قمة الرياض.. بلورة رؤى وتوحيد مواقف

قد تكون قمة الرياض التي تجمع دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى الأردن ومصر، مناسبة لتثبيت دعائم البيت العربي، فيما تتداعى كل الجهود اليوم لمواجهة التحديات التي تواجهها قضية العرب الأولى، القضية الفلسطينية.

لقد أصبح مشروع التهجير منعطفاً يصعب على القمة تجاهله، فيما مشروع إعادة إعمار قطاع غزة زادت أهميته بالتوازي مع ذلك. ولا تحتمل الأوضاع الفلسطينية أي أزمات أخرى بعد الحرب التي أتت على كل شيء في قطاع غزة، وانتقل فتيلها إلى الضفة الغربية، وفق ما يرى دبلوماسيون فلسطينيون وعرب، محذرين من أن يكون التهجير بمثابة الضربة القاضية للقضية الفلسطينية.

وما بين لقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتعثر لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي معه، وبقاء مستقبل غزة معلقاً، تأتي قمة الرياض لجعل الصورة أكثر وضوحاً، لاسيما وأن إسرائيل وجدت ضالتها في خطة ترامب.

وتلتئم القمة استكمالاً لمسار دبلوماسي عربي أخذ يشق طريقه منذ بداية الحرب على قطاع غزة، لكنه واجه مطبات عدة، ولذا يسعى المجتمعون لإعلاء صروح الوفاق العربي، وترجمة المواقف الرافضة للتهجير وعرقلة جهود الإعمار إلى سياسات ملزمة على الأرض، وهناك ثمة شكوك عميقة بين الدبلوماسيين العرب حول إهمال مشروع الإعمار، بحسب منتقدين للسياسة الأمريكية المتناغمة مع حليفتها الإسرائيلية.

حلول

ووفق الكاتب والمحلل السياسي، سليمان بشارات، فإن قمة الرياض من الأهمية بمكان بالنظر لتوقيتها والظروف التي استدعت عقدها، منوهاً بمحاولات عربية حثيثة لتدارك مخاطر الأزمة السياسية الراهنة، وقطع الطريق على المخططات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، والتهجير أحد أخطر فصولها.

ويلفت بشارات إلى أن القمة تعكس رغبة عربية في تجاوز حالة الفراغ السياسي، الأمر الذي قد تستغله إسرائيل وأمريكا لفرض رؤى أو حلول تتجاوز الموقف العربي ولا تراعي قضايا المنطقة أو اهتمامات شعوبها، معتبراً القمة بأنها خطوة استباقية أمام أي حلول أحادية أمريكية أو إسرائيلية.

وفي قطاع غزة المنكوب، ينتظر الفلسطينيون أن تشكل القمة أرضية أساسية وخريطة طريق سياسية عربية لما بات يعرف بـ «اليوم التالي» للحرب، ومستقبل القضية الفلسطينية بوجه عام، بحيث تدفع عجلة الإعمار، وتطرح برامج ورؤى بديلة لمخططات واشنطن وتل أبيب، لقطع الطرق أمام أي تجاهل أو تجاوز للحقوق الفلسطينية المشروعة.

حراك عربي

هي خطوة سياسية تستكمل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى حماية الشعب الفلسطيني ورد مشاريع التهجير القسري.. هكذا علّقت أيضاً أستاذة الدبلوماسية وحل الصراع في الجامعة العربية الأمريكية دلال عريقات، مشددة على أن إسرائيل هدفت خلال الحرب لخلق بيئة غير قابلة للعيش في قطاع غزة لدفع أهلها للهجرة، وأن خير رد على هذه المخططات يتمثل في دفع مساعي الإعمار.

وتنظر عريقات بعين الأهمية للحراك العربي، في وقت يواجه فيه أهل غزة تحديات خطيرة، تستدعي توحيد الجهود وتجنيد الطاقات لإفشال محاولات فرض وقائع جديدة، وفق رؤية إسرائيلية تدعمها الإدارة الأمريكية بقوة.

في قمة الرياض ما يعبّد الطريق نحو القمة العربية الأكثر حساسية المرتقبة في القاهرة، والتي ينتظر أن تأتي مختلفة بحسبانها ستضع الخطة المصرية على طاولة البحث العربية، في إطار الجهود الهادفة إلى بلورة موقف عربي موحد، يرتكز على أمرين اثنين: آلية تمويل إعادة إعمار قطاع غزة، وكيفية إدارة غزة الجديدة.