تقترب حرب أوكرانيا من إتمام عامها الثالث، وثمة وقف لإطلاق النار يلوح في الأفق، مع اقتراب دونالد ترامب من دخول البيت الأبيض ومن المتوقع أن يدفع نحو التوصل إلى اتفاق لتجميد الصراع الذي يتجاوز أوكرانيا نحو صراع أوسع بين روسيا وحلف الناتو، مع مخاطر جدية وواقعية لمواجهة قد تتطور إلى نووية.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قوله أمس، على قناة «روسيا 1»، إن موسكو متمسكة بمبدأ «لا منتصر ولا غالب» في الحرب النووية، لكنها ـ كما قال ـ «لا تنصح باختبار صبرها».
وينوّه إلى عدم رغبة بلاده في إثارة مسألة مخاطر استخدام الأسلحة النووية.
ويضيف إن «موسكو تأمل أن يسمع أولئك الذين لديهم آذان، والذين لديهم عقول. فليفهموا».
بؤرة أساسية
وإذ تبقى الساحة الأوكرانية بؤرة أساسية للمواجهة، تعتبر المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن افتتاح مركز لـ«الناتو» لتعزيز التدريب الأمني لأوكرانيا على أراضي ألمانيا يعني مشاركة مباشرة في الصراع. تقول: «في الواقع، أصبح الناتو منخرطاً بشكل متزايد في الصراع الأوكراني».
وتتهم زاخاروفا كذلك «الناتو» بالسعي لتحويل مولدوفا إلى مركز لوجستي لدعم الجيش الأوكراني، وبالتالي الاقتراب من روسيا.
ويرى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا «أنه في حال التوصل لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، فإن أحد الاحتمالات هو نشر قوات حفظ سلام غربية.
هذا السيناريو يطرح بالنسبة للحلف سؤالاً: ماذا لو أصبحت هذه القوات أهدافاً وانخرط الحلف مباشرة في الحرب؟
ويبقى السؤال الأهم ما إذا كان الحلف قادراً على هزيمة روسيا في حرب تقليدية. وينقل التقرير عن رئيس أركان الدفاع البريطاني توني راداكين قوله إن حرباً تقليدية شاملة بين روسيا والحلف سوف تكون لصالح الأخير، حيث تتفوق القوات الجوية القتالية التابعة للحلف على القوات الروسية بنسبة 3 - 1، فضلاً عن الفارق الكبير في عدد الأفراد العسكريين.
صراع مختلف
لكنه يلفت إلى أن قوات الحلف لم تواجه قط ذلك النوع من الصراع الذي ظهر في أوكرانيا، وعلى الرغم من التدريبات العسكرية المكثفة فإنها لم تختبر خوض المعارك بشكل حقيقي.
وخلافاً لذلك، فقد أظهرت روسيا قدرات على نقل الاحتياطيات إلى الخطوط الأمامية في وقت قصير، من دون أن تلجأ إلى التجنيد الإجباري، بل بالاعتماد على مجتمعها الواسع من المحاربين القدامى والأعداد الكبيرة من المتطوعين للقتال.
يصل أكثر من مليون شخص إلى سن الخدمة العسكرية في روسيا كل عام، ويجب على جميع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً أداء عام واحد من الخدمة الوطنية. وهذا يعني أن روسيا سوف تحتفظ بأعداد ضخمة من المقاتلين المدربين عسكرياً والقادرين على القتال، في حال المواجهة مع «الناتو».
وحتى مع فرضية أن «الناتو» قدر على الفوز بحرب تقليدية، هل تقبل روسيا بأن تهزم، مع امتلاكها أكبر ترسانة نووية في العالم؟ هنا تجدر العودة لتساؤل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: ما حاجتنا لعالم ليس فيه روسيا!