلم من الحدود. وأوردت الوكالة باستمرار الاعتداءات الإسرائيلية على بلدة الخيام، طوال الليل باستعمال شتى أنواع الأسلحة في عملية توغل ومحاولة للسيطرة على البلدة.
وقالت الوكالة، إن الجيش الإسرائيلي يحاول في خطته للتقدم البري في البلدة، تطويقها من جميع الجوانب والمحاور، مع غطاء جوي وبري واسع، في موازاة عمليات تفخيخ لمبان ومنازل، فيما يحاول مقاتلو حزب الله التصدي لمحاولات التقدم الإسرائيلية في البلدة. وأشارت الوكالة الوطنية، إلى أن محاولات تقدم الجيش الإسرائيلي باتجاه البلدة ترافقت مع تكثيف القصف الجوي والمدفعي. وأعلن حزب الله، أن عناصره استهدفوا تجمعات لقوات إسرائيلية عند مثلث دير ميماس - كفركلا وشرقي مدينة الخيام، بصلية صاروخية.
صواريخ
وقال الجيش الإسرائيلي، إن 5 صواريخ سقطت على بلدة المطلة، شمالي إسرائيل، بالقرب من الحدود مع لبنان. وأفادت صحيفة هاآرتس، أمس، نقلاً عن العمدة المحلي، بأن الصواريخ سقطت على أرض زراعية رغم أنه في حالة واحدة وقع صاروخ بالقرب من مكان كان يتجمع فيه عمال مزارع.
إلى ذلك، حمل الجيش الإسرائيلي، حزب الله المسؤولية عن إطلاق قذائف أدت إلى إصابة أربعة مراقبين إيطاليين من بعثة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، في موقع متقدم في منطقة شمع في جنوب لبنان. وقال الجيش، إن عمليات الإطلاق نفذت من قرية دير قانون النهر.