الجمعة 20 رجب 1423 هـ الموافق 27 سبتمبر 2002 أكد سعد قاسم حمودي رئيس منظمة المؤتمر الشعبي العربي ووزير الاعلام العراقي الاسبق ان الولايات المتحدة فشلت في ايجاد اي علاقة او رابط بين احداث نيويورك وواشنطن وبغداد لذلك لجأت الى طرح مسألة المفتشين. واشار حمودي في حديث لـ «الملف السياسي» الى ان مهمة المفتشين الدوليين انتهت منذ سنوات وفق القرار 687 وهو القرار الاساسي لما اعقبه من قرارات دولية. منوها بأن الهدف الأميركي اصبح واضحا وهو تغيير النظام في العراق، وقال لقد اصدر الكونغرس الاميركي قانون تحرير العراق وتم رصد أموال وفتحت معسكرات التدريب وغيرها من الاجراءات العدوانية ضد العراق، وهي ممارسات ليست لها علاقة بقرارات مجلس الأمن. وأوضح المسئول العراقي ان المشكلة ان اميركا وبريطانيا تتعاملان مع العراق سياسيا (مع قرارات مجلس الامن) وليس قانونيا، لذلك فان عودة المفتشين تتضمن استفزازا للشعب العراقي ومسا في سيادته الوطنية. وفيما يلي نص الحديث: بودي أن أوضح قبل كل شيء علاقة العراق بمجلس الأمن وما يتصل باستمرار الحصار الأميركي ـ البريطاني المتواصل على منطقتي حظر الطيران في الشمال والجنوب. الحصار مضى عليه اثنا عشر عاما وأدى إلى وفاة مليون وستمئة وأربعين ألف إنسان. وهذا يعكس تصميم الإدارة الأميركية في جريمة الإبادة الجماعية المنظمة لشعب العراق ليس لجيل الحاضر وإنما لجيل المستقبل. وكذلك استمرار الاعتداءات اليومية للطائرات الأميركية والبريطانية المنطلقة من قواعد عسكرية بالمنطقة على منطقة حظر الطيران غير الشرعيتين واللتين لا تستندان إلى أي من قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. إننا على أعتاب مواجهة جديدة بعد أحداث الـ 11 من سبتمبر وبدلا من أن تتعظ الولايات المتحدة من سياساتها المعادية للشعوب وأن تعتمد الحكمة العقلانية في التعامل مع قضايا العالم المختلفة زادت غطرسة وعنجهية وعدوانية وطرحت خيارا ثنائيا لا ثالث لهما اما أن تكون مع أميركا أو تكون ضدها. وهذا هو عين الإرهاب أن تختار أن تكون تابعاً وعميلاً للولايات المتحدة أو تكون إرهابيا. وهذا مفهوم أميركي للإرهاب ومرفوض صيغة التعامل مع هذه المسألة وموضوع الإرهاب الذي يجب أن يعالج ضمن مؤتمر دولي وأن يفرق بين الإرهاب وحق الشعوب المبتلاة بالاحتلال الأجنبي في تحرير أراضيها بكل الوسائل بما فيها القوة المسلحة أو الكفاح المسلح طبقا للقرارات والمواثيق الدولية. أميركا نصبت نفسها خصما وحكما ومنفذا وسارعت في تصفية الحسابات مع حكومات ومنظمات لا تتفق مع سياساتها. ـ هل يمكن أن تعطينا فكرة عن العقوبات الذكية التي كانت اميركا قد طرحتها من قبل؟ ـ طرحت الولايات المتحدة موضوع العقوبات الذكية بحجة التخفيف عن معاناة الشعب العراقي ويسمح باستيراد المواد الغذائية والدوائية دون حاجة إلى موافقة لجنة 661 ورافق هذا الموضوع حملة تضليل كبيرة بالإدعاء أن الولايات المتحدة وبريطانيا صاحبة المشروع حريصة على تخفيف معاناة الشعب العراقي. وهذا كذب صريح لأن القضية المطروحة هي توسيع قائمة السلع ذات الاستخدام المزدوج بإضافة مواد جديدة يجب الرجوع في استيرادها إلى لجنة المقاطعة 661. ومنها أجهزة الحاسوب «الكمبيوتر» الآن يجب أن يحصل العراق على موافقة لدى استيراده لهذه المعدات وغيرها من المعدات المدنية المعروفة. إذن العقوبات الذكية ما هي إلا محاولة لتشديد الحصار وإحكام القبضة بعد أن تراخت هذه القبضة في السنتين الأخيرتين من خلال الوفود الشعبية العربية والأجنبية التي جاءت بطائرات مدنية وخرقت الحصار الأميركي وليس الحصار الدولي لأنه ليس هناك قرار بمنع الطيران المدني من العراق وإليه. ثم اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعها العراق مع عدد من الدول العربية الشقيقة والتي بلغت حتى الآن ست دول هي صيغة عملية لتفتيت الحصار وخرقه ومن جهة كنواة أولى للسوق العربية المشتركة والتكامل الاقتصادي العربي. فحاولت أميركا وبريطانيا تشديد القبضة وإعادة التماسك لقرارات الحصار ولتدابيره الظالمة. ولكن نتيجة صمود العراق ودعم دول الجوار ومنها سوريا والأردن وتركيا وكذلك الموقف الروسي الحازم أدى إلى سحب هذا المشروع. ـ وما هو سعي الولايات المتحدة لربط العراق بالإرهاب؟ ـ عندما فشلت الولايات المتحدة في إيجاد أي علاقة أو رابط بين أحداث نيويورك واشنطن ولم يجدوا أي دليل على تورط العراق في هذا الحدث الزلزال عادوا فطرحوا مسألة المفتشين، اللجنة الجديدة بعد اللجنة الخاصة التي أعيد تشكيلها باسم جديد وبمضمون جديد وبصلاحيات تدخلية واستفزازية أكثر من اللجنة السابقة. وذلك من خلال قرار 1284 الذي يعيد كتابة قرارات مجلس الأمن ويضيف شروطاً جديدة وينطوي على وصايا استعمارية دولية على العراق ويمنع الدولة العراقية من التمتع بمواردها الوطنية من خلال بيع النفط العراقي وعائداته وتجميدها في بنك مغلق في حسابات الأمم المتحدة. إذن العراق لم يقبل بهذا القرار باعتباره غير عملي وبشروط جديدة لا يمكن القبول فيها فولد هذا القرار ميتا وخاصة أن ثلاث دول دائمة العضوية هي فرنسا والصين وروسيا لم تصوت لصالح هذا القرار أي أنه مطعون في شرعيته القانونية لأن أي قرار من مجلس الأمن وفقا للمادة 31 من ميثاق الأمم المتحدة ينبغي أن يحصل على موافقة الدول الخمس الدائمة العضوية. وكذلك على اربعة أصوات أخرى تقريبا حتى يصبح تسعة أعضاء لكي يمر القرار من مجلس الأمن. ومع ذلك رفض بقبول «ايمونفيك» وتكليف مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية هانز بليكس رئاستها. ـ هل تعتقد أن مهمة المفتشين الدوليين انتهت؟ ـ أعتقد أن مهمة المفتشين الدوليين انتهت منذ سنوات يعني وفق قرار 687 وهو القرار الأساسي الأم في كل ما صدر من قرارات بلغت حتى الآن 58 قرارا ضد العراق هذا القرار حدد مهمة اللجنة بشقين أولا: نزع السلاح والتفتيش والشق الثاني: ما يسمى بالرصد والتحقق المستقبليين أي الرقابة ما بعد رفع الحصار على المنشآت التي كانت تنتج أسلحة حضرت لاحقا بموجب القرارات المعروفة عام 1991. وكما تعلم نظام الرقابة بدأ عام 1991 حتى 1998 في العدوان الغادر الذي شنه الأميركيون والبريطانيون على العراق ضربت منشآت كانت خاضعة للرقابة منها 12 منشأة فيها 60 كاميرا وعدد من الأجهزة المتحسسة لإنتاج الأسلحة البيولوجية والكيمياوية أي هم دمروا نظام الرقابة الذي صمموه وكان شغالا طوال اليوم وبفاعلية كانت تؤكد بأن العراق لم يستأنف نشاطه التسليحي في تلك الفترة. إذن هم سحبوا المفتشين في 15 ديسمبر من عام 1998 قبل العدوان بيومين، بيتلر وبدون تخويل من الأمم المتحدة سحب المفتشين وقدم تقريرا استخدم كغطاء في شن العدوان وكان مجلس الأمن منعقدا لبحث تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول نفس الموضوع أي أن أميركا وبريطانيا استهترتا بكل هذه الوقاحة وتجاوزتا صلاحيات مجلس الأمن بحفظ الأمن والسلم الدولي وشنتا عدوانهما الغادر على الرغم من أن الشهر الأخير من عام 1998 توقف فيه عمل اللجنة ثم استؤنف بعد وساطات من الأصدقاء. فخلال شهر من منتصف نوفمبر حتى منتصف ديسمبر من العام نفسه قام المفتشون بتفتيش 400 موقع أربعة فقط حدث تأخير في السماح لهم من خلال اختيار المفتشين ليوم عطلة وكان هناك فقط حارس بعد ما طلب الانتظار لحين الاتصال بالمسئول المعني رفعوا تقريراً بأن العراق عرقل مسألة التفتيش. مع ذلك فان أربعة من 400 موقع أي أن 99 بالمئة نسبة التنفيذ لا توجد نتيجة أفضل من هذه بدل أن يشكر العراق ويكافأ تعرض لاكثر من 450 صاروخ كروز وبالمئات من الطلعات الجوية الغادرة. فإذن مهمة المفتشين انتهت منذ السنوات الأولى يعني من عام 1993 وبعد أن قدم العراق كل البيانات المتعلقة ببرامجه التسليحية لم يعثروا على أي شيء محظور سواء سلاح أو مادة خاضعة للقرار 678 لكن نهج الإدارة الأميركية كان دائما هو المماطلة والتسويف لإطالة أمد الحصار لأغراض سياسية معروفة. في البداية كان ثمة تداخل بينما هو قرار دولي ذو بنود والتزامات قانونية وبين ما هو موقف أميركي سياسي بحت. لكن بعد سنوات من التطبيق أصبح واضحا الهدف الأميركي والآن يعلنون بكل صراحة وصلافة من أن هدفهم هو تغيير النظام الوطني في العراق. وأصدر الكونغرس الأميركي قانون تحرير العراق وخصصوا أموالا وفتحوا معسكرات تدريب وغيرها من الإجراءات. فهذا شيء لا علاقة له بقرارات مجلس الأمن. يعني الأميركيون ينتهكون يوميا القرارات التي مرروها من خلال مجلس الأمن بأنفسهم. نحن نقول ان المفتشين لا وظيفة لهم الآن. وقد طالب العراق مرارا أن يثبت الأميركيون بأن لديهم شيئا من أسلحة الدمار الشامل التي يدعون وجودها وإلا يجب حسب قرار 687 أن يبلغ مجلس الأمن بأن العراق خال من أسلحة الدمار الشامل حتى تطبق المادة 22 من هذا القرار ويرفع الحصار. ـ هل تعتقد أن الأميركيين والبريطانيين ستعاملون مع العراق من خلال قرارات مجلس الأمن؟ ـ كلا المشكلة أن أميركا وبريطانيا تتعامل مع العراق سياسيا مع قرارات مجلس الأمن وليس قانونيا كما تفعل فرنسا وروسيا والصين. فالغرض السياسي هو الذي كان يطبع التعامل الأميركي مع موقف العراق وتنفيذ الالتزامات القانونية بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وهذه هي الإشكالية الحقيقية أي مهما حقق ونفذ العراق من التزامات يظل الهدف هو سياسي بالدرجة الأولى. استمرار الحصار هو قرار سياسي أميركي لغايات معروفة وصارت معلنة بوضوح الآن. ولا تخفيها الإدارة الأميركية من خلال تصريحات كبار المسئولين الأميركيين. إذن لماذا يعود المفتشون؟ إذا كان الهدف من العودة من جديد ومن نقطة الصفر لافتعال الأزمات وإطالة أمد الحصار فهذا غير مقبول من جانب العراق لأن بقاء عودة المفتشين يتضمن استفزاز شعبنا ويمسون سيادتنا الوطنية وقراراتنا والحصار باق لأن ما يقال عن قرار 1284 عن قضية تعليق الحصار هو نوع من التضليل والكذبة المراد بها جر العراق لتنفيذ هذا القرار. والكل أجمع على الغموض وغياب آلية تنفيذ هذا القرار. ولنا تساؤلات مشروعة وهي المدة التي يحددها المفتشون في العراق. ـ وماذا فعل العراق إزاء كل ذلك؟ ـ قرر العراق التحرك في تعبئة الشارع العربي وقامت وفود شعبية عراقية من عدة جهات بزيارة العديد من العواصم العربية لوضع هذه التصورات والمستجدات أمام الأشقاء لأن ضرب العراق أو أي بلد عربي هو خط أحمر لا يمكن تجاوزه. ـ ما هو القرار الذي تركزون عليه وتعملون على تفعيله والذي يخدم بالتالي العراق؟ ـ نحن نرفض أي شكل من أشكال التدخل في شئون العراق الداخلية أو التآمر على نظامه الوطني وتفعيل الفقرة 14 من القرار 687 التي تقول بنزع سلاح العراق خطوة على طريق إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل وحظر كيمياوي علني. فإذن هذه النقاط لها أسبقية في التركيز في أي نشاط أو فعالية التي نقوم بها في الفترة الحالية. ـ ما هو موقفكم من الدول التي تساند أو تعارض بعض القرارات الدولية بشأن العراق؟ ـ على الصعيد العربي والعالمي أعطينا الأسبقية لكل من سوريا وروسيا للتعاملات التجارية نتيجة لموقفهما مما تسمى ب«العقوبات الذكية». حجم التعاون التجاري مع سوريا بلغ مليارين دولار بشكل يعزز العلاقات. وهناك اتفاق مع سوريا على تطوير العلاقات في كافة الميادين. باريس ـ شاكر نوري: