تحديد المسميات وفي هذا الخصوص, قدم عضو الامانة العامة للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري علي سيف حسن مداخلة مهمة تحمل عنوان (من قفل ملفات الماضي الى فتح ملفات المستقبل) استهلها بالمطالبة بتجديد مسميات واضحة للامور, قائلا في هذا الشأن ان القضية المطروحة علينا اليوم تحمل مسميات ومفاهيم مختلفة ولابد ان نحدد مفهومنا لكل تسمية قبل البدء في النقاش. وهذه التسميات هي: 1 - قفل ملفات الماضي 2- التسوية السياسية 3- المصالحة الوطنية واضاف حسن يقول وبسبب الخلط والتداخل بين القضايا الثلاث اعلاه في اذهان البعض تبرز الاختلافات في المضامين. ونحن نعتقد ان هذه التسميات تحمل من الوضوح في المعاني ما يوجب عدم الخلط فيما بينها ولا يجب التعامل معها كمسميات مختلفة لقضية واحدة. بل يجب التعامل معها كمسميات لمستويات مختلفة المدى والابعاد لقضية واحدة. قفل ملفات الماضي هو اكثر المسميات محدودية, بينما المصالحة الوطنية هي التسمية الاكثر شمولية والابعد مدى والتي تحتوي فيما تحتويه على كل من قفل ملفات الماضي والتسوية السياسية. ان التحديد الواضح لمفهوم كل تسمية يسهل علينا فهم الاختلافات الواضحة بين مايطرحه كل طرف من الاطراف المشاركة في هذه الحوارات. وعلى هذا الاساس فاننا نفهم بان قفل ملفات الماضي لايتجاوز حد التسامح عن الصراعات الماضية وقبول نتائج تلك الصراعات كأمر واقع مقابل شيء من التعويض المادي والمعنوي للمتضررين منها, انها ليست اكثر من طلب اعلان الاستسلام من قبل الاطراف السياسية الاخرى. اما التسوية السياسية فهي بالاضافة الى ما يشمله قفل ملفات الماضي تشتمل على صفقة او اتفاق سياسي يتجاوز نتائج الصراعات الماضية ويرتب شيئا من القبول بالمشاركة السياسية المحدودة التي لا تلغي جوهر نتائج الصراعات الماضية وانما تقتصر على مشاركة سياسية محكومة ومحددة الابعاد والاطراف. وما يميز المصالحة الوطنية عن المصطلحين السابقين انها لا تقتصر على معالجة اثار الصراعات السابقة بل تتجاوز ذلك لتشمل معالجة الاسباب التي ادت الى حدوث تلك الصراعات, بمعنى آخر فالمصالحة الوطنية لا تقتصر على معالجة اعراض العلة بل تزيل وتنهي اسباب ومبررات وجود العلة ذاتها, انها الوقاية التي هي خير من العلاج. وهذا فرق جوهري, حيث ان الاقتصار على معالجة الاثار والاعراض مهما بلغ مداها ومستواها لا تضمن عدم تكرار تلك الصراعات مستقبلا بل قد تكون تلك المعالجات سببا اضافيا ومحفزا لدورات مستقبلية من الصراع, وما نعتقد اننا بحاجة اليه اكثر من اي شيء آخر هو ازالة الاسباب التي يمكن ان تؤدي الى تكرار هذه الصراعات وهذا لا يمكن ان يتحقق الا من خلال مصالحة وطنية شاملة قادرة على تشخيص الاسباب الحقيقية والموضوعية التي ادت ويمكن ان تؤدي مستقبلا الى حدوث تلك الصراعات. ان اهمية التحديد الواضح للاسباب والعوامل التي ادت الى كل دورات الصراعات السياسية والاجتماعية الماضية تلزمنا بالاجتهاد في تحديدها ومناقشتها مع غيرنا من المجتهدين بهدف الوصول الى فهم وطني مشترك لهذه الاسباب كمقدمة اساسية وهامة لاي مصالحة وطنية مستهدفة. اننا نعتقد وبشكل عام ان عدم التوزيع المتوازن والعادل للسلطة والثروة كان وسيظل اهم الاسباب والدوافع لكل الصراعات السياسية والاجتماعية وان عدم وضوح الرؤيا في تشخيص اسباب العلة لدى الاطراف المتصارعة وعدم قدره مشاريعهم السياسية على ازالة مبررات الصراعات كان السبب الرئيسي وراء جعل كل دورة من دورات الصراع بذرة لدورة مستقبلية الامر الذي اوصلنا الى حلقة مفرغة من الصراعات السياسية يصعب الخروج منها ويستحيل الاستمرار في مدارها. خمسة أسس للتوازن ان تحقيق حد مقبول من التوازن السياسي والاجتماعي يتطلب انجاز اهداف وطنية في المجالات التالية: اولا: المجال السياسي: يجب تحقيق مبدأ الفصل التام بين السلطات واستكمال متطلبات النظام الديمقراطي بشقيه النظري والتنفيذي وبما يحقق التداول السلمي للسلطة بمستوياتها المختلفة وعلى وجه الخصوص يجب تحقيق مايلي: - انجاز قانون لنظام حكم محلي ديمقراطي فاعل - تطوير نظام الانتخابات بحيث يصبح قادرا على التعبير الصادق والموضوعي عن ارادة المواطنين وخياراتهم ومحققا للاندماج والتطور الاجتماعي. - الفصل الفعلي والتمييز بين الدولة وهيئاتها ومؤسساتها وامكانياتها وسلطتها وبين الاحزاب والتنظيمات السياسية وبما يضمن عدم استخدام او تسخير امكانيات الدولة وسلطاتها لصالح اي حزب من الاحزاب سواء كانت في السلطة او المعارضة. - انجاز القوانين الضامنة والمحفزة لمختلف القوى والفئات المهنية والاجتماعية لتنظيم انفسهم في اطر مدنية بما يحقق التوازن الاجتماعي والمهني ويحمي حقوق الفئات الدنيا في المجتمع من عمال وفلاحين وغيرهم. - تحديد صائب للتموضع على المستوى القومي والدولي وبما يؤكد السيادة الوطنية ويحمي الحدود والمصالح. ثانيا: مجال بناء الدولة : انجاز متطلبات بناء الدولة اليمنية الحديثة بسلطاتها المختلفة التنفيذية والقضائية والتشريعية وعلى مختلف المستويات المركزية منها والمحلية وبما يحقق وبفاعلية وظائف الدولة النظامية والقانوية الخدمية والتنموية وبما يؤكد الطبيعة المدنية للدولة. ثالثا: المجال الاقتصادي: اعتماد نظام اقتصادي يضمن حصانة المال العام والثروات الوطنية وبما يحقق التنمية الشاملة والعادلة المستدامة ويوزع اعباء الاصلاحات الاقتصادية على مختلف القوى والفئات الاجتماعية وبحسب قدراتها على التحمل. رابعا: المجال الاجتماعي: توفير الامكانيات والضمانات اللازمة والقادرة على تحفيز الحراك والتطور الاجتماعي وبما يحقق امكانية اكتساب الفرد لموقعه في المجتمع بحسب قدراته ويتجاوز مبدأ توارث الافراد لموقعهم في المجتمع بغض النظر عن قدراتهم وامكانياتهم الذاتية, بمعنى ان يحل مبدأ الاستحقاق الاجتماعي محل التوارث الاجتماعي. خامسا: المجال الثقافي: العمل على خلق وتحفيز روح وملكات الابداع الثقافي واعتبار التنوع الثقافي والفكري حق طبيعي مشروع لا يجوز الانتقاص منه او اعاقة تحقيقه. هذه ملامح الابعاد العامة للمصالحة الوطنية المنشودة نعتقد ان انجازها والاتفاق على التفاصيل اللازمة لتنفيذها سوف يزيل بصورة نهائية مسببات ومببرات الصراعات المستقبلية. ان انجاز هذه المصالحة وتنفيذ برامجها التفصيلية يتطلب تحقيق تسوية سياسية تاريخية تفي بالاستحقاقات المادية والمعنوية لقفل ملفات الماضي وتضمن توفر الشروط والمتطلبات الموضوعية لفتح ملفات المستقبل. المصالحة وآليات التنفيذ وبعد ذلك قدم : محمد محمد المقالح الأمين العام المساعد لحزب الحق ورقة عمل رابعة حول المصالحة المفهوم وآليات التنفيذ, وجاء في الورقة اعتقد ان هذه الندوة تعتبر اول حوار من نوعه حول حديث شائك ووجهات النظر فيه متباينه وربما متناقضة ومتعارضة, الا وهو الحديث عن المصالحة الوطنية. ان موضوع المصالحة الذي طرحته المعارضة اليمنية متمثلة بالتكتل الوطني للمعارضة بعد ثلاثة ايام من انتهاء الحرب في 7 يوليو 1994 من خلال رسالة الى الرئيس وقع عليها ايضا الحزب الاشتراكي لانه لم يكن مشاركا في التكتل وحزب البعث قد اسيء فهمها لعدة اسباب وفي اعتقادي ان سوء الفهم وتحريف المطلب الوطني لتحقيق المصالحة ماكان يمكن ان يتم لو لم ينطلق من قاعدة متجذرة في الذهنية السياسية اليوم ساهمت في ترسيخها عدة اسباب, السبب الاول عدم وجود ثقة بين الاطراف الداعية للمصالحة الوطنية بالاضافة الى عدم وجود مفهوم واحد لها لدى هذه الاطراف نفسها وغلبة روح الشك والريبة داخل فئات عديدة من ابناء المجتمع تجاه اي دعوة جديدة ولاسباب سياسية كثيرة. السبب الثاني يتعلق بالتجربة المحدودة لدى اليمنيين في الحوار السياسي وهو اداة المصالحة الوطنية الوحيد والتي لا يمكن تحقيقها بدونه, فتجربة الحوار الوطني في اليمن محدودة وربما معدومة كليا مما جعل الركون اليه لحل المشاكل والازمات مرفوضا طالما وكل طرف يعتقد انه سيحقق مصالحة او يحل تناقضاته مع الآخر في وسيلة اخرى غالبا ما تكون هي وسيلة القوة, اي ان الحوار في هذا المفهوم يكون جزءا من تكتيكات الحرب العسكرية وليس بديلا لها. السبب الثالث لسوء فهم المصالحة وتحريف معناها هو المفهوم المغلوط الذي تسببت به المصالحة الوطنية بين الملكيين والجمهوريين عام ,1970 والنتائج التي ادت اليها تلك المصالحة السياسية المحدودة واقتصادها على مجرد عودة عدد محدود من الرموز السياسية من الصف الملكي ومشاركتهم في الحكومة المشكلة على اثر هذا الاتفاق الذي اوقف الحرب الاهلية دون ان يعمل على الغاء اسبابها وتجاوز آثارها مما يجعل مفهوم المصالحة اليوم لدى العديد من الفئات المتلقية او المعنية بهذا الطلب هو مجرد اشراك المعارضة سواء في الداخل او في الخارج في الحكومة الوطنية المتوقعة, او اعطاء المعارضة عدد من الحقائب الوزارية في اي حكومة قد يشكلها الطرف المنتصر في الحرب نتيجة لهذا الاتفاق وهذا المفهوم المحدود للمصالحة الوطنية تم تعميقه لدى الرأى العام وتعبئة الفئات الشعبية في اتجاه رفض المصالحة الوطنية او عدم تفهمها على الاقل لان الشعب او فئات معينة في اوساطه ترفض المعارضة او القيادات السياسية التي تطرح هذه القضية منذ نهاية الحرب الاخيرة بل لان المواطن العادي اصبح ينفر من وجود اكثر من حزب داخل الحكومة المشكلة كما يرفض حكومات التقاسم الوظيفي او الحكومات الانقسامية نتيجة التجارب المريرة التي خلفتها مثل هذه الحكومات المنقسمة على ذاتها والمتقاسمة للوظيفة العامة والثروة الوطنية فيما بين قياداتها وعناصرها والمتصارعة داخل مؤسسات الدولة على السلطة. توضيحات مطلوبة ومن هنا ونتيجة للمفاهيم المختلفة والخاطئة والمجتزئة في معظمها لمعنى المصالحة الوطنية فانني اعتقد ان المعارضة اليوم او الاطراف التي تدعو للمصالحة الوطنية الشاملة هي اليوم بأمس الحاجة الى الاتفاق على مفهوم مشترك للمصالحة الوطنية كخطوة اولى ولا شك انها بحاجة قبل ذلك الى توضيح القضايا التالية: 1 ـ ان المصالحة الوطنية المطلوبة لا يقصد بها ابدا اشراك بعض رموز المعارضة في الحكم ولا يمكن اختصار مفهوم المصالحة الوطنية الشاملة والتاريخية الى هذا الاجراء المحدود الذي نعتقد انه اذا تم مع بقاء السياسات والاوضاع الخاطئة بدون اتفاق على اصلاحها وكيفية اصلاحها وماهية الوسائل الناجعة لذلك قد يؤدي الى مضاعفة الازمة بل والى تسارع عوامل واسباب الانفجار من جديد وهو ما يعني ان القيادات السياسية التي تفكر بمثل هذه الطريقة ما زالت تدير البلاد بالازمات وتعمل على خلق اسبابها وعوامل تفجيرها. 2 ـ المصالحة الوطنية التي نطالب بها اليوم لا يقصد بها ايضا مجرد عودة النازحين الى وطنهم وان كان ذلك جزءا بسيطا من نتائج المصالحة الشاملة او كمقدمة لتحقيقها. 3 ـ ولا يقصد بالمصالح اعادة الاوضاع السياسية الى العهد الذي كانت عليه قبل الحرب عام 1994 من تقاسم وظيفي وعدم انسجام لدى صانعي القرار السياسي. 4 ـ كما ان المصالحة ليست كما يطرحها بعض الاطراف من انها مجرد مصالحة سياسية بين القيادة الشمالية والقيادة الجنوبية التي شاركت في الحرب وان كان الحوار بينها مطلوبا كجزء رئيسي من الحوار الوطني, كما ان المصالحة ليست بين ما كان يسمى بالدولتين الشطرتين قبل الوحدة وذلك المفهوم للمصالحة مرفوض لانه يقفز على المعطيات الجديدة وعلى واقع الدولة الواحدة منذ قيامها سلميا في 22 مايو 1990. 5 ـ ولا تعني المصالحة في مفهومنا الخروج على دستور البلاد وقوانينها كما يطرح خصوم المصالحة اليوم ولا تعني اجهاض او حل المؤسسات الشرعية من اجل رد الاعتبار للدستور المنتهك والقوانين المهملة. 6 ـ والمصالحة الوطنية لا يقصد بها الانتقاص من مكانة طرف سياسي بعينه او تهميشه كما تعني الانقلاب على القيادة السياسية القائمة كما يحاول البعض الايحاء بذلك. 7 ـ وليست المصالحة مجرد عودة الملكيين الى الحكم او الدستوريين اليه, كما يغالط البعض نفسه بقصد وتعمد من اجل الهروب من استحقاقات المصالحة الوطنية وان كانت هذه المصالحة ينبغي ان تؤدي الى عودة جميع اليمنيين دون استثناء او شروط الى بلدهم كمواطنين لهم من الحقوق كما عليهم من الواجبات. 8 ـ ان وثيقة العهد والاتفاق رغم انها مجمع عليها من كافة الاطراف السياسية تظل مضامينها قابلة للنقاش الا انها لا ينبغي ان تفهم على انها شرط مسبق لأي حوار وطني تلتقي فيه كل الاطراف بهدف الوصول الى المصالحة الوطنية. 9 ـ اخيرا ان المصالحة الوطنية ليست مجرد دعوة الى نسيان الماضي واغلاق ملفاته رغم تقديرنا العالي لدعوة رئيس الجمهورية في هذا الصدد لان ذلك لا يكفي اذا لم يتم الاتفاق على فتح ملفات المستقبل والاتفاق على ترتيب اولويات اوراقها وتنظيمها وتزويدها بالخطط والبرامج مستفيدين من تجاربنا في الماضي. المصالحة بالحاح ومن هذه الاسس لا شك ان المصالحة الوطنية لم تنطلق من فراغ بل ان هناك قضايا وعوامل ملحة تستدعي هذه المصالحة في اليمن بعضها شكل اولوية قصوى لمعالجة الازمة اليمنية القائمة والخروج من النفق المظلم الذي تعيشه اليمن, بسبب دورات الصراع المسلح واعمال العنف والتمزقات الاجتماعية وعدم الاندماج الوطني, ويمكن حصر هذه القضايا بما يلي: ـ اولا: موضوع الحرب الاخيرة في صيف 1994 وما افرزته من نتائج تستدعي معالجتها من قبل الجميع بعيدا عن المكابرة والمكايدات السياسية او تجاهل الوقائع والاحداث والتي ينبغي اولا الاقرار بان الوحدة السلمية القائمة على اساس الحوار والطوعية التي كانت عبارة عن مصالحة تاريخية بين الشمال اليمني وجنوبه او بين ممثلي حكومتي الشطرين قد هزمت بنشوب حرب اهلية شاملة ومدمرة بعد اربع سنوات من قيامها, وبقدر ما ان هذه الحرب قد انتهت الى نهاية المشروع الانفصالي الى غير رجعة وحافظت النتيجة التي انتهت اليها الحرب على الوحدة من حيث الشكل الا انها في المقابل ادت الى تمزيق الوطنية واصابتها بشروخ بالغة وجروح غائرة لانها ادت الى اخراج المئات بل الآلاف من وظائفهم العسكرية والمدنية وشردت المئات عن وطنهم كما تسببت في هزيمة نفسية فضلا عن الهزيمة السياسية والاجتماعية ليس على الاشتراكي والرابطة كأطراف مهزومة في الحرب فحسب ولكن على فئات واسعة من ابناء الوطن الواحد انسحبت على مناطق محافظات يمنية بأكملها. كما ان الحرب الاخيرة لم تلغ ابدا الاسباب والعوامل التي نشبت بسببها الحرب ما يجعل المصالحة الوطنية ضرورة اولوية لانه يصعب قيام دولة مدنية اندماجية في ظل الظروف الحالية بدونها وحتى تضع حدا لدورات العنف القادمة. ـ ثانيا: لابد ان الحرب الاهلية الاخيرة تجعلنا نتذكر بل ونتحسس بالملموس ونشاهد ان الحروب الاهلية والجزئية بسبب الصراعات السياسية على السلطة التي عاشتها اليمن طوال تاريخها المعاصر اخرجت الى هامش الحياة السياسية والاجتماعية فئات وشرائح سياسية وقبلية ومذهبية عديدة لم تكن الفئات المتضررة من الحرب الاخيرة اوسع منها وان كانت قد زادت من قاعدة الفئات المهزومة والمهمشة داخل الوطن الواحد فباتساع قاعدة الاطراف والفئات المهمشة في المجتمع لا شك انها تؤدي يوما بعد يوم الى تقلص الفئة المنتصرة لتتحول الى فئة محدودة يصعب عليها الاندماج الوطني في ظل وجود فئات منطوية على نفسها تبحث عن اطر وآليات متخلفة تحتمي وراءها كالأسرية والقبلية والجهوية لمواجهة الاطراف الاخرى وهو ما يهدد بتفتيت المجتمع السياسي والرابطة الوطنية الجامعة. ـ ثالثا: لابد من الاقرار من ان الحروب القبلية وتصاعد اعمال الثأر والثأر المتبادل والقتل اليومي الذي تعيشه اليمن بسبب الخلافات على الاراضي في ظل غياب العدل وعدم وجود هيبة الدولة بحاجة الى وقفة مسؤولة يتم من خلالها مناقشة هذه الظاهرة الخطيرة التي اصبحت تهدد حياة المواطن وأمن الوطن برمته. ولا شك بان هذه الحروب الجزئية المتواصلة افضت الى تعطيل حركة التنمية واخرت عملية النهوض الوطني واسقطت هيبة الدولة وشوهت سمعة اليمن في الخارج, والتي اصبحت عاملا اضافيا لاستدعاء ضرورة الحوار والمصالحة الوطنية. ـ رابعا: هناك قضايا وطنية مهمة واساسية يصعب على اي طرف مهما كانت قدراته وامكانياته وسلطاته حلها او الوصول الى نتائج مرضية لابناء اليمن جميعا تجاهها, لان هذه القضايا بحاجة الى اجماع وطني, وفي مقدمة ذلك اسس بناء الدولة الحديثة والاتفاق على آلية محددة وثابتة للفصل بين السلطات وتحديد طبيعة الحكم, وكذا موضوع التقسيم الاداري وقانون السلطة المحلية واجراء الانتخابات المحلية بمشاركة الجميع بصورة متكافأة, وحل مشكلة الحدود مع الجيران بالاضافة الى معالجة الاقتصاد الوطني المنهار وتقليص دور الجيش والاجهزة الامنية في الحياة المدنية. واعتقد ان كل قضية من تلك القضايا تستدعي اليمنيين اليوم وبالحاح الى الجلوس الى طاولة واحدة لمناقشتها بعقل مفتوح دون احكام مسبقة او شروط تعجيزية من خلال مؤتمر وطني للخروج بحلول مشتركة لمعالجة كل هذه القضايا المعلقة بعيدا عن المعالجات الترقيعية التي اعتدنا عليها. وارى كما يرى الكثير ان نجاح المصالحة الوطنية لن يتأتي الا بشروط اهمها: ـ اصدار عفو عام يستفيد منه كل من صدرت في حقهم احكاما قضائية او سياسية بسبب الصراعات المسلحة على السلطة. ـ اعادة كل الحقوق والاموال والمنازل التي تمت مصادرتها. ـ تشكيل لجنة خاصة بدراسة اوضاع الموظفين مدنيين وعسكريين. ـ اعتماد خطاب سياسي واعلامي متوازن. ـ دعوة قادة الاحزاب في السلطة والمعارضة للتشاور معهم حول المؤتمر الوطني وقوامه ومدته والقضايا التي سيناقشها. مداخلة حزب البعث وهنا تدخل يحيى شجاع الدين عضو القيادة القطرية لحزب البعث ليقدم رؤيته حول المصالحة قائلا: ان الدعوة التي طرحها رئيس الجمهورية حول اغلاق ملفات الماضي بادرة طيبة وايجابية, لكنه قال انه لكي تأخذ هذه الدعوة ابعادها الحقيقية لابد من ان تتوفر الاجواء الطبيعية والموضوعية لمناقشة مثل هذا الموضوع الحيوي والمهم بصرف النظر عن كيفية فهم الاخرين لهذه الدعوة, وهل هي دعوة للمصالحة او غير ذلك فهذه المسألة بالنسبة لنا في حزب البعث لا تعنينا كثيرا وانما الذي يعنينا هو انه مثل هذه الدعوة لكي تأخذ طريقها الى النجاح وتتحقق وتنعكس عمليا على الواقع لابد من توفر الشروط الموضوعية في ممارستها وبالتالي تحقيقها لانه لا يمكن في تصوري ان نتكلم عن اغلاق ملفات الماضي في الوقت الذي تجد فيه الكثير من القوى والفعاليات السياسية وابناء الشعب يعانون من الاوضاع القائمة من عدم التساوي في التعامل مع المواطنين ومع القوى السياسية في الحقوق وبالذات فيما يتعلق بجانب الامور المتعلقة بالفرص الوظيفية وغيرها وفي هذه الحالة في تصوري انه لكي نستطيع ان نصل الى حوار حقيقي وموضوعي نقترح الدعوة الى حوار للطاولة المستديرة تشارك فيه كل القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية يتم من خلال هذه الطاولة المستديرة مناقشة كافة القضايا والاتفاق على مفاهيم محددة وواضحة حول الثوابت الوطنية باعتبار انه اذا ما اتفقنا على الثوابت الوطنية التي يجب ان يكون لها مفهوم موحد ومشترك فيما بيننا نستطيع ان ننطلق من خلالها لمناقشة القضايا الاخرى المتعلقة سواء فيما يتعلق بمعالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية او فيما يتعلق بالنتائج التي تمخضت عن الحرب والأخطاء والممارسات التي حصلت بعد قيام الوحدة المباركة نتيجة للمماحكات السياسية وللتقاسم الذي حصل في سلطة الوحدة. نحن في حزب البعث العربي الاشتراكي لسنا مع او ضد نقاش حول موضوع تبرئة او عدم تبرئة القوى التي عملت على اشعال حرب 1994 والدعوة التي عملت باتجاه الانفصال لان هذه المسألة فيما يتعلق بموضوع الوحدة هي ثابت وطني اساسي بالشعب اليمني بكامله وبكل قوى قد حدد رأيه وموقفه بشكل تلقائي من هذا الموضوع. الجانب الاخر انه فيما يتعلق بالحديث عن ان هناك دعوة الى ان الاحزاب لابد ان تتصالح فيما بينها في تصوري هذا احد المؤشرات الاساسية بان هناك خللا وان السلطة قد تدخلت في شؤون الاحزاب واوجدت شروخ وانشقاقات فيما بينها وبالتالي فاننا ندعو اولا ان تكف السلطة يدها عن التدخل في شؤون الاحزاب الداخلية حتى نتمكن من ان نصل الى هذه النقطة الاخرى. واضاف شجاع قوله ان ـ المصالحة الوطنية ــ موجودة وقائمة بين فئات المجتمع بمختلف شرائحه وفئاته ولكن هناك اخطاء في الممارسات من قبل اجهزة السلطة هي التي يجب ان تناقش لانها كانت السبب الذي ادى الى ان يتخذ حزب البعث موقفا ممن وقعوا باسم الحزب في هذا الموضوع.