الفلسطينيون وعودة ترامب.. العبرة بما يُرى لا ما يُسمع

نازحون فارون من القصف والغارات شمالي قطاع غزة نحو المجهول | أرشيفية
نازحون فارون من القصف والغارات شمالي قطاع غزة نحو المجهول | أرشيفية

لا يهم الفلسطينيون إن كان لون الدخان الذي سيتصاعد من البيت الأبيض في 20 يناير المقبل أحمر أو أزرق، في حفل تنصيب الرئيس المنتخب، فغزة باتت في كنف المرحلة الأشد خطورة، إذ نار الحرب تلفح وجهها، والمجاعة تهز أركانها، والتقسيم ينتظرها، لكن عيونها ستظل ترقب ارتدادات فوز دونالد ترامب، لأن العبرة أبعد من انتخابات صاخبة، وهي مرهونة بما بعد النتائج، كما يقول فلسطينيون.

ولم يسبق لأي انتخابات رئاسية أمريكية أن حظيت بذات الاهتمام والترقب للفلسطينيين، مثل الانتخابات الأخيرة، التي أفضت إلى عودة ترامب، ذلك أن احتواء الحروب المتأججة في المنطقة، وتجنب موجات أعلى لها، تشكل أهم أهدافها، طبقاً لوعود ترامب في سباقه الانتخابي. وبانتظار نافذة سياسية من البيت الأبيض، تتمدد الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، مخلفة وراءها الضحايا والدمار، بينما يتحرى الفلسطينيون من خلف المجهر، مآلات الحرب، وجرعة تنشيط لمحركات الدبلوماسية، قبل توسيع ملعب النار ليطال الضفة الغربية، لاسيما مع كثرة تصريحات مسؤولين كبار في إسرائيل حول ضمها.

خطوة استباقية

وبأي حال، فإن تقفي أثر الولاية الثانية للرئيس المنتخب لن يطول، فارتدادات فوز ترامب ستتكشف قبل 20 يناير، من خلال ردات فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وما إذا سيجاهر بفرحه لفوز ترامب، بالضغط على دواسة الدم، وتأجيج نار الحرب على غزة، إذ من وجهة نظر مراقبين، ثمة خطوات استباقية أطلت من تل أبيب، قبل أن يستعيد ترامب مفاتيح البيت الأبيض، فكشف نتنياهو وسموتريتش عن نوايا ضم الضفة الغربية، مرجحين أن يجعلهما ترامب طليقي اليدين في مسعاهما.

وبرأي الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، فإن الفلسطينيين يجب أن يتفاعلوا مع عودة ترامب على خطين.. الأول وضع سياسة ترامب تحت الرادار، باعتبار أن توجهاته ستحدد مسار الحرب المفتوحة على قطاع غزة، والثاني حشد أوراق القوة والضغط الفلسطينية والعربية، وبلورة تحالف دولي مؤيد للحقوق الفلسطينية، للتفاوض مع ترامب من موقع قوة، للتوصل إلى صفقة شاملة، هدفها الأساس وقف الحرب.

لماذا فرح نتنياهو؟

تاريخياً، أكدت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها المطلق لإسرائيل، بدءاً من قيامها العام 1948، مروراً بعدة حروب إسرائيلية عربية أمدتها بالمال والسلاح، وصولاً لتأييد حربها على غزة ولبنان، ومن هنا، لا يجرؤ مراقبون على الإفراط بالثقة في وعد ترامب بإنهاء الحرب، إذ ارتسمت ملامح سياسته، من خلال اختياراته وتعييناته، بحيث اتضحت هوية فريقه، وغالبيتهم مؤيدون للسياسة الإسرائيلية، ما يدفع بالفلسطينيين لربط الأحزمة، تحسباً لمطبات ومنعطفات خطرة، ينتظر أن تعترض طريقهم.

جاذب صواعق

ويقول الباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد، إن المساحة الزمنية التي تسبق تنصيب ترامب تصب في صالح إسرائيل، أكان لجهة مواصلة الحرب والضغط بالقوة العسكرية في قطاع غزة، أو تسارع وتيرة ضم الضفة الغربية، مشدداً على أن فرحة نتنياهو لم تكن عفوية بفوز ترامب، وأن مخطط ضم الضفة بدأ قبل حرب غزة، بانتظار ضوء أخضر من البيت الأبيض. وفيما ينتظر الفلسطينيون انقشاع ضباب الرؤية عن البيت الأبيض، تبدو الضفة الغربية كجاذب للصواعق في ظل الدعوات الإسرائيلية التي تكررت أخيراً لضمها، ما يعني الكشف عن مجريات ميدان مشتعل ينتظر من يطفئ الحريق.