أكد رئيس هيئة الاستثمار السورية الدكتور أحمد عبدالعزيز ضرورة دفع العلاقات الاقتصادية بين سوريا والإمارات إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين الشقيقين، داعيا المستثمرين الإماراتيين لاغتنام الفرصة والاستثمار في سوريا كونها في مرحلة الانفتاح والانطلاق وبلد الفرص.
وقال الدكتور عبدالعزيز إن هناك مجموعة كبيرة وضخمة من المشاريع الاستثمارية الإماراتية في سوريا، مؤكداً إن الإمارات تحتل المرتبة الثانية بعد السعودية في مجال الاستثمارات في بلاده، مشيراً إلى ان مشروع البوابة الثامنة الذي تنفذه شركة اعمار في دمشق سيكون معلماً حضارياً كبيراً ومنارة مضيئة في العاصمة السورية ستدعم العلاقات القوية بين البلدين ليس في المجال الاقتصادي فحسب بل على كافة الصعد وتحديدا مع إمارة دبي .
وتحدث الدكتور عبدالعزيز عن مجموعة من الإجراءات المهمة التي اتخذتها هيئة الاستثمار السورية لتشجيع المستثمرين العرب وخصوصاً الخليجيين للاستثمار في أرض الشام، مؤكداً ارتفاع نسبة الاستثمار في خلال العام الماضي بنسبة 25 في المائة وذلك على رغم من الأزمة المالية العالمية. وفيما يلي نص الحوار مع الدكتور أحمد عبدالعزيز:
ما هي أهم التسهيلات التي تقدمها هيئة الاستثمار السورية للمستثمرين العرب الذين يريدون إقامة مشاريع استثمارية في سوريا؟
تستهدف هيئة الاستثمار السورية توفير المناخ الاستثماري الذي ينشده أصحاب رؤوس الأموال من عرب وأجانب، وانطلاقاً من ذلك قمنا بتسهيل الإجراءات على المستثمر من خلال افتتاح النافذة الواحدة، والمقصود بالنافذة الواحدة أن يأتي المستثمر إلى بوابة واحدة ليقوم بكافة إجراءات الترخيص ويوجد ضمن هذه النافذة ممثلون عن الوزارات المعنية بالاستثمار مفوضين بالتوقيع.
وبذلك لم يعد المستثمر بحاجة إلى الذهاب إلى الوزارات المعنية أي باختصار أتينا بالوزارات إلى النافذة الواحدة، وأحدثنا في هذه النافذة مركزا جمركيا بصلاحيات مدير عام الجمارك وفتحنا مكتباً للهجرة والجوازات معني بأمور الإقامة والدخول والخروج، وقريباً سنحدث مركزاً تحكيمياً دولياً بالتنسيق مع مركز إيران الدولي للتحكيم، وبذلك يستطيع المستثمر ان يحل أي نزاع يحدث في الاستثمار عن طريق التحكيم الذي يريحه أكثر من المحاكم الوطنية.
ذلك على صعيد الاستثمار أما الخطوة الثانية فهي تتعلق بمسألة توصيل المعلومة للمستثمر والترويج في سوريا فالقضية في النهاية يبرزها الترويج، ونحن بلد فرص للاستثمارات الواعدة، وسوريا بلد منفتح على كافة الاستثمارات، وهناك انفراج في الوضع الدولي والإقليمي بقيادة الرئيس بشار الأسد، كما أن علاقاتنا إستراتيجية مع إيران، وفتحنا الحدود مع تركيا، وعلاقاتنا ممتازة مع الأوروبيين، وبدأنا بعلاقات مع فرنسا وهي مفتاح أوروبا، وهناك بداية طيبة في علاقاتنا مع الأميركيين.
أما علاقاتنا مع الدول العربية فقد أصبحت ممتازة بعد المصالحة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وقد زرنا الإمارات وزرنا أيضاً الكويت وقطر ولمسنا رغبة حقيقية للاستثمار في سوريا التي احتلت في تقرير «اونكتاد» الذي صدر مؤخراً عن الأمم المتحدة المرتبة الرابعة في دول غرب آسيا في جذب الاستثمارات. وقمنا بافتتاح فروع للهيئة في المحافظات السورية فالفرع الأول موجود في حماة والثاني في الرقة وفوضنا صلاحيات الهيئة إلى مديري المدن الصناعية.
وبالتالي أصبح هناك في كل مدينة صناعية فرع للهيئة، وصدر المرسوم التشريعي رقم 54 مؤخراً لإعفاء الضرائب على المستثمر لمدة عشر سنوات في المحافظات الشرقية وبالإضافة إلى ثلاث سنوات فترة تأسيسية، فالمستثمر أمامه الآن أرض رخيصة ومثال ذلك في المدينة الصناعية في دير الزور.
حيث سعر متر الأرض تملك للمستثمر 650 ليرة سورية أي يعادل «14 دولارا» في حين سعر متر الأرض في المدينة الصناعية في تركيا 300 دولار، فهناك أرض بسعر رمزي زائد إعفاءات لمدة 13 سنة والمجال مفتوح أمام المستثمر للاستثمار.
وأوجدنا أيضاً في هيئة الاستثمار السورية مديرية المتابعة ومهمتها تولي خدمة ما بعد الاستثمار فأي مشكلة تحصل مع أي مستثمر يأتي إلى الهيئة تكون المتابعة معه إلى ان تنتهي المشكلة نهائياً، وأحدثنا أيضاً مجلة الاستثمار باللغتين العربية والانجليزية لوضع الهيئة ككتاب مفتوح أمام القارئ لكي يعرف ماذا يحصل.
كما أطلقنا الخارطة الاستثمارية السورية وهي عمل رائع وتعطي معلومات هائلة عن سوريا اقتصادياً واستثمارياً وطبيعياً وثقافياً وبشرياً، فسوريا في هذه الخارطة أمام المستثمر بالأرقام ويستطيع ان يحصل على أي معلومة يريدها من خلال هذه الخارطة الاستثمارية.
ما هي مرتبة الإمارات بين الدول العربية المستثمرة في سوريا؟
كقيمة إجمالية في حجم الاستثمارات تحتل الإمارات المرتبة الثانية بعد المملكة العربية السعودية، بينما احتلت العراق في 2009 المركز الأول في الاستثمارات لدينا. وقد زرنا الإمارات ضمن اللجنة العليا السورية الإماراتية التي انعقدت في أبوظبي وكان هناك طرح لإقامة منتدى استثماري إماراتي سوري في ربيع هذا العام.
كما زرنا غرفة تجارة أبوظبي وتحدثنا عن إنشاء شركة سورية إماراتية قابضة بين القطاع الخاص لديهم والقطاع الخاص في بلدنا كي تقوم بتنمية الاستثمارات بين البلدين وكل ذلك لا يزال في إطار المداولات وطرح الأفكار للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية.
كيف تصف الأجواء التي سادت انعقاد اللجنة العليا السورية الإماراتية في أبوظبي والتي انتهت بالتوقيع على سبع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين؟
إن العلاقات السياسية بين الإمارات وسوريا ممتازة ونحن كفريق ضمن هيئة الاستثمار وضمن المجموعة الاقتصادية في الدولة، نحاول أن نرتقي بهذه العلاقة إلى مستوى العلاقة السياسية، فالعلاقة بين صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والرئيس بشار الأسد علاقة في غاية الرقي، لكن الآن جاء عصر النهوض بالاستثمارات للوصول إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين.
مشروع متكامل
ما هي أهم المشاريع الاستثمارية الإماراتية في سوريا؟
من أهم المشاريع الاستثمارية ما تقوم بتنفيذه شركة إعمار العقارية ومجموعة الاستثمار ما وراء البحار وهو مشروع متكامل يستهدف بناء مجمع تجاري وسياحي وسكني وخدمي في يعفور ويتضمن مشروع البوابة الثامنة بالإضافة إلى مشاريع أخرى مثل نوبلز، وأتوقع لمشروع البوابة الثامنة ان يكون معلماً حضارياً كبيراً في سوريا، وهم الآن قطعوا شوطاً كبيراً جداً فيه.
وهناك أيضاً مشروع بين مؤسسة الاتصالات السورية ومؤسسة جي إي تي «الكونية لتكنولوجيا المعلومات» الإماراتية لتقديم خدمات دفع فواتير الخدمات العامة الكترونيا، وهناك مشروع بين الشركة السورية للنفط وشركة أورينت الإماراتية لخدمات حقول النفط لتقديم خدمات القياسات البئرية والتثقيب للقاع المفتوح والمغلف في الآبار مع كامل الأنشطة المتصلة.
وهناك مشروع لمحمد مهران البلوشي لتصنيع فوط الأطفال والمناشف النسائية، ومشروع لجمال حسين محمد حسين الشعالي لبناء السفن واليخوت واصلاحها، ومشروع لمحمد رئيف القوتلي وشركة رويال بيلدر للمقاولات العامة الإماراتية وشركة القدرة العقارية الإماراتية لإنتاج مواد البناء المتطورة من البولي ستيرين على شكل قطع مفرغة مختلفة الأشكال والأبعاد.
ومشروع لمجموعة الحبيشي التجارية وخلف عبدالرحمن الرميثي لانتاج ألواح الجبس والأسقف المستعارة، وأخيراً مشروع لمجموعة الحبيشي التجارية وخلف عبدالرحمن الرميثي وأحمد عبود بن عبدالله وشركاهم لإنتاج الاسمنت الأسود.
هل تلعب الهيئة دوراً في تشجيع السوريين أيضاً على الاستثمار في دولة الإمارات ؟
نحن عادة ومن خلال مذكرات التفاهم التي تعقد بيننا وبين الهيئات الاستثمارية في الدول الشقيقة نروج لهم ويروجوا لنا، وعندما تكون هناك مصلحة متبادلة نقوم بالترويج للاستثمارات الإماراتية في سوريا، وهم يروجون للاستثمارات السورية في الإمارات، أي نساعد بعضنا بعضاً في هذا المجال.
قبل أشهر قليلة عقد مؤتمر الاستثمار الخليجي الأول في سوريا ماذا كانت الحصيلة التي خرجتم بها من المؤتمر؟
لقد قمنا بتوقيع عدة مذكرات تفاهم مع السورية -القطرية القابضة في مجال الكهرباء والصحة والزراعة، وكان الهدف من المؤتمر التعريف والترويج، وسوريا الآن تعيش تطبيق الرؤية الإستراتيجية للرئيس بشار الأسد بشأن رؤية البحار الأربعة، أي ربط البحار الأربعة وربط الموانئ السورية بالموانئ العراقية وفتح الحدود مع تركيا، وسوريا في قلب العالم.
وعندما نربط الخليج العربي بالبحر الأبيض المتوسط ، والبحر الأسود ببحر قزوين، فهذا التكتل البشري العائم على الموارد المعدنية والنفطية الهائلة في المنطقة التي تضم أكثر من 300 مليون نسمة، وثروات العالم كله سيشكل قوة عظمى، لذلك عندما عقد منتدى الاستثمار الخليجي كان الهدف منه تعريف الخليجيين بهذه الرؤية الإستراتيجية الجديدة، وبما يتوافر من فرص في سوريا.
حتى الآن لدينا زيادة في نسبة الاستثمارات في سوريا في عام الأزمة المالية العالمية عام 2009 بنسبة 25 بالمائة من المشاريع عن العام الماضي. فنحن شملنا حتى الآن 243 مشروعاً ونتوقع أن نصل إلى 275 مشروعاً بينما بلغ عدد المشاريع في عام2008 حوالي 216 مشروعاً، ونحن متفائلون جداً والتفاؤل تترجمه الأرقام، ويمكن القول إن مؤتمر الاستثمار الخليجي ساهم في هذه الزيادة نوعاً ما.
ماذا تقول للمستثمرين الإماراتيين لتشجيعهم على الاستثمار في سوريا؟
نحن تربطنا علاقة قوية جداً بجميع الإخوة في الإمارات، وشعبها معروف بطيبته وأخلاقه العالية ومحبته وعروبته، ونحن علينا أن نؤمن المناخ الاستثماري وهذا ما عملنا عليه، ونستطيع الآن أن نستقبل أي مستثمر إماراتي عبر النافذة الواحدة في هيئة الاستثمار السورية.
ونبقى معه إلى ما بعد الاستثمار ونسعى دائما لإزالة أي عقبة تعترضه، وهناك اهتمام كبير للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين خصوصاً بعد زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الإمارات ولقائه مع أخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة والذي تبرع ببناء مستشفى في سوريا.
كما ان الشعب السوري تربطه علاقة محبة عميقة بشعب الإمارات، ونحن في هيئة الاستثمار نشعر بهذا الشعور وندعو المستثمرين من الإمارات لاغتنام الفرصة في سوريا لأنها الآن في مرحلة الانفتاح والانطلاق، وهي بلد الفرص الواعدة ونتمنى أن يكون لمستثمري الإمارات حصة كبيرة من الفرص.
دمشق ـ أحمد كيلاني