خطة عربية بديلة للتهجير الترامبي.. هل تنجح؟

فلسطينيو غزة يقيمون خياماً على أطلال بيوتهم ويرفضون المغادرة
فلسطينيو غزة يقيمون خياماً على أطلال بيوتهم ويرفضون المغادرة

تقلب دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن تهجير أبناء قطاع غزة، إلى مصر والأردن ودول أخرى، الأوراق في الشرق الأوسط، وتنسف أدبيات سياسية درجت عليها المنطقة في سياق الرؤى والاقتراحات المتعلقة بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبحد أدنى ممثل بـ«حل الدولتين» الذي بات على حافة الشطب.

وواجهت دعوة ترامب ردود فعل إقليمية ودولية رافضة واسعة النطاق، كما أثارت تحركاً عربياً موحداً، ما يجعل من إمكانية نجاح هذه الدعوة، التي لم يؤيدها سوى قادة إسرائيل شبه مستحيل، في الوقت الذي يؤكد فيه الغزيون قولاً وسلوكاً رفضهم مغادرة غزة.

تقارير إسرائيلية كشفت عن تفاصيل خطة عربية بديلة لدعوة ترامب التي راق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الغناء على إيقاعها.

وتتضمن الخطة إعادة إعمار غزة من دون تهجير للفلسطينيين، ومن دون سيطرة حركة حماس، وفقاً لما نقلته وكالة سبوتنيك عن مصدر مشارك في إعداد الخطة، في تصريحات أدلى بها لقناة «i24 News» الإسرائيلية، الأحد.

المصدر لفت إلى أنه سيتم الإشراف على إعادة الإعمار من جانب «إدارة فلسطينية» مستقلة، منفصلة عن السلطة الفلسطينية، لكنها تعتمد عليها، بحسب قوله.

تحرك نشط

وفي سياق تحرك نشط للقاهرة، وهي معنية بمواجهة خطة التهجير، استضافت أمس، الاجتماع الرابع للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين بحضور وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، وبمشاركة المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين «أونروا» فيليب لازاريني، وكبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة سيغريد كاخ، وأكثر من 35 دولة ومنظمة وهيئة إقليمية ودولية.

وجدد عبدالعاطي، في الكلمة الافتتاحية، رفض مصر لأي تهجير للفلسطينيين من أرضهم، والتزام مصر بتنفيذ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية.

الموقف المصري مدعوم من العالم العربي والمجتمع الدولي الأوسع، باعتبار أن التهجير يشكل انتهاكاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتهديداً للاستقرار الإقليمي.

عبدالعاطي شدد على أن الأزمة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية تؤكد ضرورة تقديم الدعم للدور الحيوي الذي تلعبه وكالة الأونروا، في حين شدد لازاريني على أهمية الدور المحوري الذي تلعبه الوكالة في تقديم الخدمات للشعب الفلسطيني.

قمة إقليمية

ومع وصول وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى الرياض، نقلت وكالة فرانس برس عن مصدر سعودي أن الرياض ستستضيف قمة إقليمية في وقت لاحق هذا الأسبوع لمناقشة الرد على خطة ترامب.

وتقول الولايات المتحدة إنها منفتحة على مقترحات عربية بديلة، في حين قال روبيو إنه في الوقت الحالي، «الخطة الوحيدة هي خطة ترامب».

وفي إسرائيل، قال روبيو: «لا يمكن لحماس أن تبقى قوة عسكرية أو حكومية، يجب القضاء عليها»، في حين قال نتانياهو إنه يتعيّن عليه أن يلتزم بخطة ترامب لما بعد الحرب في غزة.

وقال في بيان: «كما تعهدت أنه بعد الحرب في غزة لن تكون هناك لا حماس ولا السلطة الفلسطينية».

«كلّا للوطن البديل»في عمّان، أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أمس، أن موقفه من مسألة تهجير الفلسطينيين لم يتغير منذ اعتلائه العرش قبل 25 عاماً، وهو «كلّا للتهجير، كلّا للتوطين، كلّا للوطن البديل»، بحسب ما نقل عنه بيان للديوان الملكي.

وقال البيان إن الملك عبدالله أكد، خلال لقائه مجموعة من رفاق السلاح المتقاعدين، «موقف الأردن الثابت تجاه القضية الفلسطينية».

وأكد أن «الحفاظ على مصلحة الأردن واستقراره وحماية الأردن والأردنيين فوق كل الاعتبارات»، مشيراً إلى «أهمية العمل على إعادة إعمار غزة من دون تهجير الأشقاء الفلسطينيين».

وجدد التأكيد على أن «تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

وثيقة أوروبية

وفي توافق مع المواقف العربية، أظهرت وثيقة، أن الاتحاد الأوروبي يعتزم إبلاغ إسرائيل الأسبوع المقبل بأنه يجب ضمان عودة لائقة للفلسطينيين الذين نزحوا من منازلهم في قطاع غزة، وأن أوروبا ستسهم في إعادة بناء القطاع المهدم، وفقاً لوكالة رويترز.

ومن المقرر أن يوضح الاتحاد الأوروبي، وهو من كبار المانحين للفلسطينيين، موقفه للمسؤولين الإسرائيليين في محادثات ببروكسل يوم 24 فبراير في إطار مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وهي أول جلسة من نوعها منذ 2022.

وتؤكد وثيقة حول مسودة موقف الاتحاد الأوروبي، التزام أوروبا بأمن إسرائيل ووجهة نظرها بأنه «يجب ضمان عودة آمنة ولائقة للنازحين إلى منازلهم في غزة».

وأوضحت الوثيقة أن «الاتحاد الأوروبي يعبر عن استيائه العميق بشأن العدد غير المقبول من المدنيين، لا سيما النساء والأطفال، الذين فقدوا أرواحهم، والوضع الإنساني الكارثي الناجم بشكل خاص عن عدم دخول المساعدات الكافية إلى غزة، خاصة في الشمال».

ويرى مراقبون، استناداً لتجارب عقود من الصراع، أن خطة تتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني، لا يمكن لها أن تنجح، ناهيك عن فكرة التهجير التي لم تنجح، حتى في سنة 1948، في إنهاء القضية الفلسطينية، بل إنها صنعتها.