شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجوماً سياسياً قاسياً على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لقوله إن أوكرانيا لن تعترف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم، في وقت يغلي ملف الحرب في أوكرانيا بالكثير من التطورات، إذ لوحت واشنطن بتخليها عن مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.
ووصف ترامب تصريح زيلينسكي بأنه تحريضي سيصعّب التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا. وكتب ترامب على منصته «تروث سوشيال»: «شبه جزيرة القرم فُقدت منذ سنوات وليست حتى موضع نقاش».
وأضاف «لا أحد يطلب من زيلينسكي الاعتراف بالقرم أرضاً روسية، ولكن إذا كان يريدها، فلماذا لم يُقاتلوا من أجلها قبل 11 عاماً عندما سلمت لروسيا دون إطلاق رصاصة واحدة؟». ولوحت واشنطن أمس، بالتخلي عن مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.
وأكد نائب الرئيس الأمريكي، جاي دي فانس، أن على موسكو وكييف الاتفاق على مبادلة الأراضي إذا كانتا تسعيان لوقف إطلاق النار في أوكرانيا. وأفاد دي فانس للصحافيين أثناء زيارة إلى الهند: «أعتقد أن الوقت حان لاتخاذ إحدى الخطوات الأخيرة، إن لم تكن الخطوة الأخيرة.
القول إننا سنوقف القتل، وسنجمد خطوط السيطرة عند مستوى قريب لما هي عليه حالياً. يعني ذلك الآن بالطبع بأنه سيتعين على الأوكرانيين والروس التخلي عن بعض الأراضي التابعة لهما الآن».
ولوح دي فانس بتخلي واشنطن عن مساعيها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا ما لم يتوصل البلدان إلى اتفاق، مضيفاً: «قدمنا مقترحاً واضحاً جداً للروس والأوكرانيين وحان الوقت للطرفين ليقولا نعم، وإلا فإن الولايات المتحدة ستتخلى عن هذه العملية».
ونقل موقع أكسيوس عن مصادر مطلعة قولها، إن الولايات المتحدة تتوقع رداً خلال ساعات على إطار عمل لإحلال السلام يتضمن اعترافاً غير رسمي بسيطرة روسيا على جميع المناطق، التي سيطرت عليها تقريباً منذ اندلاع الحرب.
ورداً على ذلك، أكدت بريطانيا، أن أوكرانيا هي التي تقرر مستقبلها. وقال ناطق باسم رئيس الحكومة، كير سترمر، للصحافيين: «في نهاية المطاف، يتعيّن على أوكرانيا أن تقرر مستقبلها..
لن نتخلى عن أوكرانيا أبداً». وأكدت الرئاسة الفرنسية، أن احترام وحدة أراضي أوكرانيا والتوجه الأوروبي بشأن أوكرانيا، مطلبان مهمان للغاية بالنسبة للأوروبيين.
بدوره، قال زيلينسكي، إن بلاده مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا بأي شكل بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فيما ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عرض وقف الحرب عند خطوط المواجهة الحالية، والتخلي عن السيطرة على ما بقي من المناطق الأربع شرق أوكرانيا. وأضاف زيلينسكي للصحافيين في المكتب الرئاسي في كييف:
«نحن مستعدون للجلوس بأي شكل حتى لا تكون هناك أي طرق مسدودة»، مشيراً إلى أن أي مناقشات بشأن شروط اتفاق السلام يجب أن تتم فقط بعد توقف القتال.
موقف
في السياق، أعلن الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن روسيا أكدت مجدداً معارضتها نشر قوات حفظ سلام في أوكرانيا. وقال بيسكوف، رداً على سؤال بشأن موقف روسيا فيما يتعلق بوجود قوات حفظ السلام الأوروبية على أراضي أوكرانيا:
«نعم، لا تزال روسيا تعارض ذلك، ولكن في الواقع ستكون هذه قوات ومعدات تابعة لحلف شمال الأطلسي على أراضي أوكرانيا، أي أن هذا هو في الواقع السبب الرئيسي، وأحد الأسباب الأولية لإطلاق العملية العسكرية الخاصة».
في الأثناء، أعلنت الحكومة البريطانية أنه تم تأجيل المحادثات المقررة في لندن بين وزراء خارجية عدد من الدول، لبحث السلام في أوكرانيا.
وأفادت الخارجية البريطانية بأن اجتماع محادثات السلام في أوكرانيا مع وزراء الخارجية تأجل، وأن المحادثات على مستوى المسؤولين لا تزال قائمة، كما من المقرر أن يلتقي وفد أوكراني المبعوث الأمريكي، كيث كيلوغ، في لندن، بعد قرار إرجاء الاجتماع.
كما عقد مسؤولون أمريكيون وأوكرانيون وأوروبيون، اجتماعات جوهرية لمحاولة إعادة محادثات السلام بشأن أوكرانيا إلى مسارها بعد أن أثار إلغاء مشاركة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تساؤلات حول مدى التقدم الذي تم إحرازه.
حرب مسيرات
ميدانياً، أعلن سلاح الجو في أوكرانيا، في بيان، أمس، أن الدفاعات الجوية الأوكرانية أسقطت 67 من أصل 134 طائرة مسيرة، أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية الليلة قبل الماضية.
وقال البيان، إن القوات الروسية شنت هجمات على أوكرانيا، خلال الليل، باستخدام 134 طائرة مسيرة، تم إطلاقها من مناطق كورسك، وبريانسك، وأوريل، وبريمورسكو-أختارسك الروسية، وتشودا وهفاردييسكي بشبه جزيرة القرم.
وأضاف البيان: «إنه تم صد الهجوم من قبل وحدات الدفاع الجوي ووحدات الحرب الإلكترونية وفرق النيران المتنقلة التابعة لسلاحي الجو والدفاع الجوي الأوكرانيين»، قائلاً: «أسقطت القوات الأوكرانية 67 طائرة مسيرة فوق شرق وشمال وجنوب ووسط أوكرانيا».
وأفاد البيان بوقوع خسائر في مناطق خاركيف وبولتافا ودونيتسك وأوديسا ودنيبرو وزابوريجيا نتيجة للهجوم الروسي، كما قتل 9 أشخاص وأصيب 30 في هجوم بطائرة مسيرة على منطقة دنيبروبيتروفسك الأوكرانية، وفق ما أفاد الحاكم العسكري للمنطقة، سيرجي ليساك.
إلى ذلك، قال حاكم منطقة خيرسون في جنوب أوكرانيا، إن قوات روسية دمرت منشأة للطاقة في المنطقة في وقت مبكر أمس.
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن أنظمة الدفاع الجوي التابعة لها دمرت خلال الليلة قبل الماضية 11 طائرة مسيرة أوكرانية فوق الأراضي الروسية.
وقال البيان: «دمرت أنظمة الدفاع الجوي المناوبة 11 طائرة مسيرة أوكرانية، منها 3 طائرات مسيرة فوق أراضي مقاطعة تولا، وطائرتان مسيرتان فوق أراضي مقاطعة بيلجورود، وطائرتان مسيرتان فوق أراضي مقاطعة كورسك».