بقلم: علي عبيد تكاد البدايات الاولى للصحافة في الامارات تغدو محل خلاف وان لم يكن كبيرا بين الذين يؤرخون للصحافة في الدولة ولكنها علي اي حال لا تبتعد كثيرا عن أواخر عشرينيات القرن الماضي وبداية ثلاثينياته. ويرجح اغلب المهتمين بالتأريخ للحركة الثقافية بالامارات ان تكون صحيفة عمان التي اصدرها ابراهيم محمد المدفع عام 1927 بالشارقة أول صحيفة تصدر في هذه البقعة من الوطن العربي. يؤيد ذلك الرسالة الصادرة من الهند عام 1346هـ الموافق عام 1927م من السيد حسن بن عبدالرحمن الى ابن عمه السيد ابراهيم بن محمد المدفع حيث يقول: (عرفت جنابك حررت جريدة باسم (عمان) وثانية باسم (العمود) فكاهية. أخي.. كثيرا اخذني الفرح, في تلك البلاد لم تكن جريدة عربية ولا أعجمية من قبل. ونرجو من الباري لهم دوام الانتشار. ونرجو من صميم فؤادك ان ترسل لنا نسخة من جريدة (عمان) . هذا ما يذكره الاستاذ بلال البدور في بحث له مؤكدا انه لا تورد روايات اخرى صحيفة قبلها, وانها كانت حسب الاخبار المتواترة تضم الاخبار السياسية والاجتماعية وكانت تعلق على الحائط بعد ان تكتب باليد. وقد شارك في تحريرها ادباء وشعراء منهم المؤرخ عبدالله بن صالح المطوع, واحمد بن حديد, ومبارك بن سيف الناخي, وحميد بن عبدالله الكندي, وحمد بن عبدالرحمن المدفع. اما الاستاذ عبدالله عبدالرحمن فيضيف انها كانت نصف شهرية تصدر بانتظام لمدة عام واحد, وكانت تصدر من ملحقين كبيرين وتكتب باليد من مادة (المغر) الاحمر, ويوزع منها حوالي خمس نسخ تتداول بين الاصدقاء في الفريج (الحي) وعلى بعض الشخصيات ممن يعرفون القراءة. ويقول مؤسسها ومحررها ابراهيم محمد المدفع في لقاء بمجلة (الازمنة) : (كانت تأتينا الصحف من القاهرة والعراق والكويت مرة كل عدة اشهر فنتابع الاخبار من خلالها, ونعكسها في (عمان) وكنا نكتب فيها الى جانب الاخبار العربية اخبار البلد, والاسعار والمناظر المؤذية وحكايات عن البدو, واخبارا عن الغوص والاسفار. وكذلك احتوت على مواضيع سياسية, واذكر اننا كتبنا عن الايطاليين وكفاح عمر المختار وعن فلسطين ايام القاوقجي والحسيني) . كما شهد عام 1933 محاولة اخرى حينما اصدر بعض الشباب في دبي والشارقة نشرة يومية كانوا يكتبونها بمعادلة مجموعة من شباب البحرين, وسموها (صوت العصافير) وكانت هذه النشرة تنتقد الاوضاع المحلية بأسلوب لاذع وتهاجم التدخل الاجنبي كما يذكر الدكتور احمد امين المدني. اما مصبح بن عبيد الظاهري الذي كان يمتلك دكانا بمدينة العين التابعة لامارة ابوظبي يذكر انه في بداية الخمسينيات اصدر نشرة اطلق عليها اسم (النخي) وهو الحمص المسلوق, كان يكتب اخبارها بنفسه على ورق الاكياس ويتطوع لقراءة تلك الصحيفة لمن لا يجيد القراءة والكتابة. وقد اعتبر ذلك نوعا من الصحافة الشعبية البدائية حيث كان الناس يجتمعون في الصباح الباكر حول مقهى شعبي في وسط مدينة العين, ومن خلال حواراتهم وتبادل النقاش تتولد الاخبار فيأخذها نقلا عنهم ثم يعود إلى بيته في المغرب ليكتب هذه الاخبار على ورق الكرتون, وفي صباح اليوم التالي يعلق هذه الصفحات امام دكانه, ومن يشتري (النخي) يقرأ الاخبار في محاولة منه لترويج تجارته التي اصابها الكساد في ذلك الوقت بعد منتصف عشرينيات هذا القرن. ومن اكياس الورق التي يضع التسالي فيها قفزت إلى ذهنه فكرة ان يكتب تحياته على هذه الاوراق لكل من يشتري بضاعته, ثم تطورت إلى السؤال عن الاهل والاولاد, ثم ضمنها اخبار الحوادث وجرائم قطاع الطرق واخبار الاعراس والمواليد والوفيات, وكان ينظم الاخبار في موقعها حسب اهميتها, فاخبار الحاكم اولا ثم اخبار القبائل بالاضافة إلى احصائية يومية بعدد القادمين والمغادرين من مدينة العين واليها. ويذكر ان اهم خبر نشرته (النخي) كان عن ماكينة للري اشتراها الحاكم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان, وكانت صيغة الخبر كالتالي: (أفادت الانباء ان ذهن الانسان لم يتوقف عند شيء فهو في جديد دائما, وقد علمنا ان سمو الشيخ خليفة بن زايد اشترى ماكينة للري ترج الارض رجا, وتعج الماء عجا, لها ازيز الريح, وخرير المطر, تنتفض كأنها زلزال لا يطاق فتفجر الارض عيونا وينابيع), وقد اثار هذا الخبر فضول المواطنين الذين تجمعوا حول القصر اياما يشاهدون الماكينة وهي تعمل. وكانت هذه الصحيفة تبدأ باسم الله الرحمن الرحيم ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم, وبعدها الاخبار, وفي زوايا صغيرة مرسومة بطريقة جميلة كانت تنشر ابيات الشعر والمقامات الادبية, وكان معظم الشعر المنشور في الغزل والفخر. ويذكر المؤرخ الاستاذ عمران العويس ان عام 1961 شهد صدور نشرة اخرى تسمى (الديار) وكانت تعنى بمعالجة القضايا المهمة, وتدعو للتعاون ونشر العلم, وقد اصدرها حميد بن ناصر العويس وعبدالله بن سالم العمران وعلي محمد الشرفا وكانت تطبع وتنسخ على الاستنسل. وقد صدر منها ستة أعداد فقط ثم توقفت عام 1963. يعود فضل السبق في مضمار الصحافة المقروءة إلى دبي اذ صدرت بها اول دورية على شكل نشرة (تابلويد) من صفحتين يسجل عليهما التقرير الشهري عن بلدية دبي واخبار المناقصات, ثم توسعت بعد ذلك قليلا واصبحت تهتم اضافة إلى اخبار البلدية بأهم اخبار الامارة والحاكم الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم والمراسيم التي يصدرها, وقد عرفت هذه النشرة باسم (اخبار دبي) , وظلت تصدر اسبوعية منذ 15 يناير 1965. وقد ساعد انشاء دائرة للاعلام تابعة لبلدية دبي على تطوير وضع النشرة وكانت تطبع بدبي وتوزع 8500 نسخة في داخل الامارات وخارجها وكانت تهتم بالاخبار والاحداث العربية والعالمية المهمة في ذلك الوقت, كما اهتمت بالموضوعات الجماهيرية واثارت قضايا سياسية واجتماعية بجرأة واضحة, حتى انها كانت تنتقد انشطة البلدية احيانا وتناقش حالة الطرق والخدمات في الامارة, ويسجل لها انها اول من ادخل الالوان إلى مجال الصحافة في الامارات. وفي مارس 1980 اصدرت حكومة دبي مرسوما بتعطيل المجلة حتى يمكن اصدار (البيان) جريدة يومية بترخيص مجلة (اخبار دبي) الاسبوعية, وعادت مجلة (اخبار دبي) الاسبوعية منذ ذلك التاريخ من جديد لتتحول إلى نشرة داخلية تصدر في البلدية وتحمل تقارير الاقسام المختلفة مع تغطية محدودة لمشاريع البلدية, واستمرت لمدة ثلاثة اشهر فقط توقفت بعدها نهائيا. وفي دبي ايضا خرجت للوجود اول جريدة رسمية في الامارات عام 1966 وكانت تشبه إلى حد كبير (الوقائع المصرية) واختصت بنشر قرارات الحكومة واعلاناتها الرسمية عن القوانين والمعاملات البنكية واخبار الحركة الملاحية في البحر والجو لوجود ميناء دبي ومطارها الجوي. هذه لمحة عن البدايات الاولى للصحافة في دولة الامارات منذ اوائل الثلاثينيات وحتى اواخر الستينيات التي شهدت الصحافة بعدها تحولا نوعيا وكميا تمثل في اصدار الصحف اليومية, وقد تزامن ذلك مع قيام دولة الاتحاد والنهضة الشاملة التي شهدتها الامارات في مختلف المجالات. خصوصية اماراتية لقد أثرت التركيبة السكانية لمجتمع دولة الامارات وارتفاع نسبة الوافدين فيها بشكل أساسي في الرسالة الاعلامية وتنوع مضمونها ووسائلها لتناسب التعدد في خصائص مستقبل هذه الرسالة. وقد جمعت صحافة الامارات عدة سمات أعطتها خصوصية بين الصحافة الخليجية, وهي السمات التي رسمتها طبيعة المجتمع الاماراتي وظروفه. وتعود ملكية الصحف في الامارات الى القطاع الأهلي الخاص باستثناء صحيفتي (الاتحاد) و(البيان) , فـ (الاتحاد) صحيفة اتحادية كما جاء في مرسوم الترخيص باصدارها وهي تصدر حاليا عن مؤسسة الامارات للاعلام التي يرأس مجلس ادارتها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الاعلام والثقافة. اما (البيان) فهي صحيفة تشرف عليها وتمولها حكومة دبي. أما صحف (الخليج, و(الوحدة) و(الفجر) والصحف التي تصدر باللغة الانجليزية وهي (الخليج تايمز) و(الجلف نيوز) و(الجلف توداي) فجميعها صحف خاصة تتبع القطاع الأهلي. وفيما يلي عرض لنشأة وتطور الصحف اليومية في الامارات. 1 ـ صحيفة (الاتحاد) تعد صحيفة الاتحاد أول دورية يومية تصدر في الامارات. وقد صدرت في أول الأمر اسبوعية رسمية وكان صدور العدد الاول منها يوم الاثنين 20 اكتوبر 1969, وتزامن صدورها مع الجهود التي كانت تبذل لاقامة نوع من الاتحاد بين امارات ساحل عمان السبع إضافة الى قطر والبحرين, وكان صدور العدد الأول قبل يوم واحد من وصول حكام الامارات إلى مدينة ابوظبي لعقد اجتماعهم الخامس من اجل بحث اسس قيام الاتحاد المنشود لتبدأ (الاتحاد) صحيفة اسبوعية في 12 صفحة بالقطع النصفي (التابلويد) وكانت تتبع دائرة الاعلام التي تحولت بعد ذلك إلى وزارة الاعلام وتولى رئاستها معالي الشيخ أحمد بن حامد وتشكل مجلس تحريرها من بعض العاملين بالدائرة. وقد تغير بعد ذلك موعد صدور (الاتحاد) إلى يوم الخميس من كل اسبوع اعتبارا من 30 اكتوبر 1969 وقد طبع من العدد الاول 500 نسخة ارتفعت الى 1000 نسخة, ثم 5500 نسخة, وكانت توزع مجانا مما كان يضفي عليها الصفة الرسمية. كانت المادة الصحفية ترسل بالبريد الى بيروت لتطبع هناك في المطبعة التجارية والصناعية وتعاد النسخ الى أبوظبي ثانية إلى أن تولت مطبعة أهلية في مدينة زايد القديمة بأبوظبي اسمها (نيتكو) مسؤولية طباعتها في اواخر عام 1970م. وفي نهاية عام 1971 خاضت (الاتحاد) تجربة مهمة يمكن النظر اليها على أنها البداية الحقيقية للصحافة اليومية الحديثة حيث صدرت الاتحاد ولعدة ايام متتالية مع اعلان قيام دولة الامارات العربية المتحدة بطريقة الجمع اليدوي للرصاص (لينوتيب) من مطبعة أهلية اخرى هي (مطبعة بن دسمال) بعد أن اشترى صاحبها بهذه المناسبة ماكينة لطبع هذه الصحيفة بالقطع العادي (ستاندر) وكان قد أحضرها خصيصا من الخارج لهذا الغرض, لتنتقل اليها طباعة صحيفة (الاتحاد) لصغر حجم ماكينة الطبع في (نيتكو) وكانت قد سبقت هذه الخطوة محاولة للاصدار اليومي حيث صدرت (الاتحاد) ولمدة اسبوعين بصورة يومية وذلك اثناء الاحتفالات بالذكرى الخامسة لتولي صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مقاليد الحكم في امارة ابوظبي في 6 اغسطس 1971. وفي 22 ابريل عام 1972 صدرت صحيفة (الاتحاد) بصفة يومية حيث ظلت لعدة سنوات هي الصحيفة اليومية الوحيدة في الامارات بعد ان توقفت جريدة (الخليج) التي تصدر في الشارقة عن الصدور من عام 1972 حتى عام 1980. وكما تقدم فان صحيفة (الاتحاد) قد صدرت في البداية عن دائرة الاعلام والسياحة في أبوظبي, وبعد قيام الدولة وانشاء وزارة الاعلام أصبحت الجريدة تتبع ادارة المطبوعات بالوزارة ثم صدر المرسوم الاتحادي رقم 25 لسنة 1977 بانشاء مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر, ثم تم انشاء مؤسسة الامارات للاعلام التي ضمت صحيفة الاتحاد واذاعة وتلفزيون الامارات من أبوظبي وصدر بها القانون الاتحادي رقم (5) لعام 1999 في شهر يناير. 2 ـ صحيفة (الخليج) صدرت صحيفة الخليج في امارة الشارقة بتاريخ 19 اكتوبر 1970م على يد الاخوين تريم وعبدالله عمران, وتعد (الخليج) أول صحيفة يومية في الامارات إذ أن (الاتحاد) كما تقدم صدرت في البداية اسبوعية ثم تحولت الى يومية عام 1972. وقد صدرت الصحيفة وسط أجواء سياسية تموج بالاحداث المهمة حيث كانت فكرة الاتحاد التساعي مطروحة وكان الفكر القومي الوحدوي يخوض معركة الدفاع عن النفس بعد نكبة عام 1967, ومن هنا نظر اليها الشباب الخليجي المثقف كسياج لآماله واحلامه الوطنية والقومية. وكانت الصحيفة تحرر في امارة الشارقة ثم ترسل المادة التحريرية الى دولة الكويت لتجمع وتطبع هناك في مؤسسة المرزوق للصحافة والنشر الامر الذي اتاح لها استغلال العناصر (التبوغرافية) المتوفرة في مطابع المؤسسة لابراز المادة التحريرية واخراجها على النحو الذي رسم لها شخصية مميزة عن الصحف الاخرى في الامارات مثل: موضع الترويسة ولافتة الرأس بالصفحة الاولى وموتيف اللافتة في الصفحات الداخلية التي اتخذت الرسم لحروف مفردة (ال خ ل ي ج) مع التظليل للايحاء بالبعد الثالث لمنظور الرسم وكأنه مجسم لكل حرف, كما كان لذلك اثر ايضا في مادة التحرير وتبويبها, اذ نجدها تهتم بشؤون المرأة والطفل والرياضة. وقد ساعد وجود رحلات طيران شبه يومية تقوم بها الخطوط الجوية الكويتية الى دبي على وصول الصحف في يوم صدورها الى الشارقة.. وقد أثارت الصحيفة آنذاك غضب شاه ايران كما اثارت غضب المعتمد البريطاني في الشارقة الذي صادرها ومنع توزيعها اكثر من مرة, ولذلك فقد صادفت الصحيفة صعوبات سياسية وتعرضت للايقاف والمصادرة اكثر من 24 مرة سواء في الكويت أو الامارات من قبل المعتمد البريطاني مما ادى الى عدم انتظامها في السوق, ولذلك فانها لم تستمر طويلا اذ تضافرت عوامل فنية ومحلية واقليمية الى جانب بعض الديون المستحقة عليها لصالح المؤسسة التي كانت تطبعها مع ضعف الامكانات مما ادى الى توقفها عن الصدور بعد العدد رقم (375) في يوم الثلاثاء 29/2/1972. وبعد ثماني سنوات من التوقف بدأ الاعداد عام 1979 لاستئناف الصدور وبالفعل عادت صحيفة (الخليج) مرة اخرى للصدور في 5 ابريل عام 1980 في مطابعها الخاصة بالشارقة. 3ـ صحيفة (الوحدة) صدر العدد الاول من جريدة (الوحدة) في 6 اغسطس 1973, وكانت دوريتها اسبوعية في اول الامر ثم بعد شهرين تحولت الى يومية ويملك (الوحدة) ويرأس تحريرها راشد بن عويضة, وخرجت اول الامر في حجم نصفي 48*35 سم ثم تحولت الى الحجم العادي في منتصف 1975 وزاد عدد صفحاتها من ثماني صفحات في نهاية عام 1981 الى 16 صفحة, وكان مقر اصدارها مدينة ابوظبي. 4ـ صحيفة (صوت الامة) صدر العدد الاول منها يوم السبت 8 مارس 1975 اسبوعية, وتحولت بعد ثلاث سنوات لتصدر يوميا, وطبعت على ورق صحف بحجم نصفي وعدد صفحات غير ثابت ومادة تحريرية مضطربة, وبلا خط سياسي محدد واخراج مشوه لتضارب العناصر (التبوغرافية) ما بين حروف غير متناسقة الابناط ورسوم وصور في اماكن غريبة عن مواقعها المناسبة. وكان من الطبيعي ان تتعثر في الصدور ثم توقفت نهائيا بتاريخ 17 نوفمبر 1978 لمخالفتها نص المادة 34 والمادة 50 من قانون المطبوعات والنشر بقرار من مجلس الوزراء. 5ـ جريدة (الفجر) صدر العدد الاول منها يوم الاثنين 17/3/1975م (اسبوعية) بحجم كبير كالصحف العادية وصاحب امتيازها ورئيس تحريرها عبيد المزروعي, وكان عدد صفحاتها ثماني صفحات تزداد في المناسبات. والمتتبع لاعداد (الفجر) يجد التزام النبرة الصحفية في معالجة موضوعاتها مع حسن الاخراج وسلامة حروف الطباعة وحرصها على استخدام الخط الفارسي والثلث في اكثر العناوين الرئيسية, وتعد صحيفة (الفجر) من الصحف صاحبة النبرة الهادئة والاسلوب المتزن والسياسة المعتدلة في تناولها للقضايا الداخلية او القضايا الخارجية عربية ودولية. 6ـ جريدة (البيان) تعد صحيفة البيان آخر الصحف صدورا في دولة الامارات من حيث التسلسل الزمني حيث صدر العدد الاول منها يوم السبت 10 مايو 1980 في امارة دبي بعد ايقاف مجلة (اخبار دبي) عن الصدور لتحل محلها جريدة يومية وكان قد صدر قبل هذا التاريخ قرار مجلس الوزراء عام 1979 بوقف الترخيص لاصدار صحف جديدة. وقد روعي ان تكون هذه الصحيفة الجديدة اضافة نوعية للصحافة المحلية والعربية وليست مجرد اضافة عددية ولذلك حرص في التخطيط ان تكون على صلة مباشرة بالطبيعة المحلية في الامارات والاحداث الجارية اقليميا وعالميا بسبب موقع دبي ودورها الاقتصادي والتجاري داخليا وخارجيا وقد تميزت عن الصحف الاخرى بطباعتها على ورق برتقالي اللون اسوة بصحيفة (الفايننشيال تايمز) وصدر العدد الاول في عشرين صفحة. وتؤكد السياسة التحريرية لصحيفة (البيان) ابراز الدور الاقتصادي المتميز لامارة دبي وتبحث دوما عن مصدر رسمي للخبر وخاصة فيما يتعلق باخبار دول مجلس التعاون والدول العربية الاخرى, ولذلك فإن نسبة النفي للاخبار المنشورة في الصحيفة قليلة. وقد مرت مؤسسة (البيان) للصحافة والطباعة والنشر بمراحل تطور رئيسية ثلاث, الاولى امتدت من عام 1980 حتى عام 1984 وهي مرحلة النشأة والتأسيس واعداد وتثبيت الكوادر مما اثر في نوعية ومستوى الاداء والانتاج ثم جاءت المرحلة الثانية التي استمرت حتى عام 1989 وهي مرحلة الازدهار والانطلاق نحو التطور وظهرت خلالها الجوانب المهنية بشكل افضل, وكانت المرحلة الثالثة من عام 1989 ومازالت مستمرة وتمثل مرحلة الانتقال نحو التوطين والتغيير التدريجي في تركيبة العاملين في مختلف قطاعات المؤسسة بعد ادخال العنصر المواطن في اقسام الادارة والتحرير والمجالات الفنية, وكذلك اعادة بناء هيكلية المؤسسة وتغيير القيادات التنفيذية في مواقع العمل الاداري والتحريري والفني وتحديث مستلزمات الانتاج. وقد سارت مؤسسة (البيان) على خطوات متتابعة للتطوير منذ نشأتها الاولى فقد ادخلت مجموعة من الاضافات والتحسينات على مطابعها وزادت طاقتها الانتاجية مستخدمة في ذلك احدث آلات الطبع الالمانية الى جانب الاقسام الفنية الاخرى لمساعدة مطبوعات المؤسسة, كما يقوم القسم التجاري بتقديم خدمات طباعية متعددة في السوق المحلية. وتم ادخال الالوان في صحيفة (البيان) بعد فترة وجيزة من صدورها من خلال استخدام اللون في الاعلانات التجارية, وفي عام 1987 بدأ استخدام الالوان في صور المناسبات الوطنية, وفي عام 1988 انتظم ادخال الالوان في الموضوعات والاعلانات. وقد اهتمت مؤسسة (البيان) مؤخرا بالتدريب فانشأت مركزا للتدريب الاعلامي في 1/5/1999 هو الاول من نوعه في دولة الامارات ومنطقة الخليج من حيث شموله لجميع جوانب العمل الاعلامي من صحافة واذاعة وتلفزيون, ويتولى المركز تنظيم دورات وبرامج متخصصة للعاملين في قطاع الاعلام وصولا الى ايجاد كوادر اعلامية قادرة على استيعاب ومواكبة المستجدات المتلاحقة في فنون صناعة الاعلام وتطوير وتحسين وتحديث كفاءة ومهارات العاملين حاليا في المؤسسات الاعلامية المحلية والخليجية والعربية, والتخطيط طويل الاجل لاعداد اجيال من المتخصصين كل في مجاله الاعلامي. كما يعمل المركز على اعداد وتأهيل المرشحين المتقدمين للعمل في مجالات الاعلام المختلفة سواء في الاجهزة الاعلامية المتخصصة أو في المؤسسات والميادين التي تتطلب التعامل مع الجمهور مما يقتضي تزويد العاملين فيها بمهارات اتصالية نظرية وعملية. وقد شارك في الدورات التي نظمها المركز منذ قيامه وحتى الآن عدد كبير من ابناء الامارات والمقيمين فيها وعدد من ابناء مجلس التعاون قدموا خصيصا للمشاركة في هذه الدورات من مؤسسات صحفية وجامعات ودوائر حكومية. الخلاصة يتضح من السرد التاريخي السريع للصحف العربية التي صدرت في دولة الامارات قبل قيام الاتحاد وبعده ان هذه الصحف قد لعبت دورا اساسيا مهما واكب ارهاصات الوحدة وشارك في المداولات لإعلان قيام الاتحاد. كما شهدت الصحف في الامارات تطورات فنية سريعة شملت كافة القطاعات من المباني والمطابع, كما عرفت الألوان طريقها الى الصحف اليومية من خلال الصور والإعلانات والعناوين منذ النصف الثاني من عقد الثمانينيات ومطلع التسعينيات. ويعتمد توزيع الصحف اساسا على مبيعات الشارع والطرقات والمكتبات تليها الاشتراكات. وتحقق صحافة الامارات بعض الانتشار النسبي في دول الخليج العربي المجاورة مقارنة بالصحف الاخرى في المنطقة. وكان اختلاف الملكية في صحف الامارات وراء تحديد خصائص وتوجهات وأولويات كل منها في سياستها التحريرية في السابق الا ان الفترة الاخيرة شهدت كسرا لهذه القاعدة وتغيرا في هذه النظرية فلم تعد الصحف الرسمية أو شبه الرسمية وهي التابعة اما للحكومة الاتحادية كصحيفة (الاتحاد) أو الحكومة المحلية كصحيفة (البيان) لم تعد تلتزم بالخط الرسمي الملتزم بالدفاع عن المؤسسات والدوائر والوزارات وعدم الاقتراب من سلبيات الاداء التي قد تسم بعض قطاعاتها, اذ أخذت هذه الصحف تقترب من هموم المواطن ومشاكله ولا تجد غضاضة في مهاجمة اداء وزارة من الوزارات أو دائرة من الدوائر اذا ما وجدت خللا في هذا الاداء أو تقصيرا في حق المواطن. وقد تعرضت بعض وزارات الخدمات كالتربية والصحة والعمل والشؤون الاجتماعية في الآونة الاخيرة لحملات قادتها هاتان الصحيفتان (الاتحاد والبيان) في غير تحامل عندما توفرت الادلة لديها على قصور خدمات هذه الوزارات وظهرت بعض الجوانب السلبية. واتسمت هذه الحملات بالموضوعية اذ اتاحت لجميع اطراف القضايا المطروحة كالخدمات التعليمية والصحية الفرصة لابداء وجهات نظرها نقدا أو تفنيدا لهذا النقد ودفاعا عن الجهة المتعرضة للنقد, وهي ظاهرة صحية ونقلة نوعية في اداء هذه الصحف وسياستها التحريرية تصب في صالح القارىء أولا وفي صالح المسيرة الصحفية في دولة الامارات العربية المتحدة ثانيا. ومن مظاهر تطور صحف الامارات اتساع شبكة المراسلين والمكاتب الخارجية في دول الخليج والأقطار العربية بالاضافة الى الدول الأوروبية والولايات المتحدة الامريكية. كما تميزت صحف (الاتحاد والخليج والبيان) بإصدار العديد من الملاحق الاسبوعية الداخلية والمنفصلة, وبأحجام عادية ونصفية ملونة كملاحق الرياضة والملاحق الثقافية والشبابية والمدارس والجامعات وبيان الكتب وملاحق خاصة بالسيارات وغيرها. وهكذا شهدت صحف الامارات تطورات متلاحقة في جميع النواحي حتى غدت اليوم تفرض وجودها وتحتل مكانة مرموقة بين الصحف العربية, وهي تسعى بشكل حثيث لمواكبة العصر وتطوراته في جميع المجالات بعد ان توفرت لها الامكانات المطلوبة والخبرة والكفاءة المهنية على مدى السنوات الماضية مما يؤهلها لتأدية الدور المطلوب منها على المستوى الوطني والقومي والانساني بشكل عام في عصر اصبح للصحافة فيه صوت مسموع ودور لا يستهان به وضمير تجد الشعوب فيه ملاذا عندما يستبد بها الخوف أو يعتصرها الألم. المجلات في دولة الامارات تقدم القول ان تاريخ الصحافة المقروءة في الامارات قد بدأ بصدور مجلة (أخبار دبي) عام 1965 التي ظلت تصدر دون انقطاع حتى عام 1980, حيث تم ايقافها من قبل حكومة دبي لتصدر بدلا عنها صحيفة (البيان) اليومية. وقد صدر في دولة الامارات العربية المتحدة الكثير من المجلات والدوريات غير ان اغلبها كان اما نشرات علاقات عامة صادرة عن شركة أو ادارة علاقات عامة بإحدى الوزارات أو الهيئات أو دوريات صادرة عن اندية رياضية أو جمعيات نسائية أو ذات نفع عام. ورغم تبعية هذه المجلات لبعض الوزارات والهيئات والجمعيات النسائية والأهلية والاندية الرياضية الا ان بعضها لم يكن مختصا بنشاط الهيئة او الجهة التي يصدر عنها بل يأخذ طابع المجلة العادية ذات الاتجاه المحدد فمجلة (الاهلي) على سبيل المثال رغم انها كانت تصدر عن ناد رياضي هو النادي الاهلي بدبي الا انها اخذت طابعا اجتماعيا ثقافيا في بداية صدورها ثم اخذت بعد ذلك طابعا سياسيا وطنيا بتركيزها على قضايا الوطن وهمومه وبرزت من خلالها اقلام وطنية واصلت عطاءها بعد توقف المجلة عن الصدور وما زالت تعطي من خلال الصحف المحلية ومنابر الاعلام المختلفة. وبالاضافة الى هذه المجلات والدوريات التي صدرت على النحو الذي تقدم فقد صدرت مجلات اخرى مستقلة او تابعة لمؤسسات صحفية نذكر منها على سبيل المثال: مجلة (الشروق) وقد ظهرت في مرحلة الصدور الاولى في يونيو 1970 واستمرت حتى مايو 1971 ثم توقفت وعادت مرة اخرى للصدور في 9 ابريل 1992 مجلة سياسية اسبوعية تصدر صباح كل خميس. وظلت كذلك حتى العدد الصادر يوم 8 سبتمبر 1994, عندما تحول الصدور الاسبوعي من يوم الخميس الى يوم الاثنين اعتبارا من 19 سبتمبر 1994 ضمن سلسلة من الاجراءات الهدف منها تنشيط التوزيع شملت تغيير موعد الصدور لابقائها أطول فترة من ايام الاسبوع في الاسواق الى جانب احداث تحول في سياستها التحريرية من خلال نشر موضوعات جماهيرية غير جامدة في مادتها التي كان يغلب عليها الطابع السياسي اضافة الى زيادة جرعة المنوعات والموضوعات الخفيفة, وتصدر مجلة (الشروق) عن (دار الخليج) للصحافة بالشارقة. مجلة (زهرة الخليج) وتصدر عن (مؤسسة الامارات للاعلام) , وقد كان صدورها في البداية عن مؤسسة (الاتحاد) للصحافة والنشر, حيث كان عددها التجريبي في مارس 1979 ثم بدأت في الاصدار الاسبوعي الثابت كل سبت منذ 31 مارس ,1979 وكانت الترويسة تعرفها بأنها مجلة نسائية اسبوعية للخليج والوطن العربي. ويقوم خطها التحريري على تغطية واقع المرأة الخليجية والعربية لا المرأة في دولة الامارات فقط. وقد مزجت المجلة قضايا المرأة الخليجية المحلية بعرض نماذج من واقع المرأة في العالم الخارجي بحيث اصبحت نافذة على الحياة النسائية في الدول المتحضرة وبذلك اسهمت بقدر كبير في مساعدة الجيل الجديد من نساء الخليج في تحقيق رغباتهن وتلبية احتياجاتهن من الشؤون النسائية ولوازم الحياة الحديثة التي تتطلع اليها بنت الخليج بعد استقرار الحياة الاقتصادية في البلاد, كما اصبحت مرآة صافية ترى فيها كل امرأة وفتاة خليجية صورتها الحالية وصورتها كما يجب ان تكون. وقد ادت هذه السياسة مع التطوير المتلاحق في المجلة الى زيادة توزيعها بشكل سريع ومتنام. مجلة (الأسرة العصرية) الرياضة والشباب: وتصدر عن مؤسسة (البيان) للصحافة والطباعة والنشر, وقد جاء ظهورها عقب اصدار (البيان) بثمانية اشهر على شكل ملحق رياضي ملون بقطع (التابلويد) توزع مع صحيفة (البيان) صباح كل سبت وذلك اعتبارا من ديسمبر ,1980 ثم تطور الملحق ليتحول الى نشرة في قطع المجلة لتلبي حاجة اوجه النشاط الرياضي اسبوعيا, وصدر عددها الاول في 25 مارس 1981. وفي مايو 1986 بدأ الاعداد لانتقال المجلة الى مرحلة اخرى جديدة تخاطب شرائح مختلفة من القراء بدلا من اقتصارها على جمهور الرياضة وكرة القدم تحديدا, وذلك بهدف توسيع قاعدة التوزيع وتلبية اهتمامات الشباب بمفهومها الشامل وصدر بالفعل العدد (268) في 10 يونيو 1986 حاملا بدايات التغيير حيث تنوعت موضوعاته بين الفن والعلم والرياضة والشباب. ومنذ عام 1990 حدث تغير آخر عندما دخلت المجلة مرحلة جديدة حيث زادت جرعة التنوع وانحسرت الصفحات المخصصة للرياضة لتحل محلها ابواب للصحة والجمال والديكور والاسرة وعموم الفن والطب والادب واهتمت بشكل ملحوظ بالموضوعات الاجتماعية والعلاقات الاسرية والزوجية وزادت من أبواب الثقافة والمعرفة والترفيه والتسلية. كما شهدت المجلة تطورا شاملا في السابع من ديسمبر 1999 تغير فيه اسمها ليصبح (الاسرة العصرية) بدلا من (الرياضة والشباب) بالاضافة الى تطوير الشكل والمضمون. مجلة (ماجد) لما كان الطفل هو عماد الثروة البشرية كانت صحافة الطفل هي الوعاء الذي يتربى فيه الطفل وتكتمل شخصيته طبقا لاحتياجات البلاد من قادة المستقبل وعدة الايام, ومن هنا شهدت صحافة الامارات صحافة طفلية ناضجة تضاهي صحافة الاطفال في الدول المكتملة اعلاميا بالرغم من تأخر ظهور تلك الصحافة عن غيرها في اجزاء الوطن العربي الاخرى. وقد صدر العدد الاول من (ماجد) عن مؤسسة (الاتحاد) للصحافة والنشر التي اصبحت بعد ذلك مؤسسة (الامارات) للاعلام بتاريخ 28 فبراير ,1979 وعرفتها الدار عند اصدارها بأنها (مجلة كل الاولاد والبنات) وصورت (ماجد) في رسم طفل يعبر عن المجلة في ملابس وطنية لابناء الامارات ويرمز دائما للمجلة. وقد وزعت (ماجد) في جميع انحاء الوطن العربي واصبحت صديقا للكثير من الاطفال العرب من الخليج العربي الى المحيط الاطلسي, ويعود انتشار المجلة الى حسن اختيار مادة التحرير بها حيث تعبر عن البيئة العربية وتنبع من الثقافة السائدة في الاجزاء المختلفة من وطننا العربي, والمرتكزة على التراث الاسلامي مع الحرص على البعد عن التقاليد الغريبة عن تقاليد العرب ونشر كل ما هو نابع عن هذه التقاليد والقيم العربية الاصيلة, الامر الذي يجعل اولياء الامور مطمئنين على عقول ابنائهم وهم يتلقون المعرفة والثقافة من خلال هذه المجلة. الصدى وهي مجلة منوعة تعنى بالمجتمع والفن والادب وتركز بشكل خاص على الادب الشعبي الذي تخصص له صفحات عديدة. وقد صدرت في دبي يوم الاحد 4 ابريل 1999 وحملت ترويستها تعريف (مجلة العائلة العربية الاسبوعية) . وتحاول الصدى ان تنوع مادتها لترضي مختلف القراء رافعة شعار (الصدى.. مجلات في مجلة) . * * * ومع وجود العديد من المجلات التي يغلب عليها طابع التنوع في دولة الامارات والتي ذكرنا عددا منها ونضيف اليها (كل الاسرة) و (درة الامارات) و (المرأة اليوم) فإن الساحة ما زالت تشهد كل فترة اصدارات جديدة. وعلى الابواب مشاريع اصدار عدد من الصحف اليومية والمجلات الشهرية والاسبوعية التي ينوي القطاع الاهلي اصدارها مما يعني ان مؤشر السوق يشير الى امكانية استيعاب الاصدارات الجديدة رغم الزخم المتوافر فيه. خاتمة تلك لمحة سريعة عن صحافة الامارات منذ البدايات البدائية الاولى في الثلاثينيات وحتى اليوم, وهي فترة شهدت فيها الساحة الصحفية في الامارات مراحل مختلفة لعبت فيها الصحافة الاماراتية دورا كبيرا ساند فكرة قيام الاتحاد وظهور هذا الكيان الوحدوي العربي الذي سجل نجاحا لم يسبقه اليه اي تجمع وحدوي عربي في الماضي والحاضر, ومثلما ساندت الصحافة فكرة الاتحاد وتحمست لها فقد وقفت الدولة دائما مساندة للصحافة بالدعم المادي والمعنوي وبافساح مساحة كبيرة من الحرية المسؤولة تمارس من خلالها الصحف والمجلات دورها في الدفع بعملية التنمية مركزة على النواحي الايجابية دون التواني عن تسليط الضوء على النواحي السلبية كي يتم تصحيح مسار الانطلاقة الحضارية التي شهدتها هذه البقعة من العالم العربي خلال فترة زمنية قياسية. ولعل وجود قيادة سياسية واعية وحكيمة كقيادة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان واخيه المرحوم صاحب السمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ثم صاحب السمو الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم, واخوانهم اعضاء المجلس الاعلى حكام الامارات , لعل وجود قيادة كهذه القيادة توجه المسيرة في الدولة بما عرف عنها من اخلاص والتحام مع الشعب وحرص على مصالحه كان الدافع الاكبر والعامل الاول الذي اتاح للصحافة ان تلعب دورا واعيا واكب المسيرة واستطاع ان يتفاعل مع كل مرحلة من مراحلها. وحرصت الصحف والمجلات في ظل المنافسة التي فرضت نفسها عليها ان تواكب احدث تقنيات الطباعة ومدارس الاخراج وان تطور سياساتها التحريرية كي تكون لسان القارئ وعينه واذنه لتغدو في فترة زمنية وجيزة واحدة من ابرز الاصدارات في العالم العربي, وان تتفوق على الكثير منها رغم فارق الخبرة وتاريخ الاصدار, الامر الذي يرسم صورة مشرقة لمستقبل الصحافة في الامارات ونحن نبدأ الالفية الثالثة من عمر البشرية. استدراك لابد منه هناك بعض الملاحظات والنقاط التي أرى من الضروري الاشارة اليها حتى تكتمل الصورة لمن يطلع على هذا البحث أردت تسجيلها من باب الامانة العلمية وهي كالتالي: * الكتب والمراجع التي تؤرخ للصحافة في الامارات قليلة, وقد اعتمدت في جمع هذه المعلومات على كتب ثلاثة هي: ـ وسائل الاعلام في دولة الامارات العربية المتحدة, تأليف: عبدالله النويس, الطبعة الاولى اكتوبر 1984. ـ صحافة الامارات, النشأة والتطور الفني والتاريخي, تأليف: احمد نفادي, الطبعة الاولى 1996. ـ الامارات في ذاكرة ابنائها, تأليف: عبدالله عبدالرحمن, الطبعة الاولى 1998. وهي كتب اجتهد مؤلفوها في جمع مادتها مما توفر لهم من ارشيف الصحف والمجلات, ومن خلال البحث الميداني, ثم من افواه بعض الذين عاصروا بدايات الصحافة في الامارات أو اسهموا في هذه البدايات. ويلاحظ عليها وان كان لا ينقص منها ان اللاحق منها اعتمد على السابق حتى بدت احيانا كأنها نسخة واحدة, كما ان هناك عدم اتساق في بعض المعلومات الواردة فيها وربما في معلومات الكتاب الواحد, الامر الذي يجعلني اتمنى ان يتوفر لصحافة الامارات من يقوم بالتوفيق بين مختلف الروايات وتمحيصها واستيفاء ما غاب من جوانب عن الباحثين الثلاثة وان كان هذا لا يقلل من جهدهم ولا ينزع عنهم رداء الريادة في البحث والتوثيق والتأليف عن صحافة الامارات. * ينقص هذه الدراسة جزء مهم عن الصحافة الناطقة بغير اللغة العربية في الامارات, حيث تصدر الآن ثلاث صحف يومية باللغة الانجليزية هي: (خليج تايمز) , و(جلف نيوز) , و(جلف توداي) , وقد توقفت جريدة رابعة هي (امارات نيوز) , واعزو هذا النقص إلى عدم وجود دراسة أو بحث موثق عن هذا الجانب المهم في صحافة الامارات, خاصة انها تتوجه بالخطاب الاعلامي إلى قطاع كبير من القراء من الجنسيات غير العربية المقيمة في الامارات في ضوء ما نعرفه جميعا عن التركيبة السكانية لمجتمع الامارات. * عرفت الامارات الصحف على يد دول عربية واجنبية, فقد كانت الصحف المصرية اول صحف اتت إلى البلاد مع السفن المارة بها بعد افتتاح قناة السويس عام 1869م, كما اتت صحف اخرى من بلاد الشام بعد انشاء الخط الصحراوي بين دمشق وبغداد عام 1924م, وتردد اهل الفكر من ابناء العراق وسوريا ومصر على امارات الساحل مثل الشيخ رشيد رضا وعبدالعزيز الثعالبي, وارتباط اهل الثراء والكفاح بمدينة بومباي الهندية حيث كانت محط انظار مفكري ابناء الخليج وقادة الرأي فيهم ومسكنا لبعض كبار التجار العرب. * من الكتابات الاولى لكتاب من الامارات ما نشرته مجلة (المنار) عام ,1928 للاديب مبارك بن سيف الناخي عن دجال هندي وصل إلى الامارات لينشر البدع والضلالات, وكذلك الرسالة التي ارسلها (أحمد حسن) من دبي إلى الشيخ رضا صاحب (المنار) حول اختلاف الناس بين مؤيد لقراءة الجرائد والمجلات الاسبوعية ومعارض لها يرى الانصراف إلى مطالعة كتب السنة والتفسير والفقه, ورد الشيخ رشيد رضا على رسالته. كذلك ما كتبه سالم بن علي العويس في مجلة (الشورى) واحمد بن سلطان بن سليم في مجلة (الشباب) المصرية التي كان يصدرها محمد علي طاهر, وكتابات الدكتور احمد امين المدني في مجلة (الآداب) البيروتية في الخمسينيات و(فتى العراق) و(القبس) و(الزمان) و(الاهالي) العراقية, و(الرسالة) و(الاديب) ومجلة (الشعر) المصرية, ومجلة (الفكر) التونسية, ومجلة (الضاد) السورية, كما كتب احمد بن علي العويس في مجلتي (الرسالة) المصرية و(صوت البحرين) . * بداية ظهور الصحافة في الامارات وان كان بشكل بدائي لا يتعدى شكل صحف الحائط أو المنشورات في اواخر العشرينيات واوائل الثلاثينيات من هذا القرن على اختلاف بسيط بين مؤلفي الكتب الثلاثة لم يحسمه اي منهم بشكل قاطع, لكون مصادر المعلومات لديهم شفهية غير موثقة, فهي صادرة عن روايات اشخاص ربما لم تسعفهم الذاكرة في تحديد تواريخها بشكل قاطع, ولذلك فربما دفعتني طرافة الموضوع أو الحبكة الصحفية أو براعة الاستهلال التي يدعو لها ارباب اللغة والادب إلى اختيار تلك البداية لنشأة الصحافة في الامارات فلعلها تكون متفردة بين قريناتها في منطقة الخليج والمنطقة العربية. * مدير مركز التدريب الاعلامي بالبيان