صدر بيان مشترك، أمس، عن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، أعلنت فيه سحب سفرائها من قطر بعد جهود كبيرة بذلت للتواصل مع الدوحة على كافة المستويات، بهدف الاتفاق على مسار نهج يكفل السير ضمن إطار سياسة موحدة لدول المجلس، معربة عن أملها في اتخاذ القطريين خطوات فورية لحماية مسيرة المجلس من التصدع.

وأفاد البيان المشترك، أمس، والذي صدر بعد يوم من اختتام اجتماع المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي في الرياض، والذي دام بشكل غير مسبوق حوالي تسع ساعات: «تود كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين أن توضح أنه بناء على ما تمليه مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة من ضرورة التكاتف والتعاون وعدم الفرقة امتثالاً لقوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وقوله سبحانه (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)، والتزاماً منها بالمبادئ التي قام عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية..

والذي نص على إدراك الدول الأعضاء بالمصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها وما يهدف إليه المجلس من تحقيق التنسيق والتعاون والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها وتعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات، ومن منطلق الرغبة الصادقة لدى قادتها بضرورة بذل كافة الجهود لتوثيق عُرى الروابط بين دول المجلس..

ووفقاً لما تتطلع إليه شعوبها من ضرورة المحافظة على ما تحقق ولله الحمد من إنجازات ومكتسبات وفي مقدمتها المحافظة على أمن واستقرار دول المجلس، والذي نصت الاتفاقية الأمنية الموقعة بين دول المجلس على أنه مسؤولية جماعية يقع عبؤها على هذه الدول، فقد بذلت دولهم جهوداً كبيرة للتواصل مع دولة قطر على كافة المستويات بهدف الاتفاق على مسار نهج يكفل السير ضمن إطار سياسة موحدة لدول المجلس».

وأضاف البيان أن تلك السياسة «تقوم على الأسس الواردة في النظام الأساسي لمجلس التعاون وفي الاتفاقيات الموقعة بينها بما في ذلك الاتفاقية الأمنية، والالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي وعدم دعم الإعلام المعادي».

وأردف: «ومع أن تلك الجهود أسفرت عن موافقة دولة قطر على ذلك من خلال توقيع صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر على الاتفاق المبرم على إثر الاجتماع الذي عقد في الرياض في 23 نوفمبر بحضور صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت..

والذي وقعه وأيده جميع قادة دول المجلس فإن الدول الثلاث كانت تأمل في أن يتم وضع الاتفاق المنوه عنه موضع التنفيذ من قبل دولة قطر حال التوقيع عليه». وأوضح: «إلا أنه وفي ضوء مرور أكثر من ثلاثة أشهر على توقيع ذلك الاتفاق دون اتخاذ دولة قطر الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ..

وبناءً على نهج الصراحة والشفافية التامة التي دأب قادة الدول الثلاث على الأخذ بها في جميع القضايا المتعلقة بالمصالح الوطنية العليا لدولهم، واستشعاراً منهم لجسامة ما تمر به المنطقة من تحديات كبيرة ومتغيرات تتعلق بقضايا مصيرية لها مساس مباشر بأمن واستقرار دول المجلس، فإن المسؤولية الملقاة على عاتقهم أوجبت تكليفهم لأصحاب السمو والمعالي وزراء خارجية دولهم لإيضاح خطورة الأمر لدولة قطر وأهمية الوقوف صفاً واحداً تجاه كل ما يهدف إلى زعزعة الثوابت والمساس بأمن دولهم واستقرارها، في الاجتماع الذي عقد في دولة الكويت في 17 فبراير بحضور صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت..

وصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، ووزراء خارجية دول المجلس، والذي تم خلاله الاتفاق على أن يقوم وزراء خارجية دول المجلس بوضع آلية لمراقبة تنفيذ اتفاق الرياض». واستطرد البيان: «تلا ذلك اجتماع وزراء خارجية دول المجلس في الرياض في 4 مارس تم خلاله بذل محاولات كبيرة لإقناع دولة قطر بأهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع اتفاق الرياض موضع التنفيذ والموافقة على آلية لمراقبة التنفيذ..

إلا أن كافة تلك الجهود لم يسفر عنها مع شديد الأسف موافقة دولة قطر على الالتزام بتلك الإجراءات، مما اضطرت معه الدول الثلاث للبدء في اتخاذ ما تراه مناسباً لحماية أمنها واستقرارها بسحب سفرائها من دولة قطر اعتبارا من 5 مارس».

واختتم بالتأكيد أن «الدول الثلاث لتؤكد حرصها على مصالح كافة شعوب دول المجلس بما في ذلك الشعب القطري الشقيق الذي تعده جزءاً لا يتجزأ من بقية دول شعوب دول المجلس وتأمل في أن تسارع دولة قطر إلى اتخاذ الخطوات الفورية للاستجابة لما سبق الاتفاق عليه ولحماية مسيرة دول المجلس من أي تصدع، والذي تعقد عليه شعوبها آمالاً كبيرة.. هذا والله من وراء القصد».

الرد القطري

ولاحقاً، ذكر مجلس الوزراء القطري في بيان أنه «يعبر عن أسف دولة قطر واستغرابها للبيان الذي صدر من قبل الدول الشقيقة المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، بسحب سفرائها من الدوحة».

وأضاف البيان ان «الخطوة التي أقدم عليها الأشقاء في المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة والبحرين تتعلق باختلاف في المواقف حول قضايا خارج دول مجلس التعاون»، على حد تعبيره.

وتابع: «دولة قطر كانت وستظل دائماً ملتزمة بقيم الأخوة التي تعني الأشقاء في المجلس، ومن ثم فإنها تحرص كل الحرص على روابط الأخوة بين الشعب القطري والشعوب الخليجية الشقيقة كافة»، معلناً رفض الدوحة سحب سفرائها من الدول الثلاث.

وأعلن بيان مجلس الوزراء القطري «التزام دولة قطر الدائم والمستمر بكافة المبادئ التي قام عليها مجلس التعاون الخليجي وكذلك تنفيذ كافة التزاماتها وفقاً لما يتم الاتفاق عليه بين دول المجلس بشأن الحفاظ وحماية أمن كافة دول المجلس واستقرارها»، على حد وصفه.

توقعات

قال مصدر مقرب من الحكومة السعودية إن الضغط سيستمر على قطر لحين اتخاذ خطوات ملموسة لتغيير سياساتها. وأردف: «يتعين عليهم أن يغيروا موقفهم في كثير من القضايا ونحن بانتظار مؤشرات حقيقية على ذلك.. وليس مجرد كلام». كما أفاد مصدر دبلوماسي خليجي: «نتوقع أن تستجيب قطر لما حدث وتعدل عن السياسات والأفكار التي عزلتها كبلد. وعلى مستوى الشعوب تجمعنا علاقات أخوة وثيقة بعضنا ببعض ولا نريد للأمور أن تتصاعد». رويترز

وزير بحريني: الخطوة جاءت بعد تراكمات

 أوضح وزير الدولة البحريني للشؤون الخارجية غانم فضل البوعينين لـ«البيان» أمس أن قرار المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين سحب سفرائها من دولة قطر «لم يكن وليد اللحظة بل جاء بعد تراكمات»، مضيفاً أنه أتى كذلك «نظراً لعدم إيفاء الدوحة بالتزاماتها التي ألزمت بها نفسها في الاتفاق المبرم في العاصمة السعودية الرياض ..

والذي لم يتحقق منه أي تقدم منذ ذلك الحين». وأشار وزير الدولة البحريني للشؤون الخارجية في تصريح خاص لـ«البيان» أمس إلى أن «هناك عدداً من الأمور التي استدعت اتخاذ هذا القرار الجماعي أبرزها عدم التزام قطر بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس، وعدم دعمها لكل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس..

بالإضافة إلى بعض وسائل الإعلام التي تصدر من قطر والتي كانت تتناول بعض القضايا السياسية الداخلية لبعض دول مجلس التعاون». وعن تداعيات هذا القرار على دول مجلس التعاون، قال البوعينين إنه «بلا شك سيؤثر على العلاقات بين دول المجلس..

إلا أننا نعول على حكمة القادة في إيجاد الحلول المناسبة»، متمنياً من قطر أن «تراجع نفسها فيما يتعلق بالنقاط التي ذكرها البيان الرسمي الذي صدر عن الدول الثلاث انطلاقاً من المصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين دول مجلس التعاون وشعوبها التي تتوق إلى الاتحاد الخليجي الذي دعا إليه العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود». وفي رده على سؤال فيما إذا كان أحد الأسباب لقرار سحب السفراء، هو موقف الدوحة من الأحداث الأمنية التي تجري في البحرين، نفى وزير الدولة للشؤون الخارجية أن يكون لما يحدث أي تأثير.

تأييد وإجراءات

إلى ذلك، أيدت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني في مجلس النواب البحريني النائب سوسن تقوي القرار البحريني السعودي الإماراتي. وقالت تقوي في تصريحات إن هذه الخطوة «جاءت من بعد محاولات دبلوماسية مضنية أجرتها عواصم الدول الثلاث من أجل عدول الدوحة عن بعض الأمور التي لا تخدم مسيرة العمل الخليجي المشترك»..

مؤكدة «الثقة في أن هذا القرار لم يكن ليتخذ لولا عدم مرونة الجانب القطري في القيام بالإجراءات اللازمة لتنفيذ القرارات والتفاهمات الخليجية المتفق على تنفيذها ولم تدخل حيز التنفيذ من الجانب القطري وهو ما يشكل تهديدا لأمن وسلامة دول الخليج الثلاث».

وذكرت تقوي أن الدوحة «لم تقدم على خطوات جادة للأخذ بالتحفظات الخليجية تجاه دعمها بعض الشخصيات والجماعات والمواقف والأفكار التي لا تنسجم مع الموقف الخليجي وبما يخدم أمن واستقرار دول الخليج عموما والدول الثلاث تحديدا»، مضيفة أنها لم تقم أيضاً بـ«اتخاذ الإجراءات المطلوبة والمتفق عليها والكفيلة بعدم شرخ البيت الخليجي الذي نريد له أن يكون دائما وأبدا محصنا من أي شروخ أو تشققات».

وتوقعت تقوي أن «يطرح هذا الموضوع المحوري والمرتبط بالعمق الاستراتيجي لوحدة دول مجلس التعاون على طاولة الجلسة المقبلة لمجلس النواب»، مشيرة إلى أنها «ستقف داعمة ومناصرة للقرار البحريني الحكيم والذي أتخذ في ضوء معطيات موضوعية تتخذ من الحفاظ على أمن واستقرار الكيان الخليجي أولوية كبرى».

 اتصالات

أعربت النائب سوسن تقوي عن تطلعها إلى «تنشيط الاتصالات الدبلوماسية فيما بين أصحاب القرار الخليجي خلال الأيام المقبلة من أجل حض السلطات القطرية على اتخاذ خطوات فورية لما تم الاتفاق عليه ولحماية مسيرة مجلس التعاون وبحيث يعتبر ما جرى مجرد سحابة صيف عابرة لا تؤثر على جوهر العلاقات الأخوية التاريخية التي تربط القادة والشعب الخليجي المتحد». البيان

مصادر كويتية: حراك وشيك لتقريب وجهات النظر

 أعرب رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، أمس، عن تطلعه لأن يواصل أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح جهوده في رأب أي صدع بين دول مجلس التعاون الخليجي، وعن أمله في ألا يؤثر ما حصل على القمة العربية المزمع تنظيمها في بلاده 25 و26 الجاري، في حين أكدت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى ان القيادة الكويتية ستقوم بجولات مكوكية بين عواصم المنظومة الخليجية خلال الأيام المقبلة لتقريب وجهات النظر.

وأعرب الغانم في تصريح للصحافيين، أمس، عن أمله في ان «يتمكن الأمير كعادته في تقريب وجهات النظر، وأن يوفق في احتواء هذا الموضوع في اقرب فرصة ممكنة»، مضيفاً أن مجلس الأمة الكويتي «يتابع بقلق بالغ وانزعاج تداعيات هذا القرار الذي جاء لتباين وجهات النظر حيال ما تواجهه مسيرة مجلس التعاون الخليجي من تطورات».

وأضاف: «لم نكن نتمنى ان نسمع كخليجيين هذا الأمر، وأتمنى ألا يؤثر هذا القرار على القمة العربية التي ستعقد في الكويت في 25 و26 مارس الجاري». كما أعرب عن أمله في أن تكون القمة العربية المقبلة «فرصة لتقريب وجهات النظر ورأب الصدع وأن تكلل جهود أمير البلاد بالنجاح بهذا الخصوص». واستطرد الغانم أن مجلس الأمة الكويتي «يتمنى ان يكون هذا الموضوع عابرا..

ويتطلع الى أن يواصل أمير البلاد كعادته وبحكمته المعهودة وببعد نظره وما يتمتع به من احترام ومكانة لدى كافة قادة دول مجلس التعاون الخليجي، جهوده المعهودة في تقريب وجهات النظر بين الأشقاء ورأب أي صدع الذي نتمنى ان يكون وقتيا أو عابرا».

جولات مكوكية

وبالتوازي، أكدت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى ان القيادة الكويتية ستقوم بجولات مكوكية بين عواصم المنظومة الخليجية خلال الأيام المقبلة لتقريب وجهات النظر، لافتة إلى ان «القيادة السياسية في الكويت ستستغل أجواء ما قبل وأثناء انعقاد القمة العربية على أرضها أواخر الشهر الجاري لإجراء المصالحة».

وحمّلت المصادر الدوحة السبب «إزاء الانشقاق الخليجي»، قائلة إن «هناك مواقف غير مفهومة في السياسة الخارجية لقطر والتي يجب ان تكون متوافقة بحكم المصالح المشتركة، لاسيما موقفها من مصر»، كاشفة أن «شعار القمة العربية المقبلة سيكون التوافق والتصالح بين جميع الأطراف».

تقييم ودور

 أكد أستاذ العلوم السياسية الكويتي د. خالد العنزي ان «سحب أبوظبي والرياض والمنامة سفراءها من الدوحة هو نتيجة طبيعية بسبب الدور السلبي للقيادة القطرية في المنطقة وخاصة من الموقف في مصر»، لافتا إلى ان «قطر ستعمل على النظر في علاقتها مع تنظيم الإخوان الذي يسعى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة». وأضاف ان الدوحة «ستعيد دراسة علاقاتها من الإخوان وتقييم الخسائر والأرباح من هذه العلاقة التي لم تأت إلا بالويلات».

كما أوضح أستاذ العلوم الاجتماعية د. محمد العجمي ان سحب السفراء من الدوحة «غير مسبوق في علاقات الدول العربية بينها وبين بعض»، مشيرا إلى أن هذا القرار «جاء بعد تدخل قطر في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي». وأردف: «في المرحلة المقبلة ستلعب الكويت دورا محوريا في إصلاح العلاقات الخليجية خاصة وأن القمة المقبلة ستعقد على أرضها».

مصر: الخطوة الخليجية رفضٌ لسياسات قطر

«العربية» تتمنى عودة المياه إلى مجاريها