«الشعب المصري» يُدخل قرار حل البرلمان دهاليز النقض


وسط غياب بلغ ثلث الأعضاء، عقد مجلس الشعب المصري جلسة لم تستغرق سوى دقائق معدودة لم تتجاوز الــ12، وغاب أعضاء التيار الليبرالي واليساري فضلاً عن النواب العشرة المعينين، في مؤشر واضح على الرفض الواسع لعودة البرلمان بهذا الشكل، والجدل الدائر حول مدى دستورية قرار الرئيس محمد مرسي إعادة المجلس للانعقاد، أحال رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني حكم المحكمة الدستورية حل المجلس إلى «محكمة النقض»، مؤكداً على مبدأ «سيادة القانون» وأن قرار مرسي «لا ينتهك حكم المحكمة الدستورية العليا».

وفيما أرجأت محكمة القضاء الإداري النظر في طعون تُطالب بإلغاء قرار مرسي بعودة البرلمان، أمهل قضاة مصر الرئيس محمد مرسي 36 ساعة لسحب قراره بعودة مجلس الشعب للانعقاد»، مطالبين مرسي تقديم اعتذار صريح للقضاة والشعب عن تحديه للسلطة القضائية.

وأحال رئيس مجلس الشعب المصري سعد الكتاتني أمس، حُكماً قضائياً بحل المجلس إلى محكمة النقض.


وقال الكتاتني في بداية جلسة البرلمان وتلاوة حكم المحكمة الدستورية العليا عدم دستورية قانون مجلس الشعب، إن «ما يناقش آلية تنفيذ هذه الأحكام إعلاء لمبدأ سيادة القانون واحتراماً لمبدأ الفصل بين السلطات»، مشيراً إلى انه «تشاور مع هيئة مكتب لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في كيفية تطبيق منطوق حكم الدستورية العليا والحيثيات المرتبطة به».


وجدّد الكتاتني التأكيد على مبدأ «سيادة القانون» وأنها «محور نظام مصر وأساس شرعيتها وممارستها لسلطاتها»، مشيراً إلى تقيد الدولة في كل مظاهر نشاطها لــ «قواعد القانون» ضابطاً للأعمال والتصرفات، لافتاً إلى أن قرار الرئيس محمد مرسي لا ينتهك حكم المحكمة الدستورية العليا وإنما يتعلق فقط بالقرار التنفيذي الصادر عن المجلس العسكري.


وأكد الكتاتني خلال الجلسة التي لم تستغرق سوى 12 دقيقة دعا أنه «وطبقاً للفقرة الأولى من المادة 40 من الإعلان الدستوري، والتي تقضي بأن تفصل محكمة النقض في صحة عضوية أعضاء مجلسي الشعب والشورى، فقد تقرر إحالة الموضوع إلى محكمة النقض للنظر والإفادة»، مضيفاً أنه «دعا المجلس للانعقاد إعمالاً لقرار الرئيس المصري محمد مرسي».

عراك فريقين
وقعت اشتباكات عنيفة بين أنصار ومعارضي قرار عودة المجلس من جديد بعد أن تجمّع العشرات منهم في الساحة المحيطة بمقر المجلس، في أعقاب جدل ثار بينهم حول مدى قانونية القرار الذي اتخذه محمد مرسي، ومدى احترام القرار لأحكام القضاء من عدمه.


وردد أنصار ومعارضو القرار هتافات عدائية، إذ أكد مؤيدو القرار على «صائبية عودة المجلس»، لما أسموه شرعيته في الأساس والتي تمثّل شرعية أصوات الشارع المصري والناخبين الذين أفرزوا المجلس نفسه، فيما اعتبر معارضو القرار أنه «قرار عودة المجلس للانعقاد ازدرى أحكام القضاء ولم يحترمها».

إرجاء نظر
وعلى خط الأحداث المتلاحقة، أرجأ القضاء الإداري في مصر أمس، النظر بطعون تُطالب بإلغاء قرار الرئيس المصري محمد مرسي بعودة مجلس الشعب للانعقاد.
وقرَّرت الدائرة الأولى في محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، تأجيل النظر بـ 29 طعناً للمطالبة ببطلان قرار الرئيس المصري محمد مرسي وينص على «عودة مجلس الشعب المنتخب للانعقاد وممارسة صلاحياته».


وقالت مصادر قضائية وحقوقية وحزبية متطابقة، إن «الطعون تتركز على مخالفة قرار مرسي نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية، والتي أكدت أن أحكامها مُلزمة لجميع سلطات الدولة».

إمهال رئيس
على الصعيد ذاته وفي سياق التطورات حول أزمة عودة البرلمان، قال رئيس نادي قضاة مصر المستشار أحمد الزند، إن «مجلس إدارة النادي ورؤساء أندية القضاة بالأقاليم وممثلي الهيئات القضائية المختلفة ونقابة المحامين، قرروا إمهال الرئيس المصري محمد مرسي 36 ساعة لسحب قراره بدعوة مجلس الشعب للانعقاد، وتقديم اعتذار واضح وصريح للقضاة والشعب المصري عن تحديه للسلطة القضائية بمخالفة قرار المحكمة الدستورية العليا».


وأكد الزند في تصريحات صحافية أنه «سيتم اتخاذ قرارات أخرى «أشد قسوة» حال لم يستجب مرسي، مضيفاً أن «قضاة مصر لن يطبقوا أي قانون يصدر عن مجلس الشعب المنحل، لأنهم لن يطبقوا قانوناً باطلاً، داعياً الجميع إلى أن يعلوا فوق المصالح الحزبية الضيقة»، لافتاً إلى أنّ «مجرد انعقاد مجلس الشعب بتشكيله الحالي بعد صدور حكم المحكمة الدستورية يعد انعقاداً باطلاً ويمثل عدواناً على الشرعية الدستورية والقانون».


«الأزهر» يتمسّك
أكد شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب أمس، تمسّك المؤسسة العريقة بالمادة الثانية من الدستور كما هي دون تعديل، إذ تنص على أن «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع».


ويأتي التأكيد وسط إصرار التيار السلفي على حذف كلمة «مبادئ» من الدستور الذي يجري العمل على صياغته لتصبح المادة «الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع».


وشدد الطيب في بيان للأمة على أن «المادة بصياغتها الحالية هي عنوان توافق بين جميع القوى السياسية في مصر التي اجتمعت في رحاب الأزهر الشريف حول وثيقة الأزهر»، وأن «عدم المساس بالمادة الثانية من الدستور إضافة أو حذفاً هو "مسؤوليته أمام الله والأمة».


ورداً على تصريحات شيخ الأزهر أكدت قيادات سلفية أنها ستدعو إلى التصويت بـ"لا" على الدستور المقترح خلال استفتاء الشعب عليه.

اتهام
رفعت المحكمة الدستورية العليا بشكل مفاجئ، جلسة النظر في الدعاوى المقامة للمطالبة بإبطال قرار عودة البرلمان، بعد قيام أحد المحامين وهو نائب في مجلس الشعب، باتهام المحكمة الدستورية بتزوير حكم حل مجلس الشعب.


وطالب عضو البرلمان عن حزب الحرية والعدالة ناصر الحافي، بالتدخل أثناء الجلسة مترافعاً لصالح قرار الرئيس محمد مرسي عودة البرلمان، مناشداً منحه الفرصة لإحضار صورة رسمية من البلاغ الذي تقدم به ضد المحكمة للنائب العام، الذي اتهمها بتزوير الحكم ونشره في الجريدة الرسمية قبل إعلانه.