إسرائيل تكرر سيناريو غزة في لبنان

أفراد من الدفاع المدني اللبناني في مكان وقوع غارة إسرائيلية على بيروت
أفراد من الدفاع المدني اللبناني في مكان وقوع غارة إسرائيلية على بيروت

تبدو مناطق كثيرة في لبنان كقطع محروقة صكّت من غزة، إذ تتواصل فيهما الغارات الإسرائيلية ضد الإنسان والعمران. وفي ذروة الحرب التي لا زالت ترمي بظلالها في قطاع غزة، وأعادت إلى الأذهان سيرتها الأولى، وخصوصاً في مخيم جباليا شمال غزة، حيث الحصار المطبق والقصف العنيف، تمارس إسرائيل السلوك ذاته وهي تضرب بعنف وقسوة مفرطة في لبنان.

على مر الأزمان، ثمة ترابط والتحام وثيق بين الحالتين الفلسطينية واللبنانية، نظراً لتغلغل وامتداد المخيمات الفلسطينية على مساحة الأرض اللبنانية، إذ لم تتردد «بلاد الأرز» في فتح أبوابها في وجه الفلسطينيين الذين عانوا ظلم النزوح والتشريد والتهجير.

ولأنهم يسمعون صرخة المنكوب أكثر من غيرهم، يتعاطف الفلسطينيون اليوم، كثيراً مع إخوانهم اللبنانيين، فكلاهما يعاني الجوع والحصار بفعل الحرب، وبدت تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، بتحويل لبنان إلى غزة ثانية، حقيقة واقعة، ففي ظل اشتداد وطأة القصف والتدمير في غزة، تمارس المقاتلات الحربية الإسرائيلية الأمر ذاته في لبنان، حيث تتسع دائرة الحرب.

ومع مضي إسرائيل قدماً في الحرب على الجبهتين، مواصلة ضربها بلا هوادة من جباليا ودير البلح إلى المدن اللبنانية، تتقاطع لغة إسرائيلية واحدة على حطام الغارات التدميرية الشاملة، بعودة مستوطني غلاف غزة، والشمال إلى منازلهم، ومناقشة وضعية «اليوم التالي» في كل من غزة ولبنان.

إعادة تشكيل

وفقاً للباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية سليمان بشارات، فإن مرتكزات إنهاء الحرب في كل من غزة ولبنان، حسب الرؤية الإسرائيلية ترتسم بإعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة، من خلال إنهاء حركة «حماس» و«حزب الله»، وتشديد قبضة إسرائيل، وردع إيران وشل قدراتها العسكرية.

ويقرأ بشارات في تصريحات نتانياهو، التي حددت الأهداف «فوق العسكرية» تلاقياً مع النداءات المتكررة في غزة، بالتخلص من «حماس»، كي يعيش الغزيون بأمن وسلام. وأضاف: «لم يكن عابراً قول نتانياهو لأهل لبنان، إن غزة ثانية تنتظركم».

وفي هذا الإطار، تهبط مع أجواء الحرب المعلنة والمستمرة في كلا الاتجاهين (غزة - بيروت) التصريحات الأكثر خطورة لنتانياهو، بأن «لبنان سينزلق إلى هاوية حرب طويلة الأمد، وسيعيش معاناة أهل غزة، ما لم يتحرر من حزب الله».

شيء من هذا القبيل، بدأ يظهر بقوة، من خلال استهداف الطيران الحربي الإسرائيلي، بعض نقاط إيواء النازحين في لبنان، الأمر الذي دأب عليه الجيش الإسرائيلي في غزة، منفذاً مجازر مروعة.

في غزة وبيروت، تشتد الغارات التدميرية وتتوسع شمالاً وجنوباً، مصحوبة بمحاولات توغل بري، فيما عداد الضحايا يسجل أرقاماً مفزعة في صفوف المدنيين العزل، فالحرب آخذة في الاتساع، فيما الجهود السياسية عالقة في عنق الزجاجة.