جدل سوري واعتراضات على «الإعلان الدستوري»

حدد الإعلان الدستوري مدة المرحلة الانتقالية في سوريا بخمس سنوات، ونص على «الفصل المطلق» بين السلطات، وأكد جملة من الحقوق والحريات الأساسية، بينها حرية الرأي والتعبير، وحق المرأة في المشاركة السياسية، لكنه تضمن بنوداً أثارت جدلاً ورفضاً من جهات مختلفة، حسب تقرير نشرته شبكة «بي بي سي عربي».

وقال الدكتور إسماعيل خلفان، عضو لجنة صياغة الإعلان الدستوري وعميد كلية الحقوق بجامعة حلب، للشبكة: إن الإعلان يشكل الأساس الذي ستُبنى عليه المرحلة الانتقالية، التي ستشهد تشكيل الحكومة ولجنة صياغة الدستور والبرلمان.

وأضاف أن الحياة في سوريا كانت متوقفة منذ سقوط النظام السابق وإلغاء العمل بدستور 2012، في انتظار هذا الإعلان الدستوري، خاصة مع التحديات الأمنية.

وقال د.أحمد قربي، عضو لجنة صياغة الإعلان نفسه ومدير وحدة التوافق والهوية المشتركة في مركز الحوار السوري: إن الإعلان سيعطي صلاحيات واضحة لمؤسسات الدولة للتعامل مع التحديات الأمنية والسياسية.

ولكن بمجرد التصديق على الإعلان الدستوري، أطلق مجلس سوريا الديمقراطية بياناً انتقد فيه الإعلان، وذلك بعد أيام قليلة من توقيع اتفاق يقضي باندماجها ضمن مؤسسات الدولة السورية، مع تأكيد وحدة أراضي سوريا ورفض تقسيمها.

وقال مجلس (قسد) في بيان: إن هذا الإعلان «يكرّس لحكم مركزي ويمنح السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقة»، كما طالب بإعادة صياغة الإعلان بما يضمن توزيع السلطة بشكل عادل، ويضمن حرية العمل السياسي، والاعتراف بحقوق جميع المكونات، واعتماد نظام حكم لامركزي ديمقراطي، وآليات واضحة لتحقيق العدالة الانتقالية.

وتعددت ردود الفعل حول نقاط عدة في الإعلان الدستوري، منها صلاحيات الرئيس أحمد الشرع، الذي سيحكم خلال الفترة الانتقالية لخمس سنوات بحسب الإعلان، فقد صرح أنور مجني، المشرف على البرامج في منظمة «اليوم التالي» الحقوقية السورية، بأن الإعلان يجمع كل السلطات التنفيذية خلال المرحلة الانتقالية بيد الرئيس، فهو من يختار أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس الأمن القومي، وقضاة المحكمة الدستورية العليا.

وأضاف أن الرئيس يعين ثلث أعضاء مجلس الشعب، ويختار اللجنة التي ستعين الثلثين الآخرين.

ويرى د.أحمد قربي أن الإعلان تبنى النظام الرئاسي، ما يعطي صلاحيات واسعة للرئيس. وأضاف أنه في السابق، كان الرئيس في سوريا يتمتع بصلاحيات تنفيذية وتشريعية وقضائية، لكنه لم يعد لديه الآن سلطة التشريع، كما أنه لم يعد رئيساً لمجلس القضاء الأعلى. وبخصوص تعيين الرئيس لأعضاء المحكمة الدستورية العليا، علل قربي ذلك بأنه تم اللجوء لهذا الأمر «اضطرارياً» في ظل الحاجة لتشكيل المحكمة، وعدم وجود مجلس شعب.

السلطة التنفيذية

ويرى نواف خليل، مدير المركز الكردي للدراسات، أن الإعلان الدستوري منح الرئيس صلاحيات واسعة دون تحديد آليات لرقابة أو محاسبة السلطة التنفيذية، معتبراً أن الإعلان «يصب في مصلحة الرئيس الحالي».

ويقول الناشط الحقوقي أنور مجني إن لدى رئيس المرحلة الانتقالية القدرة على التأثير في السلطة التشريعية، إذ يمكنه رد أي تشريع إلى مجلس الشعب، ورفع نسبة التصويت المطلوبة عليه من النصف إلى الثلثين.

وقال د.أحمد قربي: «نحن اعتمدنا مسألة الفصل الجامد، فالبرلمان لا يستطيع محاسبة الرئيس، والرئيس لا يمكنه حل البرلمان». وأوضح أنه بالرغم من عدم وجود آلية واضحة لمحاسبة الرئيس، فإن القواعد العامة تنص على أن الرئيس موظف في الدولة، وإذا خالف القانون أو الإعلان الدستوري، سيكون القانون السوري هو الفيصل.