أصبحت المعارضة اليمنية المنضوية في إطار أحزاب اللقاء المشترك وحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم ابعد ما يكون عن الجلوس إلى طاولة الحوار خاصة بعد ردود الفعل الغاضبة التي أطلقتها قيادات في الحزب الحاكم على مبادرة الإصلاح السياسي التي طرحتها تلك الأحزاب مؤخرا.
فمنذ أن أطلق المؤتمر الشعبي العام دعوته في منتصف ابريل من العام الحالي ظلت الأوساط السياسة تترقب ما سيسفر عنه الحوار الموعود وزاد من حمى الترقب حالة الحراك التي دبت في الأروقة والكواليس السياسية. ففي الأشهر التالية لدعوة الحزب الحاكم التقى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بقيادات أحزاب المعارضة كل على حدة، في التجمع اليمني للإصلاح، التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري،
والحزب الاشتراكي وكادت تلك اللقاءات أن تشق تكتل أحزاب اللقاء المشترك بسبب ما اعتبرته بعض الفعاليات السياسية محاولات من قبل السلطة للإنفراد ببعض الأحزاب بغية تهميش أخرى.
لكن رغم كل ذلك فقد ظل باب الحوار مفتوحاً على كل الاحتمالات الممكنة خاصة بعد انعقاد المؤتمر الخامس للحزب الاشتراكي الذي جاء بقيادة جديدة برئاسة أمينه العام ياسين سعيد نعمان والذي جاء أكثر حماسا للحوار مع المؤتمر الشعبي لإزالة ما سماه نعمان بالخصومة بين الحزبين .
غير أنه بعد صدور مبادرة الإصلاح السياسي لأحزاب اللقاء المشترك منتصف نوفمبر الماضي بدأ باب الحوار على ما يبدو يغلق شيئا فشيئا. وفقا لما حملته ردود فعل المؤتمر الشعبي من هجوم اخذ يتصاعد تدريجيا...
فعقب طرح أحزاب المشترك للمبادرة ذهب الرئيس اليمني إلى القول إن كل شيء قابل للنقاش والحوار عدا النظام الجمهوري والوحدة مما حمل المراقبين والمحللين على الاعتقاد بأن وثيقة الإصلاح ربما قد تمثل مرجعية للحوار بين السلطة والمعارضة.
بيد أن ذلك الاعتقاد لم يلبث طويلا إذ سرعان ما توالت ردود أفعال القيادات العليا في المؤتمر الشعبي العام حاملة بشدة على مبادرة اللقاء المشترك واعتبرها الأمين العام للمؤتمر د. عبدالكريم الإرياني بعيدة عن الواقع .
وبالمقابل طرحت الصحافة الرسمية وصحافة المؤتمر خطابا إعلاميا ركز على انتقاد مبادرة اللقاء المشترك وتبخيسها واعتبرت أنها تأتي في إطار المكايدات السياسة
ثم جاء خطاب الرئيس اليمني علي عبدالله صالح خلال اجتماعه باللجنة الدائمة في عدن ليلة انطلاق أعمال المؤتمر السابع للمؤتمر الشعبي ليصب في الاتجاه الرافض للمبادرة عندما قال عن الإصلاحات التي تضمنتها انها »غير ملزمة للمؤتمر الشعبي العام كمؤسسة سياسية أو كقيادة سياسية«،
واعتبرها الأمين العام المساعد محمد العيدروس غير قابلة للتنفيذ حينما قال » مبادرة اللقاء المشترك لم تأت بشيء جديد نظرا لعدم فاعلية تلك الأحزاب في الساحة لذلك دائما ما نسمع ونقرا في وسائلهم الإعلامية وفي مؤتمراتهم وفي لقاءاتهم مثل تلك المبادرات غير القابلة للتنفيذ لعدم وضوح رؤيتها وتنافيها مع الدستور والقانون«.
كل تلك المواقف اعتبرها المراقبون مؤشراً واضحاً على أن الحوار بين السلطة والمعارضة غدا ابعد ما يكون عن الجلوس إلى طاولة واحدة بغية الخروج مما يسمونه باحتقان الحياة السياسية وإعادة ترتيب البيت اليمني.
وإذا ما سارت الأمور على هذا النحو فإن الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية المقبلة ستشهد منافسة قوية بين السلطة والمعارضة مالم تكن تلك الانتخابات مدعاة لإعادة النظر في تأزم العلاقات بين الجانبين والتي جاءت على خلفية طرح مشروع المبادرة.
صنعاء ـــ عبدالكريم سلام