خوفاً من المحاكمة، وتفادياً لانهيار الحكومة، يهرب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إلى الحرب، بحسب مراقبين، وأيضاً بحسب أصوات في إسرائيل، بما فيها أهالي الأسرى المحتجزين في غزة.
أكثر من 50 ألف فلسطيني سقطوا بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، وما زال الحبل على الجرار، وربما يبدو السيناريو الأخطر في هذه المرحلة عجز الأطراف الراعية لاتفاق الهدنة عن وقف نزيف الدم.
انقلبت إسرائيل على الاتفاق وتهربت من التزاماتها، وعادت مشاهد الدماء والدمار إلى غزة المنكوبة.
وأسدلت الستائر على الهدنة التي ولدت هشة، إذ خرقت غير مرة، حتى انهارت كما كان متوقعاً، وعادت حرب الإبادة الجماعية لتعم القطاع الخارج عن الحياة، وبدا واضحاً أن نتانياهو لا يريد إكمال الاتفاق، ويرفض الدخول في مفاوضات المرحلة التالية، فاختار استئناف الحرب، مضحياً على ما يبدو بما تبقى من أسرى إسرائيليين، كما يتهمه ذووهم.
حافة الهاوية
وفي حين فضّل نتانياهو، الباحث عن مخرج لأزماته الداخلية، إشعال نار الحرب من جديد على حساب دماء المدنيين الغزيين، بدت كل الأطراف عاجزة عن تسوية توقف شلال الدم، الأمر الذي يثير المخاوف من مخاطر خروج الجولة الحالية عن السيطرة، وينذر بالوصول إلى حافة الهاوية، ويهدد بإشعال المنطقة برمتها من جديد.
وثمة أسئلة تطل من بين الدمار حول مستقبل الاتفاق وصوت الدبلوماسية والمسار التفاوضي، وفيما لو كان ثمة حل دائم وليس مجرد مسكنات.
في الأروقة السياسية، يرى مراقبون ومحللون أن مخاوف نتانياهو من انفراط عقد حكومته، وإصرار أركان ائتلافه بأن الحرب التي استمرت 15 شهراً لم تحقق أهدافها، لا سيما القضاء على «حماس» واستعادة جميع الأسرى، قادت إلى استئناف الحرب.
يرى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري أن مفاوضات التهدئة سوف تمر بحالة من الجمود المؤقت، وحتى تتوفر ظروف وعوامل مناسبة لعودتها إلى ما كانت عليه، مبيناً أن إسرائيل لا تقوى على تجديد الحرب كما كانت عليه قبل اتفاق 19 يناير، خصوصاً وأنها في حالة انقسام داخلي بشأنها، فضلاً عن كون جيشها مستنزفاً.
ويصف الباحث السياسي، رائد عبدالله، العودة إلى الحرب بأنها أمر «تكتيكي»، فإسرائيل بحاجة إلى عودة المسار السياسي وتنفيذ الاتفاق، لتحقيق أهم أهدافها باستعادة أسراها، واستعادة الهدوء في منطقة غلاف غزة، والتفرغ لمواجهة الأزمات الداخلية المتفاقمة، منوهاً بأن «إعلان إسرائيل أن لا تفاوض إلا تحت النار، يهدف لفرض الاتفاق بالقوة».
ويتمسك الوسطاء بالأمل في لجم الحرب، والعودة للمفاوضات وفقاً لمقترح الوسيط الأمريكي ستيف ويتكوف، ويجرون اتصالات ماراثونية مع الطرفين، بقناعة تامة لحاجتهما إلى المفاوضات لتحقيق أهدافهما.