يحاول وسطاء هدنة غزة الدفع قدماً باتجاه تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، ما يمهد الطريق لإنهاء الحرب، وسط تقارير إسرائيلية ترجح العودة إليها، رغم وجود مفاوضات واتصالات حثيثة للحفاظ على الهدنة والانتقال للمراحل التالية.
حركة حماس تتحدث عن مؤشرات إيجابية بشأن إمكانية «البدء بمفاوضات المرحلة الثانية». وقال المتحدث باسمها عبداللطيف القانوع، في بيان إن «جهود الوسطاء المصريين والقطريين مستمرة لاستكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والبدء بمفاوضات المرحلة الثانية والمؤشرات إيجابية نحو ذلك».
وقال قيادي آخر لوكالة فرانس برس إن «حماس أبدت استعدادها للتوصل لصفقة تبادل لإطلاق سراح كل الأسرى الإسرائيليين ومن بينهم الأسرى الذين يحملون جنسيات أمريكية، والاتفاق حول المعايير الخاصة بعدد المعتقلين الفلسطينيين الواجب إطلاق سراحهم مقابل كل أسير».
وأكد القيادي الذي طلب عدم ذكر اسمه أن «حماس» تريد التوصل لاتفاق شامل يضمن وقفاً دائماً وشاملاً لإطلاق النار ويوفر الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة وإنهاء الحصار والبدء بإعمار القطاع وتوفير الدعم المالي بناء على مخرجات القمة العربية الطارئة الأخيرة في القاهرة.
وقد صدر أمس، دعم أوروبي للخطة العربية لإعادة الإعمار، ما يعني دعماً تلقائياً لإنهاء الحرب، حيث أعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، دعم الخطة العربية للتعافي المبكر وإعادة الإعمار في غزة. وزراء خارجية الدول الأربع أكدوا، في بيان نقلته وكالة «وام»، أن الخطة تظهر مساراً واقعياً لإعادة الإعمار وتتعهد، إذا تم تطبيقها، بتحسين سريع ومستدام للظروف المعيشية الكارثية للفلسطينيين في غزة.
استئناف الحرب
في الأثناء، تكشف «وول ستريت جورنال» عن أن إسرائيل أعدت خطة تدريجية لتصعيد الضغوط على «حماس»، بما في ذلك قطع إمدادات الحياة الأساسية عن غزة، وشن غارات، وإجبار سكان القطاع الذين عادوا إلى الشمال على الإخلاء مرة أخرى، وإعادة التوغل العسكري، إذا لم تطلق «حماس» سراح الأسرى المتبقين.
وبحسب الصحيفة، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بالعودة إلى الحرب إذا رفضت «حماس» الامتثال لمطالب الإفراج عن الأسرى المتبقين خلال ستة أسابيع.
وتقول إن إسرائيل بدأت تنفيذ أولى مراحل عودتها للحرب من خلال منع دخول السلع إلى غزة، أما المرحلة التالية وفقاً لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش، فتشمل قطع الكهرباء والمياه، الأمر الذي نوقش في اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي الأخير.
وقالت «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية إن إسرائيل قد تشن عملية عسكرية شاملة على غزة، تستخدم فيها قوات أكبر من تلك التي شاركت في جولات القتال السابقة بهدف إعادة احتلال أجزاء من القطاع.
وفيما تؤكد «اندبندنت عربية» أن الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية تامير هايمن - باعتباره رئيساً حالياً لمعهد أبحاث الأمن القومي - أشرف على إعداد وثيقة مبادئ تهدف إلى إنهاء الحرب، تقول إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد إيال زامير اعتبر العودة للقتال مسألة وقت، وأن واحداً من أبرز قراراته كان إقالة الناطق بلسان الجيش دانيال هاغاري.
وتشير الصحيفة إن عاماً ونصف عام من الحرب على مختلف الجبهات من دون انتصار كامل في أي منها، هو وضع دفع نخبة من المحللين والأمنيين والعسكريين السابقين في تل أبيب لوضع ما سموها «مبادئ توجيهية للعقيدة والسياسة للأمن القومي لعامي 2025 - 2026»، على أن تكون محوراً لاتخاذ القرارات بالاتجاه الذي يؤدي إلى إنهاء الحرب.
وثيقة مبادئ
وقال هايمن الذي أشرف على إعداد الوثيقة «إن إسرائيل تسعى لشرق أوسط جديد، وهي ما زالت تخوض حرباً لم تتحقق أهدافها بالكامل»، مضيفاً إن «ما نقدمه لصناع القرار وثيقة يجري العمل عليها منذ أشهر عدة وشارك فيها نخبة من المحللين المتخصصين في مختلف المجالات، ونريد أن تكون بمثابة بوصلة مهنية للأجهزة الأمنية، فضلاً عن كونها أساساً للخطاب العام والتفكير الاستراتيجي».
ورأى هايمن أن «الكل فشل... القيادة السياسية والأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية وغيرها من الجهات المرتبطة بالأمن القومي، بمن في ذلك منظمات المجتمع المدني ومعاهد البحوث، سواء من خلال المسؤولية المباشرة أو الارتباط غير المباشر».
ورغم أن معظم المشاركين في الوثيقة ممن يتبنون مطلب الانسحاب الكامل من غزة وبلورة صيغة تشمل هدوءاً في المنطقة، يشكل مضمون التوصيات في حد ذاته نوعاً من التوتر وإطالة الحرب.
نداء المفرج عنهم
طالب 56 أسيراً إسرائيلياً مفرجاً عنهم في عمليات التبادل، طالبوا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بالكامل وضمان الإفراج عمن تبقى من محتجزين في غزة.
وجاء في رسالة هؤلاء، التي نشرت ليل الجمعة عبر إنستغرام، «نحن الذين عشنا نعلم أن العودة إلى الحرب تهدد حياة أولئك الذين تركناهم خلفنا». وطالب الموقعون، ومنهم ياردن بيباس الذي لقيت زوجته وولداهما حتفهما أثناء الاحتجاز في القطاع، نتانياهو بـ«تنفيذ الاتفاق بالكامل».
ثمة عوامل تدفع باتجاه الحرب، وعوامل مضادة، وبينهما شعرة، فأيهما سيفرض نفسه. الأيام أو الأسابيع المقبلة تحمل الإجابة.