لم تعد لغة الضاد غريبة في وطنها كما كانوا يشيعون، فقد انتصرت دولة الإمارات بتوجيهات القيادة الرشيدة من خلال 20 مبادرة وميثاقاً تعمل على ترسيخ وتعزيز مكانتها محلياً وعالمياً، منها: جائزة محمد بن راشد للغة العربية، تحدي القراءة العربي، لغتي، جمعية حماية اللغة العربية، ميثاق اللغة، معهد لتعليم اللغة العربية، كلية للترجمة، مؤتمر اللغة العربية الدولي، منصة «مدرستي»، مركز محمد بن راشد للمعرفة، أسبوع اللغة العربية في المدارس، قانون حماية اللغة العربية، مجلس اللغة العربية في أبوظبي، «بالعربي»، مبادرات مؤسسة الإمارات للآداب، مبادرات تقنية لتطوير المحتوى الرقمي بالعربي، مجمع اللغة العربية في الشارقة، برامج اللغة العربية بجامعة زايد، جهود الجامعة القاسمية، جهود مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية.
ويؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وهو رائد المبادرات أن «اللغة هي أداة الفكر.. وهي وعاء الثقافة وهي المعبرة عن قيمنا وأصالتنا وجذورنا العربية والإسلامية ولا بد لأبنائنا أن يرتبطوا بثقافتهم ومجتمعهم وقيمهم».
وأكد عدد من المختصين والأكاديميين لـ«البيان» أن دولة الإمارات أخذت على عاتقها مهمة قيادة الجهود والمبادرات المخلصة، من أجل المحافظة على اللغة والهوية العربية والنهوض الحقيقي بها على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعرفية، وتكريس مكانتها في المجتمع الإماراتي، وعلى النطاق العالمي.
79 رسالة ماجستير في اللغة
وقال الأستاذ الدكتور محمد عبدالرحمن مدير جامعة الوصل، إن الجامعة قدمت نحو 79 رسالة ماجستير ودكتوراه تناولت قضايا اللغة العربية في الشأن الإماراتي، كما أصدرت نحو 20 كتاباً في محتوى اللغة العربية الموجه لطلبة برامج البكالوريوس يستجيب لمتطلبات خطط دراسية معتمدة من التعليم العالي.
وأضاف أن فريقاً من طلبة الدراسات العليا بالجامعة شاركوا في إعداد تقرير وزاري أعدته وزارة الشباب في العام 2018 حول اللغة العربية واقعها ومستقبلها. وأوضحت جامعة الإمارات أن مجموعة من طلابها شاركوا في طرح فكرة مبادرة «بالعربي» على مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، التي تبنت الفكرة لتطلقها سنوياً بالتزامن مع اليوم العالمي للغة العربية.
حيث تحرص المبادرة على الاحتفاء باللغة العربية في يومها العالمي، عن طريق التشجيع على استخدام اللغة العربية فقط في جميع منصات التواصل الاجتماعي «تويتر، وفيسبوك، وإنستغرام» طيلة اليوم العالمي للغة العربية. وتركز المبادرة على تقديم فعاليات متنوعة تغطي معظم قنوات الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي.
وقال الدكتور عطا حسن عبدالرحيم مدير مركز التعليم المستمر والتطوير بالجامعة القاسمية في الشارقة، إن رؤية الجامعة تقوم على ركنين: القرآن الكريم واللغة العربية، وتسعى عبر كل كلياتها وبرامجها إلى تخريج طلبة سفراء للإسلام السمح المعتدل من جهة، وللغة العربية الأصيلة من جهة أخرى، ويجتمع فيها أكثر من نصف جنسيات العالم من الناطقين بغير العربية ليدرسوا اللغة العربية كأداة للعلم والمعرفة والتواصل.
وأضاف إن الجامعة أيضاً أنشأت مركز اللغات لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، كما تنظم سنوياً مؤتمراً دولياً بعنوان «تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها»، ويهدف إلى تعريف هؤلاء بثقافة العرب ولغتهم وحضارتهم وعاداتهم وتقاليدهم، ليكون التواصل معهم مبنياً على فهم صحيح لهم ولثقافتهم بعد أن صار فهم الآخر ضرورة مهمة من ضرورات التعايش الإنساني.
وقالت الدكتورة لطيفة الحمادي أستاذ مشارك بكلية الآداب بجامعة الوصل: إن اللغة العربية من أعظم اللغات وأعرقها، لها خصوصية تنفرد بها، وهي المعجزة البيانية التي تكفل رب العزة بحفظها، فالعربية كانت وما زالت لغة حضارة وعلم، وهي نامية متطورة مرنة، لها طاقات تمكنها من الاستجابة لمتطلبات كل عصر، وفي جميع مناحي الحياة.
وثمنت جهود القيادة الرشيدة في تعزيز لغة الضاد، مشيرة إلى أن إطلاق «جائزة محمد بن راشد للغة العربية» في العام 2014، أدت إلى تشجيع الإسهامات الاستثنائية في اللغة العربية، وتكريم روادها، وإبراز التجارب الناجحة والمتميزة في نشرها وتعليمها. وأكدت أن مبادرة «تحدي القراءة العربي» تعتبر أكبر مشروع لتشجيع القراءة لدى الطلاب في الوطن العربي، وكذا مؤتمر دبي للترجمة السنوي الذي تنظمه مؤسسة الإمارات للآداب، بالشراكة مع المجلس التنفيذي لإمارة دبي.
وقال الدكتور سيف النيادي، أستاذ مساعد في جامعة العين، إن جمعية حماية اللغة العربية في الشارقة، التي تأسست في العام 1998، تعتبر حلقة الاتصال بين جميع المؤسسات والهيئات وملتقى الأفراد، وتقدم مجموعة من الخدمات بهدف حماية اللغة العربية، مثل تبنيها مسابقة «المخزون اللغوي»، وهي مخصصة لحفظ الشعر وموجهة إلى طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية.
«لسان الفطرة»
كما أطلقت الجمعية برنامج «لسان الفطرة» بعنوان «أحب لغتي العربية»، وهو عبارة عن كتاب موجه لطلاب رياض الأطفال لربطهم بلغتهم الأم منذ الصغر، علاوة على تنظيم الندوات والمؤتمرات الخاصة باللغة العربية، ودعم الأنشطة التي تعزز الهوية الوطنية، وصولاً إلى تعليم مهارات اللغة والأدب للناطقين بالعربية.
وتقول مريم حمد الشامسي، الأمين العام لمؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية، إن أبرز المبادرات والجهود الحثيثة التي تبذلها دولة الإمارات، تتمثل في ميثاق اللغة العربية، الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ليكون مرجعاً لجميع السياسات والقوانين المتعلقة بحماية اللغة العربية، وتعزيز استخدامها في الحياة العامة.
وتضمن الميثاق تشكيل المجلس الاستشاري للغة العربية، الذي يتولى رعاية ودعم الجهود الرامية لتطبيق مبادئ وتوصيات «ميثاق اللغة العربية»، فضلاً عن تشكيل لجنة خبراء عربية دولية.
وتضمن الميثاق تنظيم مسابقات مدرسية في المدارس الحكومية والخاصة، تهدف لإبراز المبدعين والمتميزين في اللغة العربية من الطلبة ورعايتهم، وتشمل المسابقات مجالات الكتابة والخط العربي والقراءة، إضافة للشعر العربي، وتعمل تلك المسابقات تحت مظلة وزارة التربية والتعليم، ضمن سلسلة من الفعاليات السنوية الرئيسية خلال العام الدراسي.
منارة ثقافية
وقالت الدكتورة نعيمة عبداللطيف قاسم مدير إداري في مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية: «من أبرز مرتكزات منهجية وخطط ومشاريع مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية، وبناءً على ما تؤكد عليه دائماً رئيسة مجلس إدارة المؤسسات الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان أن الأجيال القادمة تحتاج إلى دعم أكبر في تنمية رؤيتها للغة العربية، فبدون علاقة قوية للطفل بها سيفقد علاقته بتراثه، ويفقد هويته».
وأضافت إنه من هذا المنطلق جاءت توجيهاتها إلى تبني مشاريع عدة لدعم وتمكين الأجيال بلغتهم التي تعد محوراً أساسياً من محاور هويتهم الأصيلة، حيث أسست منذ عام 1997 أول مجلس للفكر والمعرفة في دولة الإمارات لبث الوعي الفكري عبر القراءة والمناقشة والنقد والحوار بلغة الضاد، وأنشأت أول مكتبة للطفل في مدينة العين عام 2005 ومنذ ذلك الحين وهي منارة ثقافية ومقصد لكل الفئات العمرية، وليصل الكتاب إلى القارئ وتصبح القراءة عادة يومية أطلقت برنامج الحافلة المتنقلة الذكية لتجوب الحدائق والمدارس محملة بمصادر المعرفة الورقية والذكية.
وأوضحت الدكتورة هنادا طه ثومور أستاذ كرسي اللغة العربية بجامعة زايد، مديرة مركز (زاي) لتعلم اللغة العربية أن حماية اللغة العربية والنهوض بها، نهج تسير عليه دولة الإمارات، حيث تحرص قيادتها الرشيدة على توفير أفضل السبل لتعزيز مكانة اللغة العربية، ضمن رؤيتها في أن تصبح مركزاً للامتياز في اللغة العربية، ومن خلال مبادرات وبرامج نوعية، شملت النخب والكفاءات التربوية والطلبة والدارسين، ومختلف فئات المجتمع.
ومن هذا المنطلق، أطلقت جامعة زايد أداة «سرد»، لتشخيص صعوبات القراءة المبكرة باللغة العربية لدى الطلبة وعلاجها، من أجل تعزيز تعلم القراءة باللغة العربية وتنمية مهارات تعلمها، مشيرة إلى أن مركز زاي، يقوم على محاور عدة، منها البحث العلمي الذي ينظر إلى نتائج الاختبارات العالمية المتعلقة بالقراءة والفهم القرائي، وهو القدرة على الإجابة عن أسئلة عميقة متعلقة بما نقرأه.
منصة «مدرستي»
وقالت ريهام فوزي إن منصة «مدرستي» تعتبر المنصة الإلكترونية التعليمية المفتوحة، الأكبر من نوعها عربياً، وتضم أكثر من مليوني مشترك، وتمثل إحدى «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، وتطلق مشروع دروس تعليم اللغة العربية، ليوفر 1000 درس تعليمي بالفيديو في متناول عشرات ملايين الطلاب العرب وغيرهم من متعلمي اللغة العربية حول العالم.
كما أوضحت أن مؤتمر اللغة العربية الدولي يعد من أهم المؤتمرات العربية، حيث يتناول موضوعات تتعلق باللغة ودورها في الإبداع والابتكار والتنمية المستدامة والاستثمار في المعرفة والتقنية الحديثة وتعزيز الأمن والوحدة الوطنية وتشجيع التضامن والتكامل والتبادل الثقافي العربي والدولي نظراً لأهمية اللغة في حياة الفرد والمجتمع والدولة، كما يهتم بموضوعات اللغة العربية والإدارة وسوق العمل والتعليم والإعلام والثقافة وغيرها من الميادين الحيوية.