بدأت أوروبا شتاء العام الجديد بدون الغاز الروسي، بعدما أوقفت أوكرانيا تدفقه في الساعات الأولى من يوم أمس، عبر خطوط أنابيب تمر من أراضيها إلى أوروبا، إثر انقضاء أجل اتفاقية العبور، وفشل موسكو وكييف في التوصل إلى اتفاق لتمديدها.
وثمة جدل بين من يرى أن تأثير هذا التوقف سيكون محدوداً في دول أوروبا التي استعدت لمثل هذا السيناريو، وبين من يرى أن تداعيات هذه الخطوة ستكون خسائر كبيرة لأوروبا، وليس فقط على روسيا وأوكرانيا وحدهما.
ورغم استمرار الحرب لما يقرب من ثلاث سنوات، استمر تدفق الغاز الروسي، لكن شركة غازبروم الروسية للغاز قالت إنها أوقفت توريد الغاز في الساعة 05.00 بتوقيت غرينتش بعدما رفضت أوكرانيا تجديد اتفاقية العبور.
وقال وزير الطاقة الأوكراني جيرمان جالوشينكو في بيان: «أوقفنا عبور الغاز الروسي. هذا حدث تاريخي. روسيا تخسر أسواقها، وستتكبد خسائر مالية».
وذكرت المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي استعد لقطع الإمدادات. وقال متحدث باسم المفوضية: «البنية الأساسية للغاز في أوروبا مرنة بما يكفي للتزود بالغاز من منشأ غير روسي... تم تعزيزها منذ عام 2022 بقدرات جديدة وكبيرة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال». وكان الاتحاد الأوروبي قلص اعتماده على الطاقة الروسية منذ بداية الحرب في أوكرانيا من خلال شراء كميات بديلة من مصادر أخرى.
وجهزت دول التي لا تزال تشتري الغاز الروسي، مثل سلوفاكيا والنمسا، إمدادات بديلة. وستواصل المجر استقبال الغاز الروسي عبر خط أنابيب «ترك ستريم»، الذي يحتوي على فرعين في قاع البحر الأسود.
خسائر أوكرانية
ستخسر أوكرانيا بهذا القرار ما يصل إلى مليار دولار سنوياً قيمة رسوم تدفعها روسيا. وللتغلب على هذه الخسارة، رفعت الحكومة تعريفة الغاز للمستهلكين المحليين إلى أربعة أمثالها اعتباراً من أمس، ما قد يكلف هذا القطاع أكثر من 1.6 مليار هريفنيا (38.2 مليون دولار) سنوياً.
وستخسر غازبروم أيضاً نحو خمسة مليارات دولار قيمة مبيعات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا.
وشحنت روسيا حوالي 15 مليار متر مكعب من الغاز عبر أوكرانيا في عام 2023 انخفاضاً من 65 مليار متر مكعب عندما بدأ آخر تعاقد في عام 2020 ولمدة خمس سنوات.
وذكرت الحكومة في مولدوفا أنها تتخذ إجراءات لخفض استهلاك الطاقة في البلاد بنحو الثلث على الأقل. وتخطط لتلبية 38 بالمئة من احتياجاتها من خلال الإنتاج المحلي، بما في ذلك 10 بالمئة من مصادر الطاقة المتجددة، واستيراد 62 بالمئة المتبقية من جارتها رومانيا.
وقال دانييل فودا المتحدث باسم الحكومة أمس الأربعاء، إن جميع مستهلكي الطاقة في مولدوفا آمنون، وإن محطات الطاقة الحرارية في البلاد تعمل بشكل طبيعي. وأضاف أن احتياطيات الغاز في مولدوفا تكفي لفترة البرد.
وكانت روسيا تزود مولدوفا بنحو ملياري متر مكعب من الغاز سنوياً تضخها عبر محطة للطاقة في ترانسنستريا.
إمدادات آمنة
وأكدت النمسا أن إمدادات الغاز للاستخدام المنزلي والصناعي آمنة، بعد أن توقف مرور الغاز الروسي عبر أوكرانيا. وقالت ليونورا جيفيسلر وزيرة الطاقة النمساوية، في بيان، إن بلادها اتخذت الاحتياطات اللازمة واستعدت بشكل جيد لهذا الوضع الذي لم يكن مفاجئاً.
وأعلنت شركة تشغيل شبكات توزيع الغاز في النمسا «AGGM»، توقف وصول الغاز الروسي من سلوفاكيا إلى محطة «بومغارتن» النمساوية، مؤكدة عدم تأثر إمدادات الغاز المنزلي أو حدوث أي تغير في الأسعار نتيجة ذلك.
وقالت شركة إس.بي.بي المهيمنة على استيراد الغاز في سلوفاكيا إنها استعدت للموقف وستزود جميع عملائها عبر طرق بديلة، وفي الأساس عبر خط أنابيب من ألمانيا والمجر، لكنها ستواجه تكاليف إضافية بسبب رسوم النقل.
لكن رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو قال، إن إيقاف نقل الغاز عبر أوكرانيا سيكون له تأثير بالغ على دول الاتحاد الأوروبي وليس روسياً. وحذر من أن إيقاف عبور الغاز سيكلف سلوفاكيا مئات الملايين من اليورو نتيجة خسارة عائدات العبور وزيادة رسوم استيراد الغاز من جهات أخرى. وأضاف أن ذلك سيؤدي أيضاً إلى ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء في أوروبا.
وقال فيستو: «قرار زيلينسكي هذا سيكلف الاتحاد الأوروبي نحو 50 مليار يورو من الغاز وحده، و70 مليار يورو أخرى من الكهرباء المولدة من الغاز، وستدفع أوروبا مبلغاً لا يصدق، قدره 120 مليار يورو لوقف تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، ثم عبر سلوفاكيا إلى دول أوروبية أخرى».