فيما يشتد عصف الحرب الإسرائيلية على جبهتي غزة وبيروت، ويتسارع العد العكسي لمعرفة الرئيس الأمريكي المقبل، يترقب الفلسطينيون واللبنانيون وهج الانتخابات الرئاسية الأمريكية على أحر من الجمر، لتلمّس المنحى الذي ستسلكه الإدارة الأمريكية الجديدة، وتعاطيها مع تشظيات المواجهة المحتدمة على أكثر من محور في الإقليم.
كانت سياسية ترامب المنحازة لإسرائيل بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، بالتزامن مع احتفال إسرائيل بذكرى توحيد القدس، ولم تنتهِ عند إضفاء الشرعية على الاستيطان، وعدم اعتباره عقبة أمام مساعي السلام، وهكذا انطبع في أذهان الفلسطينيين الموقف الأسود من البيت الأبيض.
ولم يخفِ مسؤولون مقربون من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قلقهم من حدوث تغييرات جوهرية في السياسة الأمريكية، حال فوز دونالد ترامب، إذ أشارت مصادر واسعة الاطّلاع لـ «البيان»، إلى أن التغييرات المرتقبة تتراوح ما بين تعزيز الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، ويتقدم على كل ما ذكر، دعم وتأييد استمرار الحرب على كل من غزة ولبنان.
وحسب مراقبين، لم يعد انتظار الانتخابات الأمريكية مرتبطاً باتفاق التهدئة، فالأوساط السياسية في فلسطين ولبنان، نعت المبادرة الأمريكية الأخيرة لوقف الحرب، كما أن الوفود الأمريكية التي جالت في المنطقة، خرجت ولم تعد، أقله حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في السباق إلى البيت الأبيض، وعليه، فالحرب باقية وتتمدد.
وما بين فوز هاريس على هيئة بايدن، أو عودة ترامب بنسخة لن تبتعد كثيراً عن ولايته الأولى، ينصب الاهتمام على خارطة الطريق الأمريكية الجديدة حيال الحرب، بينما يتحرى الفلسطينيون واللبنانيون، على حد سواء، حسابات تل أبيب، إزاء الفوارق المحتملة في الموقف من الحرب، إذ إن فوز هاريس، ربما يسرع بعض الشيء بحل سياسي، فيما انتخاب ترامب سيعطيها المزيد من الوقت، وفق حسابات المراقبين.
تعزيز الفرص
يقول الخبير في العلاقات الدولية، وسام بحر، إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض، سيعزز فرص مضي نتنياهو في الحرب، وفرض وقائع أكثر إيلاماً في غزة وبيروت، من خلال توسيع دائرة التدمير، واستهداف المدنيين، بينما لا ترغب هاريس في تدشين ولاية أول سيدة أمريكية، بانفجار أوسع للحرب.
يوضح بحر في حديث لـ «البيان»: «حتى لو بنى ترامب برنامجه الانتخابي على شعار «لو كنت رئيساً لما اندلعت الحرب»، إلا أن انتخابه سوف يبقي المنطقة في فوهة بركان، وسيكون نتنياهو المستفيد الأكبر من خلال الضغط أكثر بالخيار العسكري». بينما يرى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، أن فوز ترامب سيعطي ثقة أكبر لإسرائيل في تنفيذ مخططاتها في لبنان وغزة، وسيكون الانخراط في عملية سياسية في عهده، بمثابة متاهة جديدة، وتحت سقف منخفض، وهذا يعني مفاوضات سياسية عنوانها المساومة.
وخلص مراقبون إلى أن عودة ترامب ستضع الفلسطينيين أمام خيارين، إما الانخراط في عملية سياسية وفق قواعد ترامب، وهي ذات القواعد التي يتبناها نتنياهو، أو التوقف عن أي حراك سياسي في عهده، كما جرى قبل أربع سنوات.
التعاون
أما هاريس، فكونها عضوة في الحزب الديمقراطي، فإنها تميل إلى التعاون مع التحالفات الدولية والمجتمع الدولي، لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، وستكون حريصة على الدفع بمبادرة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، التي حرص الرئيس جو بايدن على تطبيقها، إلا أنه فشل، في ظل إصرار نتنياهو على التعامل مع الإدارة الأمريكية المقبلة، وحرصت هاريس في ميتشيغان، على دعم السكان من أصول عربية، والذين يمثلون نحو 200 ألف ناخب، وذلك بسبب غضبهم من طريقة تعاطي الإدارة الأمريكية مع الحرب في غزة ولبنان، وما يعتبرونه «دعماً غير مشروط» لإسرائيل. ووعدت الديمقراطية «بفعل كل شيء لوقف الحرب في غزة».