قرر مجلس التأديب في مصر الذي يحاكم نائبي رئيس محكمة النقض هشام البسطويسي ومحمود مكي، توجيه اللوم إلى البسطويسي وتبرئة مكي، في وقت شهدت العاصمة المصرية التي تحولت إلى ما يشبه الثكنة العسكرية مواجهات جديدة بين قوات الأمن والناشطين السياسيين الرافضين لمعاقبة القاضيين المتهمين بالخروج على التقاليد القضائية والإضرار بسمعة القضاء المصري،
في حين رفض الطعن المقدم من جانب رئيس حزب الغد أيمن نور، في ظل معلومات سربها نواب عن تأكيدات من جانب رئيس مجلس الشعب أحمد فتحي سرور عن توجه إلى حل أزمة القاضيين.
وفي حيثيات اليوم القاهري العصيب، قرر مجلس التأديب توجيه اللوم إلى البسطويسي وتبرئة مكي، اللذين أحيلا إلى محاكمة تأديبية بتهمة الإساءة إلى عدد من القضاة بسبب إدلائهما بتصريحات صحافية طلبا فيها بالتحقيق في شكاوى تزوير الانتخابات التشريعية التي أجريت الخريف الماضي ومعاقبة القضاة الذين يثبت تورطهم في وقائع تزوير.
فيما رأى مكي أن الحكم باطل والمركز القانوني للبسطويسي مماثل تماما لمركزي القانوني ولا يجوز أن يصدر بحقه حكم مخالف لي، مؤكدا سأستمر في موقفي وسأواصل المطالبة بنزاهة الانتخابات واستقلال القضاء.
وأعلن رئيس نادي القضاة زكريا عبد العزيز رفضه الحكم الذي اعتبره جائرا ومعدوما. وأكد على أن القضاة سيتخذون كافة الإجراءات للطعن بهذا الحكم الجائر ونعتبر أن هذا الحكم معدوم.
ووصف رئيس مجلس التأديب المستشار فتحي خليفة رئيس مجلس القضاء الأعلى بأنه «طاغ مستبد وظالم»، مشيرا إلى انه اصدر حكمه بدون سماع مرافعة المستشار البسطويسي الراقد على فراش المرض.
وأوضح ان هيئة الدفاع عن البسطويسي طلبت التأجيل ليتمكن من إبداء مرافعته الموضوعية لكن رئيس مجلس التأديب تجاهل ذلك وحكم دون الاستماع إلى المرافعة.وقبل ذلك، رفضت محكمة النقض الطعن المقدم من أيمن نور ، وصادقت على حكم السجن خمس سنوات الصادر بحقه.
وقبل ساعات من صدور الحكم كان المشهد خارج دار القضاء العالي وفي العديد من الشوارع والميادين متوتراً ما دفع بسلطات الأمن إلى إغلاق وسط القاهرة، واعتقال نحو 400 شخص، وضرب العشرات. وأغلقت قوات الأمن منافذ محطة مترو الأنفاق المواجهة لدار القضاء إلا منفذا احتشد أمامه رجال أمن مسلحون بعصي ودروع، ووقف على بعض أرصفة الشوارع مئات من رجال الأمن الذين يرتدون زيا مدنيا والذين لاحقوا محتجين في تجمعات سابقة.
وعمت الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين منطقة وسط المدينة في شوارع طلعت حرب وشارع 26 يوليو والجلاء.كما جرت مظاهرات أمام محكمة شمال القاهرة وفي شارعي الجلاء ورمسيس قرب القضاء العالي حيث كانوا يتضامنون مع القضاة، فيما جرت مظاهرة أمام نقابتي المحامين والصحافيين في وسط القاهرة.
ووقف مئات من الجنود في طوابير متتالية في الشوارع الجانبية والممرات المؤدية إلى مبنى المحكمة.. في وقت وقف المئات من الناشطين المصريين، بينهم عشرات من أعضاء مجلس الشعب المنتمين إلى الإخوان في الشوارع القريبة من دار القضاء العالي وقد ارتدى بعضهم أوشحة سوداء كتبت عليها باللون الأبيض عبارة: «نواب الشعب مع القضاء».
واعتقلت أجهزة الأمن المصرية حوالي 400 شخص من بين المتظاهرين الذين احتشدوا للتعبير عن تضامنهم مع القاضيين، وينتمي المتظاهرون إلى مختلف التيارات السياسية، وإن كان التركيز على كوادر جماعة الإخوان المسلمين، حيث قال مصدر في الجماعة المحظورة في مصر إن قوات الأمن اعتقلت 200 من أعضاء الجماعة من بينهم قيادات بارزة مثل عصام العريان ومحمد مرسي وأحمد الجزار.
وقال الناطق باسم «الإخوان» محمد أسامة لوكالة «رويترز» أن قوات الأمن اعتقلت رئيس القسم السياسي للجماعة ومرسي رئيس كتلة الجماعة في مجلس الشعب السابق وحوالي 200 من أعضاء الجماعة لدى اشتراكهم في احتجاجات على المحاكمة.
ولم تحدث اشتباكات عنيفة أمس إلا أن جماعات صغيرة من المحتجين من الإخوان المسلمين وحزب الغد وغيرها من الحركات اليسارية حاولت تنظيم تظاهرات في أنحاء أخرى من المدينة.
ويطالب مكي والبسطويسي ومعهما مئات من القضاة بإشراف قضائي كامل على الانتخابات العامة ضمانا لنزاهتها. كما يطالبون باستقلال كامل للسلطة القضائية عن السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل التي تهيمن على الشؤون المالية والإدارية لقضاة مصر الذين يزيد عددهم على 11 ألفا.
إلى ذلك، قال المنسق العام للحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية» جورج اسحق: «ضربونا في ميدان العباسية ضربا مبرحا. ضربونا أمام دار القضاء العالي ضربا مبرحا. نقف الآن في مظاهرة في شارع طلعت حرب»، مضيفاً أن قوات الأمن قبضت «على أعداد كبيرة. قبضوا على بعض النساء ولا نعرف أين يذهبون بهن».
ونظمت الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) وبعض القوى والحركات المعارضة التظاهرة أمام مجمع المحاكم بمدينة شبين الكوم للتضامن مع القضاة ، وكان الإخوان هم الأكثر تواجدا والأعلى صوتا فى هذه التظاهرة ، حيث احتشد أكثر من 800 متظاهر ضاربين عرض الحائط بقرار وزير الداخلية بحظر التظاهر وحملوا اللافتات وأطلقوا الشعارات المعارضة لنظام الحكم .
وفى تطور لافت رفض رئيس مجلس الشعب د. أحمد فتحي سرور مناقشة أزمة القضاة بناء على طلب عدد من نواب الإخوان والمعارضة مؤكدا على أن أزمة القضاة في طريقها إلى الحل لافتا إلى أن المجلس سيعقد جلسة خاصة لمناقشة أحداث القضاة والمحامين.
وكان عدد من النواب أكدوا على أنه ليس من المعقول أن يسكت المجلس بينما هناك جزء من شعب مصر يعيش تحت وطأة الاعتقال، وقال النائب محمد عبد العليم إن الشارع محتقن والمواطن يتعرض للإهانة فلا يجوز السكوت، لكن سرور أكد في مواجهة ضغط النواب على أن موضوع القضاة على وشك الحل بقوله: «حيحلوها قريب .. فلا تفسدوا أمورا تمشي في الطريق السليم».
ويبذل سرور جهودا للوساطة بين القضاة والحكومة بهدف نزع فتيل الأزمة المثارة في شأن تعديلات قانون السلطة القضائية ومحاكمة المستشارين مكي والبسطويسى واستقلال السلطة القضائية وحرية القضاة في التعبير عن آرائهم.
القاهرة ـ البيان والوكالات