روسيا تتوقع "مفاوضات صعبة" بشأن النزاع في أوكرانيا

توقّع الكرملين أن تكون المفاوضات التي ستجرى بوساطة أميركية في السعودية "صعبة"، معتبرا أنها مجرّد "البداية" في تسوية النزاع في أوكرانيا، في حين تسعى واشنطن وكييف إلى وقف الضربات على منشآت الطاقة كحدّ أدنى.

وفي الكواليس، يكثّف دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الجهود لوضع حدّ للحرب.

واستأنف التواصل مع فلاديمير بوتين، رسميا مرّتين إحداهما هذا الأسبوع، كاسرا سياسة عزل الرئيس الروسي التي انتهجها الغرب ومستعملا بعض عناصر الرواية الروسية لدوافع الحرب الروسية الأوكرانية.

ويرتقب في الساعات المقبلة انعقاد محادثات أميركية روسية وأميركية أوكرانية منفصلة في السعودية في مسعى إلى التوصّل إلى هدنة محتملة توقف الضربات على منشآت الطاقة.

هذه المحادثات مع الوسيط الأميركي بين الروس من جهة والأوكرانيين من جهة أخرى التي كان من المرتقب أن تنطلق الإثنين والتي وصفها الكرملين الأحد بـ"الصعبة" قد تجرى الواحدة تلو الأخرى.

والأحد، أفاد مصدر أوكراني وسائل إعلام من بينها وكالة فرانس برس بأن الوفدين الأميركي والأوكراني سيجتمعان مساء الأحد في العاصمة السعودية.

وبادر المتحدّث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى خفض سقف التوقّعات المرتبطة بهذه المحادثات، قائلا للتلفزيون الروسي الأحد "هذا موضوع معقد للغاية ويتطلب الكثير من العمل".

وأكّد "لسنا سوى في بداية هذا المسار"، أي مسار تسوية النزاع الذي اندلع إثر الروسية الأوكرانية في فبراير 2022.

تباينات كبيرة

تدفع أوكرانيا بضغط من الإدارة الأميركية باتّجاه وقف شامل لإطلاق النار.

وإذا كانت أوكرانيا تعرب عن استعدادها لوقف شامل لإطلاق النار، فإن روسيا التي يتقدّم جيشها في الميدان رغم الخسائر الثقيلة تسعى إلى التسويف، مشدّدة على أنها لم تتّفق مع واشنطن حتّى الساعة سوى على وقف قصف منشآت الطاقة.

وفي مؤشّر إلى التباينات في وجهات النظر، سيكون الوفد الأوكراني برئاسة وزير الدفاع رستم عمروف، في حين قرّر بوتين إيفاد مبعوثين أدنى رتبة هما سناتور ودبلوماسي سابق ومسؤول في جهاز الأمن الداخلي.

ومن الفروقات الأخرى ما قاله بيسكوف الأحد عن أن المسألة "الرئيسية" للمحادثات بين الأميركيين والروس ستكون "استئناف العمل" باتفاق الحبوب في البحر الأسود، من دون الإشارة بتاتا إلى اتفاق محتمل بشأن وقف محدود أو غير مشروط للقتال.

في هذا الصدد، قال مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف لقناة فوكس نيوز "أعتقد أنكم سترون في السعودية الاثنين تقدما حقيقيا، لا سيما في ما يتعلق بوقف إطلاق النار في البحر الأسود على السفن بين البلدين. ومن ثم، ستتجه الأمور بشكل طبيعي نحو وقف إطلاق نار شامل".

أتاحت مبادرة البحر الأسود التي كانت سارية بين صيفي 2022 و2023 لأوكرانيا تصدير حبوبها الأساسية لتغذية العالم، رغم انتشار أسطول روسي في المنطقة.

وانسحبت موسكو عام 2023 من الاتفاق الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة، متهمة الغرب بعدم الوفاء بالتزاماته بتخفيف العقوبات على صادرات روسيا من المنتجات الزراعية والأسمدة.

وأكّد بيسكوف "نعتزم الاثنين مناقشة موافقة الرئيس بوتين على استئناف العمل بما يسمى مبادرة البحر الأسود، وسيكون مفاوضونا مستعدين لمناقشة الفروقات الدقيقة حول هذه المشكلة".

وكان مسؤول أوكراني رفيع المستوى قد أفاد وكالة فرانس برس الجمعة بأن المناقشات بين الأوكرانيين والأميركيين ستركّز على النواحي "التقنية" من وقف مؤقت وجزئي للمعارك.

تقدّم نادر

بموازاة الجهود الدبلوماسية، أعلن الجيش الأوكراني الأحد عن استعادته قرية صغيرة في منطقة لوغانسك الشرقية، في تقدّم نادر لقوّاته في المنطقة التي سيطرت عليها روسيا بالكامل تقريبا منذ 2022.

وليل السبت الأحد، تعرّضت العاصمة كييف لهجوم "كثيف" من المسيّرات الروسية، بحسب السلطات المحلية.

في أعقاب هذا القصف الجديد، طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ"مزيد من أنظمة الدفاع الجوية ودعم فعلي" من الغرب.

وقضى في القصف ثلاثة أشخاص، من بينهم أب وابنته، فيما أصيب 10 أشخاص بجروج، من بينهم رضيع لم يبلغ عامه الأول، بحسب ما أفادت الإدارة العسكرية في كييف.

واستهدف القصف عدّة أحياء في العاصمة الأوكرانية وطال خصوصا مباني سكنية، متسبّبا بحرائق كبيرة، بحسب مشاهد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأفادت إدارة منطقة كييف من جانبها بسقوط جريحين في بوتشا بالقرب من العاصمة، فضلا عن إصابة شخصين آخرين في خيرسون في الجنوب، وفق المسؤول المحلي رومان مروتشكو.

واستنكر وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا من جهته ضربات "استهدفت مناطق سكنية ومدنيين ينامون في ديارهم".

وقال إن "الإرهاب المنهجي والمتعمّد لروسيا في حقّ مدنيين يتعارض مع تصريحاتها الخاصة بشأن السلام ويقوّض جهود السلام المبذولة من الولايات المتحدة وشركاء آخرين".

وأكّد رئيس المكتب الرئاسي أندري يرماك من جهته أن "روسيا لا توقف النار وبوتين يريد قتل المزيد من المدنيين ولا بدّ من وضع حدّ لذلك".

وتسعى أوكرانيا ردّا على الضربات التي تستهدف أراضيها يوميا منذ أكثر من ثلاث سنوات إلى زعزعة السلسلة اللوجستية للجيش الروسي من خلال استهداف مواقع عسكرية أو منشآت للطاقة مباشرة على الأراضي الروسية.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية من جانبها صدّ 59 مسيّرة أوكرانية ليل السبت الأحد.

وفي منطقة روستوف (الجنوب)، قتل رجل في ضربة لمسيّرة على سيّارته، بحسب الحاكم الإقليمي الروسي يوري سليوسار الذي لم يقدّم مزيدا من التفاصيل.

وأعلن الجيش الروسي الذي يحرز تقدّما كبيرا في الميدان عن السيطرة مجددا على بلدة سريبنيه في الشرق الأوكراني.