ربما من قبيل المصادفة أن تسلم مؤسسة «روستيخ» الروسية الجيش الروسي دفعة جديدة من مقاتلات «سو - 57» و«سو - 34» المتطورة، بالتزامن مع تحليق مقاتلات حلف الناتو في أجواء البلطيق لهدف معلن هو «ردع روسيا».
لكنها صدفة تشبه الضرورة في ظل التوتر القائم بين روسيا والحلف، وبخاصة في الساحة الأوكرانية المشتعلة.
وقالت وكالة سبوتنيك الروسية إن مقاتلة «سو - 57» المتعددة الوظائف قادرة على ضرب الأهداف الجوية والبرية والبحرية ويمكن استخدامها على مدار الساعة، بما في ذلك في الظروف الجوية الصعبة وفي بيئات التداخل المعقدة.
ونقلت عن سيرغي تشيميزوف، رئيس مؤسسة «روستيخ»، قوله: إن مقاتلات «سو - 57» و«سو - 34»، التي تم تسليمها أمس، ستأخذ مكانها في الخدمة قريباً. وأردف: «تعتبر المقاتلة سو - 57، ملكة السماء، المقاتلة الأكثر تقدماً في خط المقاتلات العملياتية التكتيكية.
اليوم هي المقاتلة الوحيدة في العالم التي أثبتت حقها في أن يطلق عليها مقاتلة من الجيل الخامس في ظروف قتالية متعددة، ويمكنها العمل بفعالية ضد مجموعة متنوعة من الأهداف باستخدام مجموعة واسعة من الأسلحة العالية الدقة. انخفاض الرؤية يسمح لها باستهداف العدو حتى في مواجهة أنظمة الدفاع الجوي الحديثة».
شرطة السماء
في الأثناء، تنتظر طائرتا رافال من المفرزة الفرنسية التابعة لحلف الناتو على المدرج في قاعدة شياولياي في ليتوانيا أن تنجز مقاتلات اف - 35 تابعة لهولندا وأقلعت من إستونيا، عملية اعتراض قاذفات روسية.
ووفقاً لتقرير نشرته وكالة فرانس برس، فإن الآلية المسماة «شرطة السماء» تأسّست بعد انضمام دول البلطيق إلى الحلف في عام 2004، وتم تعزيزها في 2014 بعدما ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية، وهي قيد التشغيل حالياً، في خضم الحرب الدائرة في أوكرانيا وقوامها ثلاث مفرزات دوّارة: اثنتان في شياولياي والثالثة في قاعدة أماري الإستونية.
وقال قائد المفرزة الفرنسية ماتيو الذي يتعذّر نشر كامل هويته: «كانت هذه جلسة تدريبية لنا مع الهولنديين الذين كانوا في حال تأهب قصوى». وأضاف: «كانت هناك حزمة روسية كبيرة انطلقت من سان بطرسبرغ وكانت تجوب الأجواء قرب فنلندا وإستونيا وصولاً إلى السويد».
وأكدت قيادة القوات الجوية التابعة لـ «الناتو» أن «مفرزة الشرطة الجوية الهولندية في أماري بإستونيا نشرت مقاتلات اف - 35 في 17 ديسمبر لاعتراض مقاتلتي سوخوي - 27 روسيتين وقاذفتين روسيتين من نوع باكفاير».
وكانت المفرزة الفرنسية اعترضت قبل بضعة أيام طائرة شحن روسية من نوع إليوشين - 18.
وقال اللفتنانت كولونيل الليتواني روبرتاس توماسونيس، المسؤول الثاني في قاعدة شياولياي: منذ بدء النزاع في أوكرانيا تضاعف عدد عمليات الإقلاع الطارئة ثلاث مرات، لافتاً إلى أن الروس «يراقبون منطقة بحر البلطيق ودول الحلف.. إنه روتينهم اليومي».
وقال الكابتن توما، وهو ضابط استخبارات فرنسي: «إن هدفنا ليس الذهاب للبحث في الجانب الآخر»، مشيراً إلى أن روسيا تذهب إلى أقصى حد ممكن «مع كثير من الطائرات».
الردع المضاد
في معسكر «الناتو»، الهدف المعلن هو الردع بالطريقة نفسها. إنها المرة الأولى التي ينشر فيها الفرنسيون مقاتلات رافال ذات القدرات الأكبر مقارنة بمقاتلات ميراج 2000 التي تنتجها شركة داسو الدفاعية والتي كانت تستخدم سابقاً.
والمهمة هي الأولى في المناطق الشمالية بالنسبة لكثر من الطيارين الفرنسيين الذين تم نشرهم في العراق أو سوريا، وهي تمنحهم تجربة جديدة إذ يرتدون بزات ثقيلة يفترض أن تبقيهم على قيد الحياة في بحر البلطيق أو تعلّمهم كيفية إزالة الجليد عن مقاتلات رافال وحمايتها من التآكل.
وقال الباحث في مركز الدراسات الأمنية في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية جان-كريستوف نويل: «إن الروس حاضرون على الدوام وسيواصلون على الأرجح محاولاتهم لزعزعة الاستقرار، ومحاولة إضعاف التضامن عبر الأطلسي».