هل تقترب روسيا و«الناتو» من المواجهة العسكرية؟

في حين تتجه الولايات المتحدة لترطيب علاقاتها مع روسيا، تميل أوروبا للتسخين، الأمر الذي يدفع المسؤولين الروس لرفع صوت التحذير، وأحياناً بأسلوب غاضب ومتحدٍ.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حذر أمس، أوروبا من الحديث مع روسيا بـ«لغة التفوق»، قائلاً إنه: «مع روسيا، بمثل هذه اللغة (التفوق)، ليست هناك حاجة للحديث»، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن «سبوتنيك» الروسية.

لافروف قال إنه إذا كان هذا «التحالف الراغب (بنشر قوات أوروبية في أوكرانيا) يقوده على الأقل بعض القادة العقلاء، فعليهم أن يدركوا ذلك بسرعة». وشدد على أن روسيا «لن تتسامح مع مظاهر الميول النازية في أوروبا، وستبذل موسكو قصارى جهدها لضمان أن هذه الأيديولوجية النازية لن ترفع رأسها وتدمر، وتعود أوروبا إلى قيمها».

وبحسب «سبوتنيك»، لاحظت السلطات الروسية مراراً وتكراراً أن بعض الدول الغربية «تحاول تزوير التاريخ». وقالت الوكالة إنه «كما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن موسكو ملزمة بضمان الحفاظ على حقيقة الحرب الوطنية العظمى ومقاومة محاولات تزوير تاريخها».

خبير بريطاني

في السياق، أشارت تقديرات خبير عسكري بريطاني إلى أن دول حلف الناتو قد تنخرط في صراع عسكري مع روسيا في غضون عامين. وفي سياق الحديث عن الاستثمارات العسكرية الضخمة التي تخطط لها ألمانيا، حذّر الخبير إيد أرنولد من مركز الأبحاث البريطاني «آر يو إس آي»، من أن الحكومة الألمانية في ظل ما أسماه التهديد الروسي، لا تملك ترف الوقت لتوزيع هذه الاستثمارات على مدى عشر سنوات، ورأى أنه بدلاً من ذلك، يجب على الجيش الألماني أن يركّز أولاً على التوسيع السريع للمخزونات من أنظمة الأسلحة المجربة والذخيرة - وبشكل خاص ذخيرة المدفعية.

ووفقاً لما نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن أرنولد، فإن الأنظمة الموصى بها تشمل صواريخ كروز طراز «تاوروس»، ودبابات القتال ليوبارد «2 ايه 8»، ومركبات النقل المدرعة طراز «بوكسر». وأوضح أن هاتين المدرعتين (ليوبارد وبوكسر) يجري استخدامهما أيضاً من قِبل دول أوروبية أخرى، ولفت إلى أن الجيش الألماني يمكنه بالتالي أن «يزيد من الإنتاج بشكل كبير»، وأن يُجهّز وحداته العسكرية بمعدات ثقيلة، بل وأن يدعم الحلفاء أيضاً.

وقال أرنولد، إن على أوروبا أن تتخلى عن فكرة السعي دائماً للحصول على الأسلحة ذات التقنية الأعلى. وأضاف: «ما تُظهره حرب أوكرانيا هو أنك لست مضطراً دائماً إلى أن تمتلك الأفضل. بل يكفي أن تكون أفضل قليلاً من العدو»، وأضاف أنه لا ينصح بإنفاق مبالغ كبيرة على معدات يمكن أن تُفقد بمعدل عشر وحدات في اليوم في حالة الحرب.

وفيما يتعلق بالطائرات المسيّرة، رأى أرنولد أن الأمر المهم لا يقتصر على مجرد امتلاك مخزونات خاصة منها (عن طريق الشراء)، بل إن الأمر يتمثل بالدرجة الأولى في بناء قدرات إنتاجية منها تتماشى مع وتيرة التطورات التكنولوجية السريعة. وقال إن «التحوّل في أساليب الحرب يعني أن الطائرات المسيّرة تُستخدم في أدنى المستويات العسكرية»، وأردف أن هذه المسيرات «موجودة في كل مكان في ساحة المعركة».

ويعتقد أرنولد أنه في حال سعت روسيا بشكل متعمّد إلى الدخول في صراع (مع دول الناتو)، فإن هذا الأمر سيحدث على أرجح الاحتمالات في منطقة البلطيق، على سبيل المثال عند ثغرة سوفالكي، وهو الممر البري الوحيد بين دول الناتو في وسط أوروبا والحلفاء في منطقة البلطيق. لكنه حذّر أيضاً من أن كثافة الأنشطة العسكرية في أوروبا قد تؤدي إلى اندلاع صراع غير مقصود بين دول الناتو وروسيا في مكان آخر.

اعتراض طائرتين

وقالت بريطانيا أمس، إن اثنتين من طائراتها المقاتلة اعترضتا مسار طائرتين روسيتين فوق بحر البلطيق قرب المجال الجوي لدول حلف الناتو في واقعتين منفصلتين الثلاثاء والخميس. وذكرت وزارة الدفاع البريطانية في بيان أن المقاتلتين من طراز تايفون أرسلتا لاعتراض طائرة تجسس روسية من طراز إليوشن آي.إل 20 إم «كوت - إيه» الثلاثاء، وفقاً لوكالة رويترز.

وأضاف البيان أن المقاتلتين اعترضتا بعد يومين من تلك الواقعة مسار طائرة مجهولة وهي تغادر المجال الجوي لكالينينغراد. وقال لوك بولارد وزير الدولة البريطاني لشؤون القوات المسلحة، إن بريطانيا تكثف جهودها لطمأنة حلفائها وردع أعدائها وحماية أمنها القومي في ظل تنامي العداء الروسي والتهديدات الأمنية.

وأضاف في بيان «هذه المهمة تظهر قدرتنا على العمل جنباً إلى جنب مع السويد أحدث أعضاء الحلف للدفاع عن المجال الجوي لدوله أينما ووقتما اقتضت الحاجة للحفاظ على سلامتنا في الداخل وقوتنا في الخارج».