دخان الحرب يحجب وجه غزة

نازحون فلسطينيون يجلسون بجوار خيامهم في مخيم مؤقت بخان يونس
نازحون فلسطينيون يجلسون بجوار خيامهم في مخيم مؤقت بخان يونس

تندفع عجلة الحرب في غزة على عتبة عامها الثاني، بخطوات متدحرجة إلى الأمام، نحو نقطة اللاعودة، في حرب باتت مفتوحة على معادلات صعبة، عنوانها ليّ الأذرع، وقوامه «الانسحاب مقابل الأسرى»، لكن لا حلول تلوح في الأفق، في ظل مفاوضات اختفت تحت سحب الدخان المتصاعد، وتحت ركام المنازل.

وتتصاعد بالآلاف أعداد ضحايا الحرب على غزة، بينما يتسع نطاق الدمار والنزوح ساعة بعد أخرى، مقروناً بحرب أخرى أشد ضراوة، قوامها الجوع والحصار، ليس هذا فقط ما تجلى عليه المشهد، مع حلول الذكرى الأولى للحرب، بل إن غزة بدت كأنها منسية، إذ إن المواجهة الجديدة والمحتدمة على جبهة لبنان، سحبت البساط من تحت أقدام حرب غزة، وسط مخاوف من أن تدخل في عامها الثاني، تحت طي النسيان.

وتنبئ التدابير الحربية التي تفرضها إسرائيل، بإدخال المنطقة في دوامة حرب طويلة الأمد، ما يعني أن الحرب الأوسع بدأت بالفعل، وأن غزة ربما دخلت فوهة المنعطف الأخطر في عامها الثاني، وبات الجواب واضحاً على كل تساؤل حول مجرى ريح الحرب، وكفيلاً بالكشف عن باب التصعيد، الذي فُتح على مصراعيه، وتحطمت معه كل قواعد الضبط.

حرب ستطول

يقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، إن إسرائيل زجت المنطقة بأتون حرب كبرى، بحيث أخرجت حريق غزة إلى دول أخرى في الإقليم، متجاوزة كل خطوط الاشتباك، مرجحاً استمرار الحرب.

ويوالي لـ «البيان»: «على مسرح المجازر المروعة، تتواصل الحرب على قطاع غزة، في أحدث نسخة للإبادة الجماعية في التاريخ، وفي خفايا المخططات الإسرائيلية، ما يشي بانهيار آخر جدران التهدئة، وارتفاع مؤشر عداد الحرب».

ويرى أبو يوسف، أن المرحلة باتت معقدة، خصوصاً مع مضي إسرائيل في مسار الحرب، كما أن الإشارات الأولية للعام الثاني من الحرب، تظهر صعوبة العودة إلى الوراء، بل إن الأوضاع غدت أقرب إلى المواجهة المفتوحة في الإقليم، ما يفضي إلى أيام حرجة، سيعيشها الشعب الفلسطيني.
وتدخل الحرب على غزة عامها الثاني، وسط تقديرات تؤشر إلى أنها مرشحة للاستمرار، وذلك في ضوء مسعى إسرائيلي لتحقيق الأهداف التي لم تتحقق بعد.

فبرأي الكاتب والمحلل السياسي، هاني المصري، يتضح ترجيح استمرار الحرب، خصوصاً مع انتقال كرة النار إلى لبنان، وتوقف الاتصالات السياسية، وجهود التهدئة، التي يصر نتنياهو على تعطيلها، دون إغفال تأثير العوامل الضاغطة الأخرى، وفي مقدمها الاحتجاجات الداخلية التي يتعرض لها نتنياهو من ائتلافه الحكومي المنادي باستمرار الحرب وتوسيع رقعتها.

يوضح المصري: «مع أهمية أخذ كل السيناريوهات بالحسبان، فالخيار المرجح، والذي يستوجب الاستعداد له، هو استمرار الحرب، ولو بأشكال وأدوات جديدة».

ومع نهار جديد، تفرك معه غزة عينيها على وقع سنة ثانية، وموجة عاتية من القتل والدمار، تبدو وكأنها في الأيام الأولى لحرب الإبادة، فيما تتكشف حقائق ثقيلة الوطأة، بقادم مفزع وآتٍ صعب، ومن قلب الدخان الذي يتصاعد، بدا من الصعب استشراف نهاية الحرب الأكثر فتكاً بالفلسطينيين، حيث خرجت الأمور عن السيطرة، كما يرى الغزيون.