حرب غزة.. هل من فرج بعد ضيق؟

أهالي غزة يتظاهرون من أجل وقف الحرب على القطاع المأزوم
أهالي غزة يتظاهرون من أجل وقف الحرب على القطاع المأزوم

تحرك إسرائيل أسطولها بكامل عدتها وعتادها وتواصل حربها على غزة، وترسل جنودها المدججين إلى جنين وطولكرم في الضفة الغربية تقتل وتعتقل وتشن حرباً ليست كالحرب، وتفرض حصاراً فوق الحصار وتدخل مواجهة تدرك أن معيار تحقيق النصر فيها لا يخضع فقط للقوة والعدد، لكنها تخوضها.

تدك المدافع الإسرائيلية الصماء أرض غزة، العارية إلا من جوعى يحفرون في الصخر وينبشون في الأرض بحثاً عن فتات إفطار رمضاني، وحتى الأصوات الدبلوماسية فقد خف حماسها.

وبردت حرارتها، فيما أهل غزة يخرجون في لحظات مشحونة بالغضب، مطالبين بوقف حرب الإبادة، وشعارهم «بدنا نعيش». الصورة لا تقرب إلا من مجهول، ولا تشبه إلا دورة معاناة تجوب القطاع من شماله إلى جنوبه.

وربما تبتعد الصورة عن أصلها وتغادر الأحداث عـمقها، بحيث ترتد إلى جنباتها، فيجرب أهل غزة طرقاً جديدة، مطالبين حركة حماس بالتنحي عن حكم غزة، لكن في الأثناء تأخذ إسرائيل تمدداً في القوة، فيقف الغزيون حيارى وما هم بحيارى، لكن ثقل معاناتهم تتركهم وكأنما غشيتهم نوبة من التخبط الملتبس.. هم يريدون أي شيء وكل شيء لوقف الحرب.

ووفق مراقبين، فقد كان في الاحتمال خروج الأوضاع في غزة عن السيطرة، وانفجار داخلي ربما أخذ الأوساط السياسية بغتة، لكن اللافت أن إسرائيل لا تلتفت لما يجري من غضب في غزة، إذ أطلقت يد جيشها كي يضرب في كل مكان، جواً وبراً وبحراً، فيما المقاتلات الحربية لا يرمش لها جفن، وقد وجدت ضالتها المنشودة في خيام النازحين.

فراحت توسع غاراتها بكل ما يتخللها من مجازر وإبادة لعائلات بأكملها، أطفال ونساء ومسنين. وفي المقابل ضغوط إقليمية ودولية متتالية، لدفع حركة حماس لتلبية الشروط الإسرائيلية الأمريكية المتعلقة بالإفراج عن الرهائن ومغادرة غزة، الأمر الذي يقرأ فيه محللون دفع بالحركة إلى الحائط.

نحو المجهول

ويشير المراقبون إلى أنه لا يلوح في الأفق ما يشي برفع هذه الضغوط أو حتى تخفيفها، بل إن الآلية التي أقرتها المشاورات الإسرائيلية الأمريكية تقول إن القضاء على حركة حماس أمر لا بد منه كي تتوقف الحرب بشكل نهائي، وعليه سيظل أهل غزة في قلب حصار مطبق، وإن رأى بعضهم أنه لا ضيق إلا ومن بعده فرج، كما يقول خليل الصوراني من حي الشجاعية بقطاع غزة، والذي أشار إلى أن الأوضاع الراهنة في قطاع غزة تمضي نحو المجهول. ويتساءل الصوراني:

«هل مطلوب من أهل غزة أن يقدموا قرابين إضافية بعد دماء 50 ألف فلسطيني وأكثر؟»، مبيناً أن الأهالي باتوا يتأهبون لتغيير جذري محتمل للخروج عن حالة الجمود السياسي والحصار الاقتصادي التي تلف غزة.

واقع مؤلم

ويرى الباحث في الشأن السياسي بهاء رحال، في خروج التظاهرات الشعبية من الخيام المتهالكة في قطاع غزة، بأنها جاءت بعد أن احتمل أهل غزة ما لم يحتمله بشر، إذ تحملوا القصف والمجاعة والنزوح، ولم يبق لهم مأوى سوى الركام.

مشدداً على أن واقع الحال في قطاع غزة لا يُحتمل ولا يمكن تجاهله. ولعل ما يشغل بال أهل غزة اليوم هل تشفع لهم عبارات «بدنا نعيش» و«نرفض أن نموت» وتنجح في التأثير بمواقف الأطراف المتصارعة؟.. أم تبقى الخطوات الأحادية لكل منهما، وثيقة للمضي في الحرب؟.. واقع الحال يقول إن الحراك الغزي لن يغير من الأمر شيئاً، ما لم تتغير الصيغ الفضفاضة في مقترحات وقف الحرب.