«المجلس الأطلسي» يحذر من انهيار اقتصادي في ليبيا

حذر «المجلس الأطلسي» من مسار انهيار اقتصادي تتجه إليه ليبيا بسبب حجم الفساد المسيطر على المؤسسات، والنفوذ الضخم الذي تملكه التشكيلات المسلحة في الهياكل النقدية والمالية، كما جاء في تقرير للمجلس نشره موقع «روسيا اليوم». وأكد الباحث في برنامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي عماد الدين بادي، أن إنهاء هذا المسار يتطلب أكثر من مجرد إرادة سياسية. وأشار إلى أن قرار المصرف المركزي بتعديل سعر الصرف الرسمي حل مؤقت لوقف الانهيار الاقتصادي، لافتاً إلى أن قفزة سعر الصرف في السوق الموازية دليل على فقدان ثقة المواطن الليبي بالمؤسسات المالية للدولة.

وشدد على ضرورة حماية المؤسسات وضمان وجود آليات المحاسبة والإشراف العام، والكشف الإلزامي عن أوجه النفقات والعائدات، كخطوة أولى لوقف الفوضى السائدة في المؤسسات النقدية والمالية، معتبراً أن توحيد الحكومة دون إصلاح الهيكل النقدي سيؤدي إلى مركزية الفساد تحت مظلة إدارة موحدة.

كارثة الانهيار

وتحدث عن إيقاع مستمر منذ سنوات يكشف كارثة الانهيار الاقتصادي في ليبيا، حيث انتقلت البلاد من حالة الاختلال الوظيفي نحو الانهيار الكامل، فما بدا أنه مستنقع هش متماسك بفعل عائدات النفط، وميزان هش من النقد الأجنبي، بات في حالة ماسة إلى الإصلاح، موضحاً أنه لا يمكن إنكار البيانات النقدية بعد الآن.

وحذر اقتصاديون ومحللون لأشهر طويلة من هذا المسار، ولم تعتمد تلك التحذيرات على نماذج مجردة بل على ملاحظات يومية، أبرزها التضخم المرتفع، وعجز الموازنة الآخذ في الاتساع، والاختفاء التدريجي للإشراف العام.

وفي حين اعتبر مراقبون قرار المركزي تعديل سعر الصرف الرسمي خطوة لاحتواء الأزمة، عده مقال المجلس الأطلسي «حلاً مؤقتاً، في مسعى لاستيعاب التجاوزات السياسية بفضاء نقدي آخذ في التقلص».

وقال بادي: «تبرز تلك الخطوة حقيقة أكثر عمقاً لم تعد المؤسسات المالية في ليبيا هي من يقود دفة الاقتصاد بل تستعد للتفكك.. ظاهرياً لا يزال النفط يتدفق وتستمر الرواتب في الوصول إلى موظفي القطاع العام لكن عملياً الاقتصاد في حالة تفكك».

سحب ثقة

فقد قفز سعر الصرف في السوق الموازية إلى 7.8 دنانير للدولار خلال 48 ساعة فقط من قرار المصرف المركزي، وهو ما اعتبره المقال «تصويتاً بسحب الثقة من القائمين على المؤسسات المالية والنقدية في البلاد».

وأضاف الباحث في برنامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي: «المؤسسات التي عملت في السابق على إرساء الاستقرار في النظام، عبر الإشراف على الموازنة وتدقيق دائرة العائدات والإشراف المركزي، قد تقلصت ولم يتبق سوى اقتصاد يعتمد على الارتجال والصفقات الخفية والمواءمة السياسية».

ووفق المصدر ذاته، فقد سيطرت على مدى السنوات الماضية آليات وصفها المقال بـ«الغامضة والمرتجلة» بشكل ثابت، واستبدلت قنوات العوائد الرسمية، لعل أبرزها الصفقات المشبوهة لمبادلة الخام مقابل النفط.

وقال: «عُدت تلك الآليات في بادئ الأمر تنازلات ممكنة، وثمناً ضرورياً من أجل الحفاظ على الهدوء الهش وتجنب تجدد الصراع، لكن تطور الوضع إلى نظام اقتصادي تغيب فيه المساءلة، وأصبحت صفقات مبادلة الخام مقابل الوقود أنشطة منتظمة تجرى عبر قنوات مشبوهة دون أي إشراف رسمي».

وفي الأثناء، تمكنت المجموعات المسلحة من ترسيخ نفسها بشكل أعمق في هيكل اقتصاد الطاقة بليبيا. ففي شرق وغرب البلاد، رسخت التشكيلات المسلحة نفسها في المؤسسات الحيوية، مثل شركة الكهرباء العامة، حيث تتأثر الاختيارات التشغيلية بمعايير طبقة الفساد التي وصفها المقال بـ«كليبتوقراطية» أكثر من المعايير المؤسسية.