الدنمارك تحشد أوروبا لحماية غرينلاند

فريدريكسن وشولتس في مؤتمر صحافي في برلين
فريدريكسن وشولتس في مؤتمر صحافي في برلين

في زيارتها للعاصمة الألمانية برلين، حصلت رئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن على دعم من ألمانيا في النزاع الجاري في شأن سعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الاستحواذ على جزيرة غرينلاند التابعة لمملكة الدنمارك.

وفي الزيارة، قال شولتس في برلين أمس: «لا يجوز تغيير الحدود بالقوة - هذا موجه إلى كل من يهمه الأمر». وأردف: «سلامة الحدود مبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي... يجب أن ينطبق المبدأ على الجميع».

ولضمان الحصول على دعم الدول الحليفة، قامت فريدريكسن بجولة أوروبية ليوم واحد بدأت صباحاً بلقاء شولتس في برلين، ثم اجتمعت بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، ومن المقرر أن تلتقي لاحقاً الأمين العام لحلف ناتو، مارك روته، في بروكسل. وذكر مكتب رئاسة الوزراء الدنماركية أن «تعزيز الوحدة الأوروبية» مدرج في جدول أعمال فريدريكسن.

تضامن أوروبي

وقبل يومين فقط، كانت فريدريكسن دعت شركاءها من دول الشمال الأوروبي إلى كوبنهاغن، حيث اجتمعت إلى مائدة العشاء مع رئيس وزراء السويد أولف كريسترسون، ورئيس وزراء النرويج يوناس غار ستور، ورئيس فنلندا ألكسندر شتوب، بهدف توصيل الرسالة ذاتها التي قصدتها من الجولة ومفادها «أننا متضامنون في أوروبا».

وتحاول فريدريكسن تجنب الحديث بشكل مباشر عن هذه المشكلة، ويرجع ذلك إلى تجربتها مع ترامب في ولايته الأولى، حينما وصفت اقتراحه شراء غرينلاند في سنة 2019 بأنه «سخيف»، ورد عليها ترامب واصفاً تصريحاتها بأنها «شريرة»، وألغى على الفور زيارة كانت مقررة إلى الدنمارك.

هذه المرة، تتصرف فريدريكسن بحذر أكبر، ولكنها تجد نفسها في موقف صعب بين طرفين فهي لا تريد استفزاز غرينلاند ولا الولايات المتحدة، التي تُعد أكبر شريك تصدير للدنمارك.

ومع ذلك، يمكن استشفاف من تقصده السياسية الدنماركية بتصريحاتها فعلى سبيل المثال، قالت وهي تقف إلى جوار شولتس: «أوروبا، قارتنا، تقوم على فكرة أن التعاون، وليس المواجهة، هو الذي يؤدي إلى السلام والتقدم والازدهار. دعونا نحافظ على هذا المبدأ».

في الوقت نفسه، بدأ يحدث تغيير تدريجي في التفكير في الدنمارك، وهو ما كانت تطالب به جزيرة غرينلاند إذ يشعر سكان أكبر جزيرة في العالم بأنهم لم يحظوا حتى اليوم بالتقدير الكافي من قبل القوة الاستعمارية السابقة، ويتهمونها بتجاهلهم سياسياً ومعاملتهم بازدراء في بعض الأحيان.

رغبة في المساواة

وفي هذا السياق، أوضح أولريك برام جاد، خبير جزيرة غرينلاند في المعهد الدنماركي للدراسات الدولية في كوبنهاغن أن سكان غرينلاند يرغبون أخيراً في أن يُعاملوا كجزء متساوٍ ومتكافئ داخل الدنمارك.

وذكر أن السياسيين في الجزيرة من جميع الأطياف السياسية عبّروا عن هذا المطلب بشكل واضح في مناظرة تلفزيونية. وأضاف جاد: «كانوا متفقين بشكل عام على أنه من المحبط للغاية أن الأمر تطلب وجود شخص مثل ترامب لجذب انتباه الدنمارك».

واستبعد وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكي راسموسن فكرة ضمّ غرينلاند إلى الولايات المتحدة، رغم الدعوات المتكرّرة التي أطلقها ترامب في هذا الصدد. وقال في تصريحات صحافية إن «ترامب لن يحصل على غرينلاند.

فغرينلاند هي غرينلاند وشعبها محميّ بموجب القانون الدولي. لذا، قلنا غير مرّة إن غرينلاند هي من تقرّر في نهاية المطاف في شأن وضعها». وعلى خلفية مواقف ترامب، أعلنت الحكومة الدنماركية الإثنين أنها ستعزز وجودها العسكري في القطب الشمالي وشمالي الأطلسي بثلاث سفن جديدة للمياه المحيطة بغرينلاند وطائرات مسيرة طويلة المدى وأقمار اصطناعية إضافية، بتكلفة يبلغ مجملها ما يقرب من ملياري يورو.