فرت مئات العائلات من الضاحية الجنوبية لبيروت، على وقع غارات إسرائيلية متتالية، استهدفت معقل حزب الله وإنذارات بإخلاء مناطق عدة. وبعد توجيه الجيش الإسرائيلي إنذاراً لسكان بعض أحياء الضاحية بالإخلاء شهدت العديد من شوارع بيروت زحمة سير، في توقيت غالباً ما تكون فيه فارغة تماماً، ومظلمة بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
وفي حين كان الجيش الإسرائيلي يشن غارات عنيفة متتالية أضاءت سماء الضاحية الجنوبية تجمع رجال ونساء وأطفال في ساحة الشهداء في وسط العاصمة، وكذلك على كورنيش عين المريسة، حيث افترشوا الأرض، وقد ارتسم القلق على وجوههم.
وأمضى النازحون ليلتهم بالعراء، حيث افترشوا الكورنيش البحري، والساحات القريبة من منطقة البيال. وكانت السيارات محملة بالأفرشة وحقائب أغراض النازحين، وينام أطفال في بعضها، بينما النساء والرجال يقفون إلى جانبها، أو يفترشون الأرض بمحاذاتها.
وقال رضوان مسلم وهو سوري لجأ قبل سنوات من حلب إلى حي الليلكي في الضاحية الجنوبية، إحدى المناطق التي استهدفتها الغارات الإسرائيلية: «كنا في المنزل وجاءنا تبليغ بضرورة إخلاء الليلكي تمهيداً لقصفها. أخذنا الأغراض اللازمة وحقائبنا مع هوياتنا وخرجنا». وأكد الأب لستة أبناء، أكبرهم 17 عاماً وأصغرهم 3 سنوات: «لا مكان لنا نبقى فيه، والعودة للعيش في سوريا صعبة للغاية».
وقرب منطقة الزيتونة باي، يستظل رجل ستيني بمبنى فندق، حيث وصل إلى المنطقة، ولم يرافقه أحد. وقال: إنه استقل حافلة نقل عام باتجاه طريق صيدا القديمة، وسار قليلاً قبل أن يقلّه نازح أيضاً بسيارته. وأردف: «فرضت إسرائيل علينا حرباً مفاجئة. عائلتي باتت في مكان آمن، لكنني كنت رافضاً للخروج من منزلي». ويفكر الرجل بـ«تفاصيل صغيرة»، حسب قوله، مثل: «الخجل من تكرار الطلب من موظفي الفندق أو المطاعم المحاذية السماح بدخول حماماتها»، وهي واحدة من تفاصيل يفكر بها النازحون الذين يصفون أنفسهم بـ«ناجين من الموت بالضاحية».
إلى ذلك، فر أكثر من 50 ألف شخص إلى سوريا، التي تعاني من الحرب الأهلية، نتيجة للهجمات الإسرائيلية المستمرة في لبنان وفقا للأمم المتحدة.وأعلن المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، فيليبو جراندي، على منصة إكس، أمس، أن جهود الإغاثة جارية بالتنسيق مع الحكومتين لمساعدة جميع المحتاجين. بالإضافة إلى ذلك، هناك أكثر من 200 ألف شخص نازحين داخليا في لبنان. ووفقاً لمعلومات الحكومة، يعيش حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري وغيرهم من السوريين الذين ليسوا لاجئين حاليا في لبنان.