يثير نظام المجمع الانتخابي في الولايات المتحدة الكثير من التساؤلات حول عدالته في اختيار الرئيس وذلك مع قرب حلول موعد الانتخابات الأمريكية، حيث تشهد الانتخابات أحياناً فوز رئيس بأغلبية المجمع الانتخابي وخسارته في التصويت الشعبي.
ويعتبر نظام المجمع الانتخابي الأمريكي نادراً من نوعه فقد شهدت الانتخابات الأمريكية خلال تاريخها الممتد على مدار 224 عاماً، 5 حالات فاز فيها من خسر في التصويت الشعبي، ما يلقي بظلاله على نظام المجمع الانتخابي وصدور أصوات تعترف بوجود اختلالات فيه ومحاولات عديدة لتغييره، حيث يحتاج المرشح الفوز بـ270 صوتًا من المجمع الانتخابي على الأقل للفوز بالانتخابات.
والجدل الدائر حول نظام المجمع الانتخابي وتمثيله الحقيقي لإرادة الناخبين يحدث عندما يخسر المرشح شعبياً ويفوز بأصوات المجمع الانتخابي الامريكي فعلى سبيل المثال في عام 1824 خسر أندرو جاكسون الانتخابات رغم فوزه في الأصوات الشعبية وأصوات المجمع الانتخابي لكن الكونغرس أعلن فوز جون كوينزي أدامز.
وبعد 52 عاماً تكرر الأمر نفسه في 1876 حيث تفوق صموئيل تيلدن من الحزب الديمقراطي على منافسه الجمهوري رذروفورد هايز، وكان الفارق بينهما 200 ألف صوت في الانتخابات الشعبية، ورجح فوز المرشح الديمقراطي في صفقة بين الحزبين.
وفي 1888 فاز غروفر كليفلاند بالانتخابات الشعبية أمام بنجامين هاريسون ولكنه خسر في أصوات المجمع الانتخابي.
وشهدت انتخابات 2000 التباساً كبيراً بين جورج دبليو بوش والديموقراطي آل غور فقد فاز آل غور بفارق 500 ألف صوت عن بوش على المستوى الوطني، لكن عندما فاز بوش بأصوات فلوريدا ارتفع مجموع أصوات الهيئة الناخبة إلى 271 ما حسم له الرئاسة.
وتكرر الأمر للمرة الخامسة في انتخابات 2016 حيث حسم دونالد ترامب الانتخابات بعدما فاز بأصوات المجمع الانتخابي وفازت هيلاري كلينتون في التصويت الشعبي.
هل يمكن التخلص من نظام المجمع؟
بحسب صحيفة الغارديان فإن أبرز الجهود المبذولة للتخلص من المجمع الانتخابي تتمثل في الاتفاق الوطني للتصويت الشعبي بين الولايات، والفكرة تقوم على إقناع الولايات بالموافقة على منح أصواتها الانتخابية للفائز في التصويت الشعبي الوطني، بصرف النظر عن النتيجة في ولايتها المحددة، وسوف يدخل الاتفاق حيز التنفيذ عندما تنضم إليه الولايات التي لديها ما مجموعه 270 صوتاً انتخابياً ــ وهو ما يكفي لتحديد الفائز في الانتخابات.
وحتى الآن، انضمت 16 ولاية وواشنطن العاصمة - بإجمالي 205 أصوات انتخابية - إلى هذه الجهود، لكن الطريق أمام هذا المشروع لا تزال طوياة طويلة.
هل يتوجب على الناخبين التصويت لمرشح معين؟
تختار الأحزاب السياسية في الولايات أشخاصًا ليعملوا كناخبين يعتقدون أنهم من أنصار الحزب ولن يخرجوا عن طوعهم ويصوتوا لأي شخص آخر غير مرشح الحزب، ومع ذلك، فقد أدلى الناخبون أحيانًا بأصواتهم لشخص آخر، ففي عام 2016، على سبيل المثال، كان هناك سبعة ناخبين صوتوا لمرشحين غير أولئك الذين تعهدوا لهم، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يوجد فيها ناخب غير مخلص منذ عام 1972، وفقًا للمؤتمر الوطني للهيئات التشريعية للولايات.
وفي العديد من الولايات، هناك قوانين تلزم الناخبين بالتصويت للمرشح الذي تعهدوا له، في عام 1952، قالت المحكمة العليا الأمريكية إن الولايات يمكنها إجبار الناخبين على التصويت لمرشح الحزب، وفي عام 2020، قالت المحكمة إن الولايات يمكنها معاقبة الناخبين الذين لا يصوتون للمرشح الذي تعهدوا له.
من يختار أعضاء المجمع الانتخابي؟
تختلف طريقة اختيار المندوبين، وفقا لقوانين كل ولاية. لكن، عموما، يتم اختيارهم عبر مرحلتين. في الأولى، تقدم الأحزاب السياسية، في كل ولاية، قوائم المندوبين المحتملين قبل الانتخابات العامة، ليصوت عليهم المواطنون، في المرحلة الثانية، من خلال التصويت في الانتخابات العامة، أي أن التصويت للمرشح الرئاسي المفضل في ولاية ما، يتضمن التصويت لصالح مندوبي حزبه في تلك الولاية.
وتجري المرحلة الأولى من عملية اختيار المندوبين تحت إشراف الأحزاب في كل ولاية، وتختلف الإجراءات في هذه المرحلة من ولاية إلى أخرى. لكن بشكل عام، تقدم الأحزاب لوائح بأسماء المندوبين المحتملين في مؤتمرات الحزب في الولايات، أو تختارهم عن طريق تصويت اللجنة المركزية للحزب، ويفضي هذا الجزء من العملية إلى حصول كل مرشح رئاسي على لائحة "Slate" من المندوبين المحتملين الخاصين به.
والجزء الثاني من العملية يجري أثناء الانتخابات العامة، فعندما يدلي المواطنون المؤهلون للتصويت بأصواتهم للمرشح الرئاسي المفضل، فإنهم يصوتون أيضا لاختيار أعضاء المجمع الانتخابي، أي المندوبين الذين يمثلون ولايتهم، وقد تظهر أسماء المندوبين المحتملين على بطاقة الاقتراع أسفل أسماء المرشحين الرئاسيين أو قد لا تظهر، بحسب إجراءات الانتخابات ونماذج بطاقات الاقتراع في كل ولاية، وهذا يعني أن المواطنين المؤهلين للتصويت لا يحسمون نتائج الانتخابات العامة إلا على مستوى الولاية، أما على المستوى الوطني فيحدد النتائج المندوبون، أي أعضاء المجمع الانتخابي.
إعلان الرئيس
بعد الانتخابات العامة، تقوم السلطة التنفيذية في كل ولاية بإعداد وثيقة تتضمن أسماء جميع الأشخاص المرشحين للمجمع الانتخابي في لوائح كل مرشح رئاسي، وتتضمن وثيقة التحقق أيضا من عدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح للمجمع الانتخابي وتبين هوية الذي تم تعيينهم مندوبين عن الولاية.
وفي أول يوم ثلاثاء بعد الأربعاء الثاني من شهر ديسمبر بعد الانتخابات العامة يجتمع أعضاء المجمع الانتخابي، في ولاياتهم، حيث يدلون بأصواتهم لانتخاب الرئيس ونائب الرئيس في اقتراعين منفصلين. تُدون أصوات المندوبين في كل ولاية في شهادة التصويت، ويرسل المندوبون في كل ولاية شهادة التصويت إلى الكونغرس.
يتم عد أصوات مندوبين كل ولاية في جلسة مشتركة للكونغرس في السادس من يناير من العام التالي ليصوت المندوبون على الرئيس ونائبه، حيث يجتمع أعضاء مجلسي النواب والشيوخ في غرفة مجلس النواب لإجراء العد الرسمي لأصوات المندوبين، ويرأس نائب رئيس الولايات المتحدة، بصفته رئيس مجلس الشيوخ، عملية الفرز ويعلن نتائج التصويت، ثم يعلن رئيس مجلس الشيوخ اسمي الرئيس المنتخب ونائب الرئيس المنتخب.