بعد سنوات من العلاقات الأشد سخونة منذ نهاية الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا، عاد البلدان لترطيب الأجواء بينهما، منذ عاد الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وقد تزامن هذا التعاون على الأرض وفي الفضاء، من دون أن يعني هذا التوافق على كل شيء.
فقد وصل رائد الفضاء الأمريكي جوناثان كيم، مع رائدي الفضاء الروسيين سيرغي ريجيكوف وأليكسي زوبريتسكي،أمس، إلى محطة الفضاء الدولية بعدما انطلقوا من قاعدة «بايكونور» الفضائية الروسية، على متن مركبة الفضاء الروسية «سويوز إم إس-27». ومنذ عاد ترامب إلى البيت الأبيض، تحدث ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر من مرة، ثم عقد الجانبان الأمريكي والروسي نسختين من المحادثات في الرياض بشأن الحرب في أوكرانيا. وأمس، أعلنت الخارجية الروسية أن جولة جديدة من المشاورات بينهما ستعقد في إسطنبول في غضون أيام، لكن هذه المرة لبحث تطبيع عمليات البعثات الدبلوماسية لكلا البلدين.
الملفات التي يهتم الجانبان في معالجتها كثيرة، سواء الثنائية أو الدولية، وعلى رأسها ما يتعلق بالأسلحة النووية، المهدد الأول للبشرية. ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين كبار في الكرملين أمس، قولهم إن فرص إبرام معاهدة جديدة لخفض الأسلحة النووية مع الولايات المتحدة قريباً ضئيلة نظراً لضعف الثقة، وحذروا من أن دولاً أخرى ستمتلك أسلحة نووية.
تقييم متشائم
ويأتي هذا التقييم المتشائم من موسكو في ظل انهيار منظومة معاهدات الحد من الأسلحة التي سعت إلى إبطاء سباق التسلح وتقليل خطر الحرب النووية والتوسع السريع في الترسانة النووية الصينية.
ولدى سؤاله عن احتمالات الاتفاق على بديل لنيو ستارت (معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية الجديدة)، التي تنتهي في فبراير 2026، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن من الصعب جداً في الوقت الحالي تخيل حتى بدء مثل هذه المحادثات. وقال إنه لمناقشة مثل هذه القضايا الاستراتيجية المعقدة، يجب أن يكون هناك مستوى معين من الثقة المتبادلة، وهي ثقة لم يتم استعادتها «بعد» بين موسكو وواشنطن، ولكن ربما يحدث ذلك إذا توافرت لدى بوتين وترامب الإرادة السياسية لتحقيق ذلك.
ووفقاً لاتحاد العلماء الأمريكيين، فإن روسيا والولايات المتحدة أكبر قوتين نوويتين في العالم بفارق كبير، إذ تمتلكان نحو 88 بالمئة من إجمالي الأسلحة النووية، تليهما الصين وفرنسا وبريطانيا والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية.
وقال الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف أمس، إن مزيداً من الدول ستحصل على أسلحة نووية في السنوات المقبلة، محملاً الغرب مسؤولية دفع العالم نحو شفا حرب عالمية ثالثة بشنه حرباً بالوكالة ضد روسيا في أوكرانيا.
لكن بعض المراقبين لا يستبعدون أن يقود التقارب بين ترامب وبوتين إلى تدوير الزوايا في الملفات التي تبدو معقدة، بما فيها ما يتعلق بالنووي، وبخاصة إذا علمنا أن لدى ترامب تركيز خاص على الصراع التجاري مع الصين.
استعادة كورسك
وعلى ذكر أوكرانيا، أعلن الجيش الروسي أمس، طرد القوات الأوكرانية من منطقة تدعى جويفو في منطقة كورسك الروسية، وتنفيذ ضربات جوية ومدفعية على القوات الأوكرانية عبر الحدود.
وبعدما استعادت روسيا معظم أراضي كورسك في الأشهر الأخيرة، بدأت في السيطرة على أراض بمنطقة سومي الأوكرانية المقابلة لكورسك، حيث تحدث بوتين عن إمكانية إنشاء منطقة عازلة.
ووفقاً لخرائط نشرها عسكريون، فإنه بعد استعادة روسيا بلدة غويفو، لم تعد القوات الأوكرانية متواجدة سوى في قريتين حدوديتين بهذه المنطقة.