فرض الملف السوري نفسه في القمة الأوروبية في بروكسل في يومها الثاني، حيث طالب القادة الأوروبيون من «هيئة تحرير الشام» والحكومة الجديدة في سوريا أن تثبت أفعالها بالأقوال مشاركة واسعة من مختلف القوى السياسية في سوريا.
فيما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن العديد من الحرائق تلتهم منطقة الشرق الأوسط، «لكن اليوم هناك شعلة أمل في سوريا» فيما نفت أنقرة وجود اتفاق مع «قسد» لوقف إطلاق النار.
والتقى القادة الأوروبيون أمس لأول مرة منذ الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، ورغم أن الاجتماع كان مخصصاً لأوكرانيا إلا أن الملف السوري أخد حصة الأسد وسط تحرك غربي لمراقبة النهج الذي ستتبعه تلك القيادة في إدارة البلاد.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن سوريا القديمة اختفت، لكن سوريا الجديدة لم تولد بعد، معتبرة أن سقوط نظام بشار الأسد كان تحريراً للسوريين.
وأضافت أن الفترة القادمة ستكون حاسمة لتشكيل سوريا الجديدة، وأن أوروبا ستلعب دوراً في ذلك، مؤكدة أن هناك خطوات مشجعة من النظام الجديد في سوريا، لكن هناك أسئلة لا تزال دون إجابات، على حد قولها.
كما قالت، إن الاتحاد الأوروبي سيكثف اتصالاته المباشرة مع النظام الجديد وكافة الفصائل في سوريا، وإن من مصلحة الجميع حدوث انتقال سلمي يشمل الجميع في سوريا.
ويأمل القادة الأوروبيون أن يتم تصنيف سوريا دولة آمنة مجدداً في ظل القيادة الجديدة، مما سيعني أنه يمكن للدول الأوروبية رفض طلبات اللجوء السورية والبدء في عملية الترحيل.
من جهته، قال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، إن بلاده «تحتاج للتعامل مع النظام الجديد في سوريا وتقديم كل أشكال الدعم»، مضيفاً أنه «يجب فعل كل ما بوسعنا لدعم استقرار سوريا حتى يتمكن الراغبون في العودة من القيام بذلك».
تطمينات
وكان القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع دعا، أمس، في مقابلة مع شبكة «بي بي سي» في دمشق، إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وصرح بأن «البلاد أنهكتها الحرب، ولا تشكل خطراً على جيرانها أو الغرب. وأنها ليست أفغانستان جديدة».
وقال الشرع إنه يجب رفع هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية، مؤكداً أن هيئة تحرير الشام ليست جماعة إرهابية، وأنها لم تكن تستهدف المدنيين أو المناطق المدنية وكانت ضحية لجرائم الأسد.
في المقابل كشف رئيس هيئة التفاوض السورية، بدر جاموس، أن إدارة العمليات العسكرية بقيادة أحمد الشرع لم تتجاوب مع دعوة الهيئة حتى الآن.كما أوضح أنه سيزور دمشق خلال الأيام القليلة القادمة، خصوصاً بعدما أنهى اجتماعاً مع الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش.
شعلة أمل
إلى ذلك، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن سوريا تواجه اليوم لحظة حاسمة «من الأمل والتاريخ، ولكن أيضاً لحظة من عدم اليقين الكبير»، وأكد أن مستقبل البلاد يجب أن يتشكل «من قبل شعبها، ولشعبها، وبدعم منا جميعاً».
وفي حديثه للصحفيين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، قال غوتيريش، إن العديد من الحرائق تلتهم منطقة الشرق الأوسط، «لكن اليوم هناك شعلة أمل في سوريا».
وأضاف: «يجب ألا تنطفئ هذه الشعلة. يقف شعب سوريا عند لحظة تاريخية - ولحظة فرصة. لا يمكن تفويت هذه الفرصة. ونحن نشارك هذا الأمل مع الشعب السوري ونقف معهم».
إلا أن الأمين العام حذر من أنه إذا لم تتم إدارة الوضع المستمر بعناية، فهناك خطر حقيقي من أن ينهار التقدم. ودعا إلى انتقال سياسي شامل وموثوق وسلمي إلى «سوريا الجديدة» حيث يتم دمج جميع المجتمعات، واحترام حقوق النساء والفتيات.
وقال غوتيريش، إن الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على سوريا تشكل انتهاكاً لسيادتها وسلامة أراضيها ويجب أن تتوقف.
أمنياً، فعلى الرغم من تأكيد واشنطن قبل أيام أنه تم تمديد اتفاق وقف إطلاق النار بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) حول مدينة منبج في شمال سوريا حتى نهاية هذا الأسبوع، فإن أنقرة نفت الأمر.
وقال مسؤول بوزارة الدفاع التركية، أمس، إنه «لا يوجد اتفاق لوقف إطلاق النار بين أنقرة وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أمريكا في شمال سوريا».
من جهة أخرى، أفادت قيادة العمليات المشتركة العراقية، بإعادة 1905 من الضباط السوريين وتسليمهم إلى قوة حماية من الجانب السوري في منفذ القائم الحدودي، وأوضحت أن الأسلحة التي كانت بحوزة الضباط السوريين ما زالت في وزارة الدفاع وسيتم تسليمها إلى الحكومة السورية الجديدة حال تشكيلها.