استأنف الجيش الإسرائيلي أمس، العمليات البرية وسط وجنوب قطاع غزة في وقت استمرت الغارات الجوية لليوم الثاني مودية بحياة أكثر من 60 فلسطينياً، إضافة لعشرات آخرين من الجرحى، وسط ارتفاع أصوات في إسرائيل تعتبر أن العودة للحرب هدفها إنقاذ حكومة بنيامين نتانياهو «المعلقة بخيط» مع أحزاب اليمين.
الجيش الإسرائيلي قال إن عملياته بسطت سيطرة على محور نتساريم وسط القطاع، بهدف إيجاد منطقة عازلة جزئية بين شمال وجنوب القطاع.
ونشر وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس بياناً مصوراً يحذر فيه سكان غزة من مغبة عدم الاستجابة لأوامر الإخلاء. وقال إن الضربات الجوية «خطوة أولى فحسب» وإن عدم الإفراج عن المحتجزين سيعني أن «إسرائيل ستتصرف بقوة لم تروها من قبل»، قائلاً «إما الإفراج عن الرهائن أو الدمار الشامل للقطاع»، حسب تعبيره.
وأضاف «خذوا بنصيحة رئيس الولايات المتحدة. أعيدوا المخطوفين وتخلّصوا من حماس، والخيارات الأخرى ستفتح أمامكم، بما في ذلك إمكان المغادرة إلى أماكن أخرى في العالم لمن يرغب في ذلك».
وذكرت قناة «روسيا اليوم» نقلاً عن مصادر طبية فلسطينية أن 60 فلسطينياً لقوا حتفهم وأصيب العشرات بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة أمس، لترتفع حصيلة من قضوا خلال 48 ساعة إلى 436 فلسطينياً، بينهم 14 قضوا في مجزرة حين قصفت الطائرات الإسرائيلية بيت عزاء لعائلة مبارك في بيت لاهيا شمال القطاع، كما أن 7 فلسطينيين قضوا بعد استهداف مركبة مدنية بمدينة رفح.
موظف أممي
وقالت الأمم المتحدة إن موظفاً من الجنسية البلغارية قتل وأصيب خمسة في ضربة جوية إسرائيلية على موقع يضم مقراً للمنظمة الأممية وسط مدينة غزة. وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة المدير التنفيذي لخدمات المشاريع جورجي موريرا دا سيلفا: «إسرائيل كانت تعلم أن هذه البناية للأمم المتحدة وأن أشخاصاً يعيشون ويقيمون ويعملون فيها.. إنه مجمع. إنه مكان معروف جداً».
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس، بالهجمات على موظفي المنظمة، مضيفاً، في بيان صادر عن المتحدث باسمه، إن كل الأطراف تعرف أماكن مباني المنظمة الدولية. ودعا إلى إجراء تحقيق شامل.
وضع مضطرب
وأثارت عودة نتانياهو للحرب، احتجاجات في إسرائيل. واتهم ائتلاف معارض، يضم عائلات أسرى ومحتجين يرفضون إجراءات نتانياهو بحق القضاء والأجهزة الأمنية، رئيس الوزراء باستغلال الحرب لتحقيق أغراض سياسية.
وفي ذات الاتجاه، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن أحد الأسباب الرئيسية وراء استئناف إسرائيل الحرب على غزة، هو الوضع السياسي المضطرب لنتانياهو، الذي تواجه حكومته شبح الانهيار المحتمل نهاية الشهر الجاري بسبب عقبة تمرير الميزانية.
وأشارت الصحيفة - في تقرير أمس- إلى أن حكومة نتانياهو تعتمد بشكل كبير على الأحزاب الأشد يمينية وتطرفاً، لتمرير الميزانية؛ لذلك لجأ نتانياهو إلى استئناف الحرب على غزة، أملاً في إنقاذ حكومته من الانهيار.
وبحسب الصحيفة، أشار سياسيون وخبراء إسرائيليون إلى أن «الكنيست» يتعين عليه اتخاذ القرار بشأن الميزانية بحلول 31 مارس الجاري، وإذا فشل المشرعون في التوصل إلى اتفاق، سيتوجب عليهم حل الحكومة والدعوة إلى انتخابات جديدة.
ووفقاً لـ«واشنطن بوست»، هدد المشرعون من الأحزاب اليمينية المتطرفة المشاركة في الحكومة الائتلافية بالتصويت ضد الميزانية الجديدة، مصرين على استئناف العمليات العسكرية في غزة.
خلافات
في هذه الأثناء، وجد نتانياهو نفسه على خلاف مع عدد من كبار المسؤولين في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، بمن فيهم مدير جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، الذي دافع عن إعطاء الأولوية لإطلاق سراح الأسرى.
وعليه، بادر نتانياهو لإقالته. وبحسب التقرير، رحب إيتمار بن غفير، زعيم حزب «عوتسما يهوديت»، الذي انسحب من الائتلاف بسبب اتفاق وقف إطلاق النار، بعودة إسرائيل إلى الحرب، وأعلن أنه سينضم مجدداً إلى الحكومة.
وأشار آفي ميلاميد، وهو مسؤول سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إلى أن «حكومة نتانياهو معلقة بخيط رفيع، وهي تعتمد على اليمين المتطرف، وهم يضغطون عليه بشكل واضح جداً ليس لوقف الحرب، بل لاستئناف الحرب».
وأشار آرون ديفيد ميلر، وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأمريكية، إلى أن نتانياهو لم يكن مدفوعاً باعتبارات سياسية داخلية فحسب، بل شعر أيضاً بالاطمئنان إلى دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.