الإمارات والكويت.. أخوة راسخة وتكامل استراتيجي

تعد العلاقات الأخوية والاستراتيجية، التي تربط بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت الشقيقة قيادة وشعباً، أنموذجاً في متانتها وتكاملها، وقدرتها على التطور في المجالات كافة، السياسية والدبلوماسية، والاقتصادية، والثقافية، وغيرها.

ويرتبط البلدان بعلاقات استثنائية، تشكل نموذجاً فريداً للروابط الأخوية العميقة، وبشراكة استراتيجية تستند إلى أسس تاريخية صلبة، تعززها روابط المصير المشترك، ووحدة الرؤى والمصالح في التعامل مع جميع القضايا الخليجية والعربية والعالمية، إذ تجمع البلدين أواصر أخوية متينة، وأهداف وطموحات وأولويات مشتركة، يدعمها البلدان، في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة.

محطات بارزة

وشهدت العلاقات الثنائية بين الإمارات والكويت محطات بارزة، أسهمت بصورة مباشرة في ترسيخ هذه العلاقات والمضي بها قدماً سواء على المستوى الثنائي أو من خلال مسيرة مجلس التعاون، بما ينعكس على تحقيق مصالحهما المشتركة، وأرسى دعائم هذه العلاقة المغفور لهما، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ جابر الأحمد الصباح، في إطار العلاقة الأخوية التي ترسخت عبر عقود من الزمن، وتوطدت منذ اللقاء الذي جمع بينهما في عام 1973.

وشهدت العلاقات السياسية بين الإمارات والكويت تطوراً ملحوظاً يعكسه التنسيق المتبادل بين الجانبين في المحافل الإقليمية والدولية تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يخدم مصلحة البلدين، معززة بالزيارات الرسمية المتبادلة رفيعة المستوى بين المسؤولين في البلدين الشقيقين.

وتتشارك الإمارات ودولة الكويت الشقيقة رؤية مشتركة للسلام والاستقرار في المنطقة، وتلعب قيادتا البلدين دوراً بارزاً في تشجيع الحوار الدبلوماسي، حيث تدعوان إلى حلول دبلوماسية للنزاعات الإقليمية، والحفاظ على موقف يتماشى مع القوانين الدولية، كما تلعب الإمارات والكويت دوراً فعالاً في دعم الحلول السلمية للصراعات الراهنة في المنطقة، بالتعاون مع المجتمعين الإقليمي والدولي.

علاقات أخوية

وتحرص قيادتا البلدين دائماً على بحث العلاقات الأخوية ومسارات التعاون والعمل المشترك بينهما في مختلف المجالات، بما يخدم مصالحهما المتبادلة.

وذلك في إطار الروابط التاريخية الوثيقة، التي تجمع البلدين وشعبيهما الشقيقين، إلى جانب بحث القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك وتبادل وجهات النظر بشأنها، ومختلف جوانب العلاقات بين البلدين، خاصة مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتنمية، التي شهدت نقلات نوعية كبيرة خلال السنوات الماضية، بما يخدم الأولويات التنموية، ويعزز الازدهار المستدام في البلدين.

تاريخ غني

وثمة تاريخ غني من العلاقات الأخوية والروابط الاجتماعية والاقتصادية الممتدة لسنوات طويلة بين البلدين، وقد كانت الكويت من أولى الدول التي أقامت علاقات رسمية ودبلوماسية مع الإمارات بعد قيام اتحاد الدولة في عام 1971، وقد تم افتتاح سفارة الدولة لدى الكويت في عام 1972، فيما تم افتتاح سفارة دولة الكويت في أبوظبي في العام ذاته.

وكانت دولة الكويت قد سبقت كل الدول العربية في التعاون مع الإمارات منذ إرسالها أول بعثة تعليمية للشارقة عام 1953، حيث افتتحت في ذلك العام أول مدرسة نظامية في الشارقة بناء على طلب تقدم به حاكم الشارقة آنذاك، ومع مرور الوقت زاد الطلب على المدارس في الإمارات الأخرى.

وطلب المغفور له، بإذن الله، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، من حكومة الكويت إرسال أحد المعلمين كمشرف تعليمي لديه قدرة إدارية وفنية، وذلك للإشراف على مدارس إمارة دبي، وأرسلت حكومة الكويت الأستاذ زهدي الخطيب ليكون مشرفاً على معارف إمارة دبي.

وفي العام 1957 وصل الأستاذ زهدي إلى الإمارة، وسلم الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم رسالة من رئيس المعارف في الكويت، وكانت المناهج والكتب التي تدرس في المدرسة هي نفسها التي تدرس في مدارس دولة الكويت.

الصحة

وفي 2 يناير 1962 افتتح مكتب الكويت ومقره في دبي، وأدار المشاريع التطويرية الكويتية من بناء المستشفيات والعيادات والمدارس، والإشراف على الصيانة الدورية لها، وتوظيف الجاليات العربية فيها، كما تم بناء المستشفى الكويتي المركزي في دبي كمستوصف صغير في عام 1962، ثم وسع وأعيد تنظيمه ليكون مركزياً، وضم 119 سريراً، ووصل عدد العيادات التي أنشأتها الكويت 9 عيادات في عام 1967 موزعة على أغلب الإمارات.

خور دبي

ويعد خور دبي بوابة الإمارة البحرية، وكان يواجه مشكلة الترسبات الرملية الطبيعية عند مدخله بسبب حالة المد والجزر، الأمر الذي كان يعرقل حركة السفن التجارية الكبيرة، حيث كانت السفن تجد صعوبة كبيرة عند دخول الخور أو الخروج منه.

لأن الرمال كانت تسد مدخله بشكل كامل عند فترة الجَزْر، الأمر الذي ترتب عليه التأثير على حركة التجارة، وعرقلة حركة الملاحة مع الدول المحيطة، فأثر ذلك سلباً على حركة التجارة بشكل عام، وعليه أمر الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، بتعميق وتوسعة الخور.

وفي عام 1954 طلب الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم من شركة ويليام هالكرو وشركاه الاستشارية البريطانية العاملة في الكويت تقديم دراسة حول إمكان تعميق مدخل الخور الممتلئ بالطمي، وقدمت الشركة تقريراً عن طبيعة العمل، وهو وضع آلات لرفع الطمي، إلى جانب إنشاء حاجزين من الحديد، لحماية الخور من تراكم الطمي مرة أخرى.

كما جرت محادثات بين المعتمد البريطاني في دبي، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في يونيو 1955، حول عدة قضايا منها مشروع تعميق خور دبي، وقدرت تكلفة المشروع (388,000) جنيه استرليني تقريباً.

وبما أن ميزانية دبي لم تكن تكفي لتغطية المشروع أصبح الاقتراض أمراً ضرورياً وفي أغسطس 1955 توجه المعتمد البريطاني في دبي إلى الكويت، لطرح مشكلة الخور على الشيخ أحمد الجابر الصباح حاكم الكويت (1950–1956)، الذي أبدى استعداده للمساعدة، وكتب الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم إلى حاكم الكويت للحصول على قرض قدره (150,000) جنيه استرليني، وتم الحصول على قرض من حكومة الكويت لمشروع الخور.

سوق مرشد

ويعد سوق مرشد بدبي أحد الأسواق المعروفة في الإمارة، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى التاجر الكويتي مرشد العصيمي، الذي انتقل إلى دبي في عام 1944، وبنى عدة محال في المنطقة، وقد أسس مجلساً للتجار، بالإضافة إلى دوره في بديات التعليم النظامي في المنطقة.

حيث أشرف في فترة الخمسينيات على مدارس دبي إدارياً ومالياً في بداية التعليم النظامي، وكان يسمى «أبو المعلمين»، وفي عام 1953 أنشأ مرشد العصيمي سينما الوطن في دبي في ديرة، وهي أول سينما في الإمارة، وفي عام 1972 عاد العصيمي إلى الكويت، وظل بعدها يتردد لزيارة دبي، وفي عام 1975 توفي في الكويت ودفن فيها.

تلفزيون الكويت

بدأ تلفزيون دبي باسم «تلفزيون الكويت من دبي» البث بناء على طلب المغفور له، بإذن الله، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وقد انطلق بثه في 9 سبتمبر 1969.

حيث حضر الافتتاح الشيخ راشد بن سعيد، والشيخ صباح الأحمد الجابر، الذي كان يشغل حينها منصب «وزير الخارجية وجنوب الخليج العربي»، والشيخ جابر العلي الصباح، وزير الإرشاد والأنباء، وشهد الافتتاح بث كلمة مسجلة للشيخ الراحل جابر الأحمد الصباح، ولي عهد دولة الكويت في ذلك الحين.

حرب الكويت

وشهدت العلاقات الثنائية بين البلدين تطوراً كبيراً في جميع الجوانب عكس مدى التزام البلدين الشقيقين بتطوير هذه العلاقات، وتعزيز التقارب والتنسيق في مختلف المجالات، وعندما غزت العراق الكويت في 2 أغسطس 1990 كانت القوات المسلحة الإماراتية في مقدمة الدول، التي سارعت إلى دعم ومساندة الشعب الكويتي الشقيق في كل مراحل تلك الأحداث.

وكان أبرزها «عاصفة الصحراء»، والتي تقدمت فيها القوات الإماراتية داخل الأراضي الكويتية، وكانت أول قوات تدخل مدينة الكويت من قوات درع الجزيرة، وكان ذلك في 24 فبراير 1991.

تنسيق

ويترجم المستوى العالي للتنسيق المتبادل بين الإمارات والكويت تجاه جميع القضايا الثنائية والعربية والدولية حجم التطور في العلاقات السياسية بين الدولتين، بما يخدم مصلحة الجانبين، ويعزز وحدة وتماسك البيت الخليجي والعربي عموماً، وتعتبر هذه العلاقة مثالاً للروابط القوية المتأصلة في وجدان البلدين وتاريخهما المشترك.

وما أضفى على هذه العلاقة من الزيارات المتبادلة بين القيادتين، التي شكلت خطوات مهمة في مسار تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين، وارتقت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الراسخة والمستدامة على مختلف الصعد، وفي المجالات كافة.

وشهد البلدان توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والتعاون المشترك في جميع المجالات وزيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين الشقيقين، وفي سبتمبر الماضي استقبل سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية في دولة الكويت الشقيقة.

واستعرضا علاقات التعاون والشراكة بين البلدين، وما تشهده من تقدم مستمر على كافة الأصعدة، بفضل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، تأكيداً على رسوخ الروابط الأخوية والتاريخية، التي تربط الدولتين والشعبين الشقيقين.

وتستمر الإمارات وشقيقتها دولة الكويت في تعزيز سبل تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، ويسهم في دفع مسيرة العمل الخليجي المشترك، والتعاون المشترك في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة والعالم.

وبحث متطلبات دفع العمل الخليجي المشترك قدماً من أجل ضمان الأمن والاستقرار الإقليميين، مع التأكيد على أهمية زيادة تبادل الخبرات والأفكار والتجارب الناجحة، بما يخدم في مضافرة الجهود من أجل تعزيز مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة على المستويين الثنائي والخليجي.