دخل عشرات الآلاف من الفلسطينيين مدينتي رفح والعريش المصريتين بعدما قام مسلحون فلسطينيون بتدمير أجزاء من السياج والجدار الاسمنتي الفاصل بين قطاع غزة ومصر، في وقت أكد الرئيس المصري حسني مبارك على أن بلاده سمحت بدخول الفلسطينيين من اجل التزود بالغذاء.
وتدفق نحو 350 ألفاً من الفلسطينيين لشراء مواد أساسية غذائية وتموينية في المدينتين المصريتين، كادت أن تنفد من غزة بسبب الحصار الذي فرضته السلطات الإسرائيلية على القطاع. وأوضح شهود فلسطينيون أن «الأمن المصري الموجود في الجهة المصرية من الحدود لم يتدخل إزاء اندفاع المواطنين الفلسطينيين».
وقام عدد من الفلسطينيين بشراء خراف وأغنام من مدينة العريش بينما حمل مئات منهم أكياساً مليئة بمواد تموينية وأساسية وغذائية.
وكانت سيارات وعربات تجرها الحمير تدخل فارغة إلى مصر وتعود إلى غزة محملة بشتى مستلزمات الحياة .واشترى مزارع من غزة 20 خروفاً وضعها فوق سيارة نصف نقل عائداً إلى غزة.
وفي الوقت نفسه دخلت شاحنات محملة بالاسمنت ومواد البناء التي نفدت من غزة منذ عدة أشهر بسبب الحصار ما أدى إلى توقف أعمال البناء.ويباع جوال الاسمنت زنة 50 كيلوغراماً بما يعادل 20 دولاراً في مصر في حين ان سعره يصل إلى اكثر من ثلاثة أضعاف في غزة (66 دولاراً) كما ان سعر السجائر في مصر اقل ثماني مرات منه في القطاع.
وقال احمد حلاوة وهو فلسطيني في العشرينات من عمره وجاء من غزة«هذه فرصة بالنسبة لنا.. يكفي حصار ويكفي خنق لنا في قطاع غزة».
وقالت ام حسن الغول التي كانت ترافق ولديها: «قمت بشراء خمس صفائح من الجبنة» لأولادها الثمانية، موضحة انها تقيم في مخيم الشاطئ وانها المعيل الوحيد لأبنائها بعد وفاة زوجها.
من جهته قال محمد ابو طه: «يجب ان تزال الحدود فنحن والمصريون اخوة ويجب ان يستمر ازالة هذه الحدود». واضاف بغضب: «على اسرائيل واميركا الا يتدخلا في شؤوننا».
وجاء جمال وهو ضابط سابق في أجهزة الأمن الفلسطينية مع ابنه وكانا يحملان اربعة اوان بلاستيكية كبيرة فارغة. وقال: «سأشتري وقودا لأننا لم نعد نجده في غزة».واضافة الى المواد الغذائية والوقود والسكائر تهافت اهالي غزة على شراء الأجهزة الكترونية مثل الهواتف المحمولة والتلفزيونات ما أدى إلى نفاد المخزون منها لدى العديد من المحلات التجارية في رفح والعريش .وذكر ابو احمد صاحب محل في سوق رفح المصرية «التجار هنا قاموا برفع الأسعار لأن الاقبال غير عادي وغير مسبوق».
ولاحظ الغزيون الذين سارعوا لشراء احتياجاتهم ان الأسعار تضاعفت منذ ساعات الصباح حتى ساعات الظهر.وقال احد الباعة في سوق رفح المصرية ان«علبة حليب الأطفال التي كانت تباع في الساعات الأولى بأربع جنيهات (اقل من دولار تقريبا) أصبح سعرها بعد الظهر 15 جنيها (تقريبا ثلاثة دولارات)» بينما في قطاع غزة تقدر علبة حليب الأطفال بـ 15 شيكلا.
وذكر شهود عيان ان عائلات من العالقين من الجانب المصري تمكنوا من العودة الى قطاع غزة وبالمثل من هم عالقون في غزة تمكنوا من السفر الى مصر.وأوضح صابر عواد (27 سنة) انه اغتنم فرصة الفتح المؤقت للحدود لكي يزور خالته المقيمة في العريش. وقال: «لقد توفي ابنها منذ بضعة شهر ولم اتمكن من تقديم العزاء لها بسبب اغلاق المعبر».
وذكر شهود عيان ان شوارع قطاع غزة تكاد تخلو من المارة والسيارات اذ ان معظم السكان توجهوا الى رفح بطريقهم الى العريش.
وكان شهود ذكروا ان فلسطينيين مسلحين فجروا خمس قنابل على الأقل على الحدود بين قطاع غزة ومصر ما احدث ثغرات كبيرة فيه .وتم تدمير قرابة ثلث الجدار الحدودي أي 5 كيلومترات من 14 بواسطة المتفجرات والبلدوزرات فجر أمس.
الى ذلك أكد الرئيس المصري أنه طلب من قوات الأمن المصرية السماح لفلسطينيي قطاع غزة بالدخول الى مصر للتزود باحتياجاتهم من الغذاء«طالما انهم لا يحملون اسحلة».وقال مبارك في تصريحات للصحافيين بعد افتتاحه معرض القاهرة الدولي للكتاب أمس« عاد عدد كبير من الفلسطينيين من قطاع غزة لأنهم يعانون من الجوع بسبب الحصار الإسرائيلي وقامت القوات المصرية باصطحابهم لشراء الأغذية ثم عادوا الى داخل قطاع غزة».
واضاف«قلت لهم (قوات الأمن) اتركوهم يدخلون ليأكلوا وليشتروا الأغذية ثم يعودون (الى غزة) طالما انهم لا يحملون اسلحة».وردا على سؤال حول امكانية ايجاد حل دائم وليس حلولا مؤقتة للحصار المفروض على غزة، قال الرئيس المصري«ان أول تمهيد للحل الدائم هو ان يتوقفوا (الفلسطينيون)عن النزاعات فيما بينهم لان استمرار الخلافات بينهم هو عز الطلب لأي عدو وهو يريد ذلك».
وتابع مبارك«ان مصر بذلت كل الجهود لحل الخلافات (بين الفلسطينيين) ولكن اذا تحدثنا مع طرف فلسطيني فإن الطرف الآخر يغضب واذا طلبنا ان يتفاوضوا معا من دون شروط مسبقة يغضب البعض منهم والمشاكل بينهم كثيرة ولا أريد الدخول في التفاصيل».
إغلاق العريش وإخراج الإعلاميين
قالت مصادر أمنية مصرية أمس إن السلطات المصرية أغلقت أمس مدينة العريش بشبه جزيرة سيناء بالكامل، ومنعت الدخول والخروج منها بعد تدفق آلاف الفلسطينيين على الجانب المصري من الحدود مع قطاع غزة إثر تفجير الجدار الحدودي الفاصل بين الجانبين.
وأضافت المصادر أن«هناك قرارا بإخراج كافة وسائل الإعلام والصحافيين من العريش وعدم السماح لأي منهم بدخول المدينة حتى يتم السيطرة على الوضع فيها وإعادة الفلسطينيين إلى قطاع غزة مرة أخرى».