تعيش فاطمة أبو نعيم وهي أم لخمسة في كهف على تل في الضفة الغربية المحتلة في وقت يتزايد الضغط من مستوطنين يحاولون سرقة قطيع الأغنام ويأتون بشكل متكرر ليطالبوها هي وزوجها بالرحيل.
تقول فاطمة: «يأتي (المستوطن) ويقول غادروا أنا أريد أن أسكن هنا». وتضيف: «إذا غادرنا لن نستطيع العودة ثانية وهذه الأرض لنا. لذلك نتحمل الضرب والمضايقة».
تتردد الرسالة ذاتها من مستوطنين في أنحاء الضفة بتواتر أسرع منذ بدء الحرب في غزة قبل 18 شهراً تقريباً، وبالأخص في مناطق تلال قليلة السكان حيث يرعى البدو الفلسطينيون قطعانهم.
وذكر تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة قبل أيام أن ما يقرب من نصف هجمات المستوطنين الموثقة في نهاية الشهر الماضي ومطلع هذا الشهر، وعددها أكثر من 40، استهدفت البدو والرعاة «بما شمل وقائع شهدت إشعال الحرائق والاقتحام وتدمير موارد العيش المهمة».
وتتعرض مناطق التلال المرتفعة قليلة السكان لضغوط متزايدة من مستوطنين بدأوا هم أيضاً في رعي قطعان ضخمة في التلال التي يرعى فيها البدو الفلسطينيون أغنامهم.
وصدر قبل أيام تقرير مشترك عن جماعتين إسرائيليتين هما «السلام الآن» المعنية بالدفاع عن الحقوق و«كرم نابوت» المعنية بمراقبة وبحث سياسات الأراضي التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية في الضفة. وذكر التقرير أن المستوطنين استغلوا مواقع الرعي للاستيلاء على ما يقدر بنحو 194 ألف فدان، ما يعادل تقريباً 14 بالمئة من المساحة الإجمالية للضفة، وأنهم يلجأون لأساليب المضايقات والترهيب ضد سكان المناطق القريبة لطردهم.
وقال درور إيتكيس أحد المشاركين في التقرير: «كان غور الأردن أو المناطق الجنوبية منه مروجاً واسعة للفلسطينيين، ولهذا السبب جرى استهداف هذه المناطق. لكن إذا نظرت إلى الخريطة، ستجد البؤر الاستيطانية في كل مكان. إنهم يواصلون بناء المزيد والمزيد».
وأضاف التقرير استناداً إلى وثائق من مكتب الادعاء العام أن ما يقرب من 20 ألف فدان من أراضي الضفة خصصها مستوطنون للرعي بعد أن تلقوا تمويلاً كبيراً ودعماً مادياً بأشكال أخرى شمل تقديم مركبات ومعدات من الحكومة.
وقال يغال برنر من مجلس إدارة كرم نابوت: «المجتمعات البدوية هي الأكثر ضعفاً للعديد من الأسباب... إذا لم يستجيبوا يأتي المستوطنون لمنازلهم ويضربون الناس ويسرقون أغنامهم». وتابع قائلاً إن الحرمان من القدرة على رعي الأغنام يعني أنه ليس بوسع الكثير من البدو الحفاظ على القطعان ما يجعلهم دون سبيل لكسب العيش. وقال: «الناس تعاني حقاً ويجدون صعوبة بالغة في الوفاء باحتياجاتهم الأساسية».
هذه أرضنا
تعيش عائلة فاطمة في مخيم مقام بين كهفين عند سفح تل خارج قرية المغير والذي يعد نموذجاً للتضاريس الوعرة في الضفة الغربية. وأجبرت العائلة بالفعل على الانتقال من غور الأردن، حيث تتعرض المجتمعات البدوية لهجمات متكررة من مجموعات عنيفة من المستوطنين الذين يرعون قطعانهم الخاصة. وقالت فاطمة، التي تعيش الآن في ثالث منزل لها هذا العام، إنهم تعرضوا مرة أخرى لهجوم من متسللين قالت إنهم قتلوا ستة من أغنام عائلتها في الآونة الأخيرة وأجبروا زوجها على حبس الأغنام داخل الحظيرة.
واستطردت تقول: «منذ عشر سنوات نحن نسكن هنا، المشاكل بدأت مع المستوطنين منذ سنة ونصف السنة، ومنذ شهرين أصبحت المضايقات يومية بهدف ترحيلنا».
وأُلقي القبض على زوجها، الذي واجه المستوطنين، هذا الأسبوع لسبب لا تعلمه. وتقول منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية إنه لا سبيل من الناحية القانونية لإنصاف مجتمعات الرعاة وإن حرب غزة زادت من تشدد هذه المواقف.