يسود جو من الترقب العاصمة المصرية القاهرة مع تصاعد الحديث عن احتمال توجيه ضربة عسكرية للتنظيمات المتطرفة في ليبيا، لحماية الأمن القومي المصري المهدد جراء اشتعال الصراع بين الفصائل المسلحة، بخلاف التهديدات الأخرى التي تواجه المصريين العاملين في ليبيا، والذين يقدر عددهم بنحو المليون ونصف المليون، حيث يتعرضون للقتل والظلم والاهانة من جانب الفصائل المتناحرة هناك. وفيما تتعالى أصوات البعض في مصر مطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة بتوجيه ضربة عسكرية سريعة لطرابلس، يحبذ فريق من الخبراء والسياسيين البحث عن سبل مختلفة لمساعدة ليبيا في السيطرة على الوضع بها دون تدخل عسكري، خاصة وأن القاهرة تعاني مشكلات داخلية عديدة عليها الالتفات إليها أولا كي تستعيد عافيتها، على حد تعبير هذا الفريق.
علاقات متينة
وفي رأي خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية د. سعيد اللاوندي فإن «العلاقات المصرية - الليبية قوية ومتينة، لاسيما وأن مصر تمتلك أكبر حدود دولية لها مع دولة ليبيا». وتابع أن «ما يحدث في طرابلس يعد خطرًا كبيرًا على المنطقة، وليس مصر فقط» لافتًا إلى ضرورة الانتباه لتكوين الدولة الداعشية في ليبيا على غرار الدولة الإسلامية الداعشية التي تكونت في العراق والشام.
شكل المواجهة
وفيما يرى اللاوندي في تصريحات لـ«البيان»، أنه «لا مجال سوى المواجهة لتجنب تداعيات الخطر القادم ليبيا»، إلا أنه أشار أن طريقة المواجهة هي الأهم. معتقدًا أن مصر ستتدخل للسيطرة على الأزمة الليبية بسبل مختلفة.
وفي هذا الصدد، لا يحبذ اللاوندي التدخل العسكري، لأن مصر تعاني من مشكلات داخلية عليها الالتفات لها أولاً، متوقعًا أن تقوم القاهرة بدور كبير في حل الأزمة الليبية، عن طريق التشاور مع دور الجوار الأخرى وكذلك دول العالم. بدوره، أشار عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن في تصريحات لـ«البيان»، إلى أهمية الدور المصري في المنطقة، موضحًا أنه من حق مصر الدفاع عن نفسها، لكنه استبعد أيضا تدخلها في أزمة طاحنة في ليبيا، لاسيما أن الحرب هناك بلا هوادة أو رحمة. ورأى أن الأهم الآن أمام الخارجية المصرية ومصر بشكل كامل هو حماية حدودها بشكل سليم ومحاولة حجب أي خطر يمكن أن يتسرب من الحدود الليبية، كذلك محاولة تخليص المصريين العالقين على الحدود، وهي المهمة الأهم، لافتًا أن مصر لن تتخلى عن دورها بالمنطقة أو مساعدة الدولة الليبية الشقيقة.
الحل لا بد من أن يكون عسكرياً
ويختلف الأمين العام لحزب المحافظين شريف حمودة، مع الآراء السابقة، مؤكدًا أن الأمن القومي المصري لا يقتصر على تأمين الحدود والحفاظ على الأمن الداخلي فقط، بل يمتد أيضا ليشمل دول الجوار والعمق الأفريقي والعربي. وشدد حمودة - في بيان للحزب حصلت البيان على نسخة منه - على أن «الإرهاب المتزايد والانتشار السريع للجماعات الإرهابية في ليبيا، ينذر ببداية حرب أهلية داخل ليبيا، وهو الأمر الذي سيعد خطرًا حقيقيًا على مصر»، وأضاف «أن الحل لا بد وأن يكون عسكرياً بتدخل محدود وسريع ومخطط له من الجانب المصري، لضمان تراجع تلك الجماعات بما يضمن تحقيق عامل الأمن القومي المصري والعربي».
تطور سلبي
اتفق رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور عمرو موسى، مع الرأي القائل بأن «الوضع في ليبيا أصبح مصدر قلق كبير لمصر ودول الجوار الليبي وللعالم العربي على اتساعه». مضيفا أن «إعلان الدويلات الطائفية داخل ليبيا بمثابة تطور سلبي وخطير، ويشكل تهديدًا للسلم والأمن والاستقرار في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط وجوارها».
ودعا موسى في بيان له إلى نقاش مصري واسع لتوعية الرأي العام بالمخاطر القائمة، ولبناء التأييد اللازم في حالة اضطرار مصر لاستخدام حق الدفاع عن النفس، كما دعا الشعب الليبي وعقلاءه إلى وقف استهداف المصريين وحمايتهم وتسهيل عودتهم.