من بين الظواهر الجديدة التي بدأت تنتشر في أحياء القاهرة بل والاسكندرية ظاهرة المراكز التجارية.. والتي أصبحت بالفعل (موضة) كغيرها من الموضات . فبعد ان كانت هذه المراكز, والتي بدأت على استحياء أوائل التسعينات, تعد على أصابع اليد الواحدة.. واحد في الزمالك وآخر في مصر الجديدة وثالث في المعادي.. لم يعد من الغريب أن تجد الآن مراكز في بولاق أبو العلا مثلا.. أو دار السلام أو حتى شبرا البلد. وإذا كانت هذه المراكز تتحد في الصفة إلا انها تختلف في التصنيف والسعة والامكانيات فهناك مراكز كالفنادق - خمسة نجوم - سواء في واجهاتها أو مداخلها أو ما تحتويه بداخلها.. وتحقيقا لمقولة اسم على مسمى فإن مثل هذه المراكز في الغالب ما تكون ملحقة بأحد الفنادق الكبرى وهناك مراكز كفنادق الدرجة الثالثة أو اللوكاندات الا ان ما يجمع بين هذه المراكز ويوفر لها أس النجاح انها تجمع تحت سقف واحد كافة ما يحتاجه الإنسان من مستلزمات الشراء. وعلى هذا, ومع انتشار هذه المراكز لم تعد عملية الشراء ذلك الحمل الثقيل الذي كنا نخشاه بالماضي.. فقديما كنت إذا أردت أن تشتري ملابس لك ولاسرتك كان ذلك يستلزم من الوقت والجهد والأموال الكثير.. فرحلة البحث والتفضيل بين المحلات في أماكن مختلفة لتعدد الاحتياجات ليست بالشيء المستحب في ذلك العصر الذي أصبح فيه للوقت والجهد ثمن كبير. لذلك وجدت هذه المراكز المتعددة التي وفرت للمستهلك كل ذلك, ووضعت أمامه بانوراما شاملة للمحلات في مكان واحد, وتنوعا يعطي للمتردد على هذه المراكز فرصة الاختيار في وقت قليل.. وبذلك أصبحت عملية الشراء متعة حقيقية, خاصة إذا عرفنا ان بعض هذه المراكز به دور عرض سينمائية ومقاه وصالات ألعاب بلياردو وبولينج ومراكز تجميل وكوافير.. بالاضافة إلى المحلات التجارية الأخرى للملابس والأحذية والموبيليات والهدايا وكل ما يلزم الأسرة. البداية ... متواضعة والمجتمعات التجارية بدأت في القاهرة مع بداية التسعينات وكانت لا تتعدى أصابع اليد الواحدة.. لكن سرعان ما انتشرت حتى أصبحت الآن أكثر من 250 مركزا تجاريا في القاهرة فقط, اضافة إلى عدد ليس بالقليل في الاسكندرية وبعض المحافظات.. وكذلك أصبحت المراكز التجارية السمة الغالبة في معظم المدن السياحية كالغردقة وشرم الشيخ.. وهناك العديد منها ما زال تحت الانشاء. من الابرة للصاروخ وكما هو الحال في الفنادق فالمراكز التجارية درجات مختلفة منها المراكز الخمسة نجوم ومنها الثلاثة, ومنها ما هو دون ذلك.. وهي أيضا ذات تخصصات مختلفة.. فهذا المركز خاص (للملابس الشبابية) وهذا خاص (بالملابس الكلاسيك) وآخر خاص بالمستلزمات الطبية وهذا خاص بالموبيليا.. وهناك ما هو خاص بمستلزمات البناء.. وهكذا. لكن أغلب هذه المراكز خاصة الخمس نجوم متعدد الاتجاهات وبه كل شيء أو كما يقولون (من الابرة إلى الصاروخ) . والمجتمعات التجارية في مصر غالبا ما تتبع الشركات الكبرى وبعض الفنادق وقليل ما يتبع أشخاصا مثل (سلطانة سنتر) و(داري سنتر) . والمثير ان أماكن هذه المراكز التجارية لم يقتصر على الأحياء الثرية الراقية فحسب بل امتدت لتتواجد في الأماكن الشعبية أيضا مثل (الكفراوي سنتر) بالمطرية و(المركز المصري) ببولاق, وغالبا ما تكون هذه المراكز خاصة بالملابس فقط. الحريق ... سبب الشهرة! أما في منطقة مصر الجديدة فهناك أكثر من عشرين مركزا تجاريا أبرزهم على الاطلاق وأشهرهم (الحرية مول) الذي يقع في منطقة روكسي السياحية ويتكون من 16 طابقا وبه داران للعرض السينمائي وأكثر من مطعم وصالة بلياردو وكوفي شوب كبير, بالاضافة إلى أكثر من 200 محل تجاري تحمل أسماء لأشهر الماركات العالمية في مجال الملابس والمجوهرات والأحذية والانتيكات والموبيليات والمفروشات والهدايا والأجهزة الكهربائية. وترجع شهرة (الحرية مول) إلى تصميمه المميز والمستوى الفاخر وكذلك لانه أول مركز تجاري بمصر تشتعل فيه النيران في حريق هائل وقع منذ أكثر من عام وتم ترميمه واعادة افتتاحه مؤخرا. وبجوار (الحرية مول) هناك مراكز تجارية مثل (عنابة) و(ميرا) و(سلطانة) و(روكسي) و(ابن سندر) وهي تأتي في مرحلة ثانية وكلها تقع في منطقة روكسي التجارية باستثناء سلطانة - سانت فاتيما - وابن سندر في ابن سندر. وفي مدينة نصر هناك المركز التجاري التوأم (للحرية مول) وهو (طيبة مول) الذي يتبع نفس الشركة المالكة لأكثر من مركز تجاري في مصر.. وهناك أيضا (سنتر علي أمين) القابع في شارع علي أمين و(السلاب سنتر) بشارع مكرم عبيد و(النصر سنتر) و(هاجر سنتر) بالشارع التجاري الشهير (عباس العقاد) , وبه أيضا (المهندس سنتر) و(ديدي سنتر) وكلها مراكز تجارية مميزة. وفي المعادي هناك مراكز تجارية متعددة أهمها (معادي جراند مول) و(سنتر 9) .. والزمالك به (اليمامة سنتر) بشارع طه حسين و(الزمالك سنتر) . ملاحق الفنادق أما بمنطقة (وسط البلد) فهناك العديد من المراكز التجارية التي تتبع الفنادق مثل (الملحق التجاري لفندق هيلتون رمسيس) و(المركز التجاري للنيل هيلتون) و(ملحق النيل هيلتون) وكذلك هناك (البستان سنتر) . كما يوجد في الهرم وشارع فيصل ومنطقة الجيزة والدقي والمهندسين العديد من المراكز التجارية وحتى مناطق شبرا والعباسية والعتبة والمطرية ومنشية البكري لا تخلو من المراكز التجارية. أسعار متفاوتة وتتفاوت أسعار المحلات في هذه المراكز بتفاوت المستوى العام للمركز والمنطقة التي يقع فيها.. فالمحل في (الحرية مول) و(هيلتون رمسيس) أو (هيلتون النيل) يصل إلى أكثر من 5 ملايين جنيه للمساحة (155 مترا) .. أما المحل في البستان سنتر فأقصى ما يصل إليه هو مبلغ 400 ألف جنيه وهناك مراكز تجارية يصل فيها المحل إلى 25 ألف جنيه. ومن المؤكد ان أسعار المنتجات في المراكز التجارية الخمس نجوم تختلف تماما عن تلك التي في المناطق الشعبية. فكما يقول (علي المباشر) صاحب محل زهور وهدايا بمركز (النيل هيلتون) : اشتريت هذا المحل بنظام الانتفاع لمدة 20 سنة بمبلغ 400 ألف جنيه منذ أكثر من خمس سنوات وبالتالي فنوعية المعروضات تختلف لان (الزبون) الذي يأتي إلى هذه المراكز مختلف تماما عن أي زبون آخر.. لذلك فأسعار الهدايا بالمحل تبدأ من 155 جنيها وهناك ما يصل إلى خمسة آلاف جنيه.. وغالبية المستوقين من دول الخليج في الصيف وهم أنفسهم من يتواجدون في الفندق. ويضيف علي: البضائع التي توجد في المركز غير متاحة في كل مكان لذلك تجد الاقبال عليها شديدا وأغلب محلات الملابس تعتمد في الأساس على السمعة العالمية لانها من الماركات العالمية الشهيرة. إقبال كبير أما خالد جميل ضابط أمن بمركز (الحرية مول) فيقول: يتردد على المركز يوميا ما يزيد عن الألفي فرد وتزداد هذه النسبة في الاجازات والأعياد حتى انها تصل إلى الخمسة آلاف فرد يوميا في فصل الصيف. ويضيف خالد: هذا العدد الكبير لا يؤثر على الانضباط في المركز بسبب التقنيات العالية الموجودة في المركز من كاميرات مراقبة وأجهزة كشف متطورة واستعداد تام لكافة الطوارئ. أما راجح خيري العالم بأحد المحلات في (طيبة مول) فيقول: أسعار المحلات مرتفعة لعدة أسباب أهمها موقع السنتر وكذلك التجهيزات الموجودة بالداخل من سلالم كهربائية ومصاعد وتكييفات وتشطيبات داخلية فاخرة, وكل هذا يرفع من سعر المحل. كما ان التنافس بين الشركات الكبرى والتوكيلات الكبيرة في شراء محل بهذه المراكز يزيد من السعر أيضا. ويضيف راجح: أعمل في محل أحذية أمريكية وايطالية وتركية معا في نفس الوقت وتصل أسعار الأحذية في هذه المراكز إلى أكثر من ثلاثة آلاف جنيه! القاهرة ــ محمد عدوي