فيما تجوب الطائرات المقاتلة الإسرائيلية سماء غزة، وتصب حممها فوق رؤوس المدنيين والنازحين بلا هوادة، يتعرض الفلسطينيون لمضاعفات صحية قد يكون أقلها تأثر حاسة السمع نتيجة أصوات التفجيرات ودوي القذائف المستمر، ما يؤثر سلباً على حاسة السمع وحدوث ثقب في طبلة الأذن.
هكذا بدا المشهد مع هدير الطائرات، فالمروحيات الحربية تستهدف ما تبقى من منازل، وتقصف مراكز النزوح وحتى المناطق المسماة إنسانية، موقعة المزيد من الضحايا، فيما تؤدي الكمية الأكبر من المتفجرات المنفجرة إلى زيادة المسافة التي تنقلها موجة الانفجار من مركز التفجير والضرر الذي تسببه الموجة الصوتية إلى ما هو أبعد من ذلك نصف القطر، مما يؤدي على الأرجح إلى زيادة خطر فقدان السمع الدائم.
ولئن تنفطر قلوب الغزيين على ضحايا أبرياء يسقطون بفعل الغارات المتواصلة، التي تشنها الطائرات المقاتلة، لا تمنحهم الطائرات المسيرة الزنانة أي فرصة للراحة، إذ تصدع رؤوسهم قبل أن تعطيهم المؤشر على قرب شن غارة جديدة، في متوالية الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
أحمد أبو غالية، من بلدة بيت لاهيا، قال إن الجيش الإسرائيلي يرسل في كل ليلة الطائرات المسيرة لتحوم فوق مراكز النزوح المكتظة، ويستمر تحليقها حتى ساعات الفجر، ما يحرم النازحين من النوم أو الراحة، مبيناً أن مهمة هذه الطائرات لا تقتصر على الاستطلاع وتصوير المناطق المراد قصفها فقط، بل إنها أصبحت وسيلة إزعاج، وتقلق راحة المواطنين، فيما أشار إلى مضاعفات صحية ناتجة من أصوات الصواريخ والقذائف المستمرة تؤثر بشكل سلبي على أذن الأطفال أو الكبار، ما يعرضهم إلى فقدان للسمع الحسي.
وتابع أبو غالية لـ«البيان»: «الطائرات الحربية تقصف وتبطش في النهار، والزنانة تتعمد التحليق في الليل على ارتفاعات منخفضة، كي تصدع رؤوسنا، وهذه إحدى وسائل التنغيص التي يمارسها الجيش الإسرائيلي بحق النازحين في خيامهم».
وأضاف: «أولادي أصبحوا يكرهون النوم يفيقون على صوت الانفجارات وهدير الطائرات الحربية وأشلاء الضحايا».
وزاد النازح سالم أبو عجينة: «يبدو أن الجيش الإسرائيلي أضاف للطائرات المسيرة مضخماً للصوت، كي يكون تحليقها مزعجاً بشكل أكبر، وهذا عادة ما يسبب الرعب ويؤثر على السمع، خصوصاً في نفوس الأطفال، الذين أصبحوا لا يعرفون طعماً للنوم من فرط إزعاجها».
واستذكر أبو عجينة: «ذات ليلة خرجت من الخيمة من شدة إزعاج الطائرة الزنانة، فلفت انتباهي أنها بعيدة عن المخيم نوعاً ما، بينما الصوت لا يخبو، إذ بالعادة يعلو ويخفت مع قرب أو بعد الطائرة، لكني لمحت ضوءاً ثابتاً في السماء، فأدركت أنها طائرة «كواد كابتر» ثابتة فوق المخيم، ويصدر منها صوت مزعج، لكونها مدعمة بمضخم للصوت، وهذا دليل على أن الجيش الإسرائيلي يهدف من وراء هذا السلوك إلى إرهاقنا وحرماننا من الراحة أو النوم».
وباتت أجواء غزة مسرحاً مفتوحاً لا يسمع فيه إلا هدير الطائرات الإسرائيلية، الحربية منها تغير على الأهداف وتواصل قتل المدنيين، والزنانة ترصد وتؤرق النازحين، والتفجيرات تؤثر على سمع الأطفال والكبار، فيما أهل غزة نفضوا أيديهم من كل المساعي الجارية خلف ستار الحرب لوقفها، فالضغط العسكري على قطاع غزة آخذ في الارتفاع، ومؤشر أعداد الضحايا يمضي مسرعاً، فيما الحرب بدت وكأنها طاحونة دم ودمار بلا سقوف.