تتكثف التقارير في الآونة الأخيرة عن توجهات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن العلاقات مع روسيا، إن على صعيد وعود الرئيس العائد إلى البيت الأبيض بشأن خفض المخاطر النووية أو ما يتعلق بإنهاء حرب أوكرانيا.
وفي غياب أي تحرك عملي باتجاه حلحلة هذه الملفات، وكذلك في ظل غياب أي اقتراحات محددة، يتحدث الروس عن التصريحات الأمريكية باعتبارها مجرد «تسخين إعلامي» بهدف تبريد الملفات من دون أن ينعكس ذلك إلى واقع فعلي على الأرض.
آخر التصريحات بهذا الصدد ما نقله موقع سيمافور الإخباري أمس، عن ثلاثة مسؤولين غربيين أن كيث كيلوغ المبعوث الأمريكي الخاص للملف الروسي الأوكراني أبلغ مشاركين باجتماعات دولية في الآونة الأخيرة بأنه يُعد خيارات لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وكان ترامب قال أول من أمس إنه يعتقد بأن الولايات المتحدة تحرز تقدماً في محادثاتها مع روسيا بشأن الحرب في أوكرانيا.
لكنه رفض تقديم تفاصيل. ترامب تحدث عن اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لكن الكرملين رفض تأكيد أو نفي حصول الاتصال.
آفاق غير واعدة
سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي الذي يشرف على العلاقات الروسية الأمريكية والحد من التسلح قال أمس، إن آفاق المحادثات بين روسيا والولايات المتحدة بشأن الاستقرار الاستراتيجي النووي لا تبدو واعدة، كما نقلت وكالة رويترز.
وفي تعليق الشهر الماضي على تصريحات أدلى بها ترامب قال فيها إنه يريد العمل على خفض الأسلحة النووية، ذكّر الكرملين بأن بوتين يكرر مراراً رغبته في استئناف محادثات خفض الأسلحة النووية في أقرب وقت ممكن.
وقال ريابكوف إن أمريكا تريد عقد محادثات ثلاثية تشمل الصين بينما تريد موسكو إشراك بريطانيا وفرنسا، وهما قوتان نوويتان أيضاً، في أي محادثات جديدة للحد من انتشار الأسلحة.
وإذ أشاد بإبداء إدارة ترامب حرصها على التحدث مع روسيا بشأن الصراع في أوكرانيا، قال ريابكوف إن موسكو مستعدة للحوار على أن يتناول الأسباب الجذرية للصراع مع الاعتراف «بالواقع على الأرض»، محذراً من أن توجيه الإنذارات لموسكو لن يفلح، ومشترطاً تلبية جميع شروط الرئيس بوتين.
وكان بوتين حدد في 14 يونيو الماضي، شروطه لإنهاء الحرب على الفور، وهي أن تتخلى أوكرانيا عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف ناتو، وأن تسحب كل قواتها من المناطق الأربع التي ضمتها روسيا ويسيطر الجيش الروسي على معظم أراضيها.
لا اقتراحات
ويجدد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل غالوزين، التأكيد أن موسكو لم تتلقَ أي اقتراحات محددة بشأن حرب أوكرانيا، ويعد - بالتالي - أن تصريحات الغرب وأوكرانيا حول هذا الموضوع ليست سوى «تسخين إعلامي»، وفقاً لوكالة سبوتنيك.
وأضاف: «من المهم أن تكون الكلمات مدعومة بخطوات عملية تأخذ في الاعتبار المصالح المشروعة لروسيا، وتظهر الاستعداد للقضاء على الأسباب الجذرية للأزمة والاعتراف بالحقائق الجديدة»، لافتاً إلى أنه «لم ترد حتى الآن أي اقتراحات محددة من هذا النوع».
وفي وقت سابق أمس، قال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن «عدم شرعية» الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي وحظره للمحادثات مع روسيا يمكن أن تعقدا عملية التفاوض بين موسكو وكييف.
شرعية الموقعين
وبنظر موسكو «هذه العوامل يمكن أن تعقد عملية التفاوض وتسجيل نتائجها.
إذا كانت المفاوضات غير شرعية، فيمكن إعلان نتائجها لاحقاً باطلة قانوناً».
لذلك يقول نيبينزيا إن «من المهم أن يتمتع الأشخاص الذين يوقعون اتفاقيات السلام بالسلطة القانونية للقيام بذلك». ويتساءل: «من سيوقع على اتفاقيات السلام المحتملة وكيف سيتم إضفاء الطابع الرسمي عليها قانونياً؟».
في ظل هذا المشهد، ستجد إدارة ترامب نفسها أمام استحقاقات تجعل حديث الرئيس الأمريكي عن قدرته على إنهاء الحرب في «24 ساعة» أمراً غير واقعي.
وفي ظل الاستبعاد شبه المؤكد لفرضية تراجع موسكو عن مواقفها، في ظل تقدمها الميداني، فإن السؤال الكبير سيخيم على المشهد: هل يصبح إنهاء الحرب رهناً بانتخابات في أوكرانيا تأتي بقيادة منتخبة تمتلك «شرعية» التوقيع على اتفاقية سلام؟