أكدت مصادر متطابقة أن مصر رفضت بحث موضوع نزع سلاح المقاومة في المفاوضات التي تستضيفها لتثبيت التهدئة والتوصّل لاتفاق دائم لوقف النار، كما رفضت مصر نقل هذا الطلب إلى الوفد الفلسطيني جملة وتفصيلاً. وتحدث مصدر على صلة بالمفاوضات عن حصول اختراق في المفاوضات وتقدم بطيء لكنه نوعي، وأشار إلى «أن العقبة الأكبر في المفاوضات هي بند جثتي الجنديين الإسرائيليين لدى المقاومة وأن الوفد الفلسطيني طلب تأجيل بحث الأمر».
استأنف المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون أمس في القاهرة مفاوضات غير مباشرة صعبة ومنهكة بوساطة مصرية في اليوم الثاني من تهدئة لمدة 72 ساعة في قطاع غزة، كما علم لدى الوفد الفلسطيني. وغادر الوفدان إلى مقر المخابرات المصرية التي تتولى الوساطة. وتراوحت تقييمات مشاركين من الوفدين في المفاوضات بين حديث كونها صعبة ومنهكة، وأحاديث أخرى فيها نوع من التفاؤل كالقول إن المفاوضين قطعوا نصف الطريق، فيما ارتكبت إسرائيل أول خرق للتهدئة من خلال قصف جوي وبحري، وإن لم يوقع إصابات.
مفاوضات منهكة
وقال عضو في الوفد الفلسطيني في القاهرة قبل التوجه إلى مقر المخابرات المصرية «المفاوضات صعبة ومنهكة». وبحسب الوفد الفلسطيني فإن الإسرائيليين طلبوا اعتباراً من الاثنين تمديد العمل بالتهدئة المعلنة لثلاثة أيام والتي تنتهي منتصف ليل الأربعاء، لكن الفلسطينيين والمصريين يريدون التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء مهلة الهدنة الحالية.
وبحسب أعضاء الوفد الفلسطيني فإن إسرائيل اقترحت تخفيف القيود على نقطتي عبور بين غزة والمناطق المحتلة عام 48، احدهما للأشخاص والآخر للبضائع.
وبحسب مفاوضين فلسطينيين فإن الأطراف الثلاثة وافقوا على فكرة أن تتم مراقبة معبر رفح بين غزة ومصر بحسب طرق يحدّدها المصريون والفلسطينيون.
التهدئة الأخيرة
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق إن الوفد الفلسطيني يخوض مفاوضات صعبة. وأكد في تصريح على صفحته بموقع «فيس بوك» أن التهدئة الحالية التي وافقت عليها الفصائل هي الأخيرة. ونقلت «رويترز» عن أبو مرزوق: «نحن أمام مفاوضات صعبة ومعمقة في كل القضايا». وأضاف «المطلوب أن يحقق الوفد الفلسطيني الموحد ما يأمله شعبنا الفلسطيني»، مبيناً أن التهدئة الأولى مرت دون إنجاز يذكر وهذه هي التهدئة الثانية والأخيرة والجدية الآن واضحة».
نصف الطريق
من جانبه قال الناطق باسم الجهاد الإسلامي يوسف الحساينة: «قطعنا أكثر من نصف الطريق في المفاوضات وهناك توقعات إيجابية حتى الآن في إنجاز اتفاق مشرف يليق بحجم تضحيات شعبنا وأولها وقف العدوان ورفع كلي للحصار». وبعد أن أكد أن الوفد الفلسطيني: «يخوض معركة ونقاش جدي ومعمق»، أضاف الحساينة «ربما خلال 24 ساعة تكون الأمور أكثر وضوحاً في ما يتعلق بجميع الأمور المطروحة والتوصل لاتفاق مشرف». وقال مسؤول فلسطيني لـ «رويترز» طالباً عدم نشر اسمه: «حتى الآن لا نستطيع القول إن انفراجا تحقق.. أمامنا 24 ساعة وسنرى إن كنا سنحصل على اتفاق». وأضاف أن الوفد الفلسطيني وافق على أن تتولى حكومة الوفاق المؤلفة من خبراء ملف إعادة الإعمار في غزة.
لا تقدم
بالمقابل قال مسؤول إسرائيلي لوكالة «فرانس برس» إن مفاوضات القاهرة لم تحرز «أي تقدم» حتى الآن. وقال إن «الخلافات لا تزال عميقة جداً. ولم يحصل تقدم في المفاوضات». ونقلت الصحافة الإسرائيلية عن مسؤول كبير ان الجانب الإسرائيلي وافق على تخفيف الحصار بشكل كبير ومنح نحو 5 آلاف تصريح شهرياً للغزيين للتوجه إلى الضفة أو إسرائيل، وزيادة كبيرة في حركة البضائع عبر معبر كرم أبو سالم بالإضافة إلى قبول دخول أموال بظروف صارمة لدفع رواتب الموظفين وتوسيع نطاق الصيد، وأن إسرائيل موافقة على إطلاق سراح عشرات الأسرى مقابل استعادة «جثتي» جنديين قتلا ووقعتا بأيدي المقاومة. ولكن في المقابل، فإن إسرائيل لا ترغب في الحديث عن بناء ميناء أو مطار.
الاحتلال خرق الهدنة
ميدانياً، وفي أول خرق للهدنة الأخيرة، أطلقت بحرية الاحتلال أمس نيران رشاشاتها الثقيلة تجاه شاطئ بحر غزة. وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن زورقاً بحرياً إسرائيلياً أطلق النار تجاه قوارب الصيادين قبالة بحر مدينة غزة وقبالة شاطئ مدينة رفح، دون وقوع إصابات في صفوف الصيادين.
وأشارت إلى أن طائرة استطلاع أطلقت صاروخاً تجاه مقر النادي البحري غرب مدينة غزة، من دون وقوع إصابات. وأوضحت أن جنود الاحتلال أطلقوا النار على مراكب الصيادين قبالة شاطئي رفح وخان يونس.
ترحيب فلسطيني ورفض إسرائيلي للجنة التحقيق الدولية
رحبت حركة حماس بلجنة التحقيق المستقلة التي قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تشكيلها للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، إلا أن إسرائيل رفضت هذه الخطوة وحكمت مسبقاً على اللجنة التي يرأسها وليام شاباس وهو بروفيسور كندي في القانون الدولي، بالانحياز للفلسطينيين.
وقال الناطق باسم حماس سامي أبو زهري «حركة حماس ترحب بقرار تشكيل لجنة تحقيق دولية في جرائم الحرب على غزة وتدعو إلى الإسراع في بدء عمل اللجنة».
تنديد إسرائيلي
لكن وزارة الخارجية الإسرائيلية نقلت عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قوله في وقت سابق إن مجلس حقوق الإنسان «محكمة تفتقر إلى المعايير الدولية». وقال الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية ايغال بالمور في بيان «بالقرار الذي صدر بالفعل يوم 23 يوليو لتشكيل اللجنة، أعلن رئيس الوزراء ووزير الخارجية أن مجلس حقوق الإنسان قد تحول منذ زمن بعيد إلى (مجلس حقوق الإرهابيين ومحكمة تفتقر إلى المعايير الدولية)». وأضاف «الاستنتاجات المعادية لإسرائيل في تقرير لجنة التحقيق هذه مكتوبة مسبقاً، ولا ينقصها سوى التواقيع»، في اشارة إلى رئيس اللجنة الكندي وليام شاباس. وأضاف «ما يهم هذه اللجنة ليس حقوق الإنسان ولكن حقوق الجماعات الإرهابية مثل حماس»، على حد تعبيره.
قرار مجلس الأمن
وتشكلت لجنة التحقيق بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي في 23 يوليو للتحقيق في انتهاكات محتملة للقانون الدولي الإنساني في العمليات العسكرية التي بدأت في 13 يونيو الماضي، ولتحديد المسؤولين عنها من أجل ملاحقتهم. وسيترأس اللجنة وليام شاباس وهو أستاذ قانون دولي في لندن، ويعد مناهضاً لإسرائيل حيث أعرب عن رغبته في رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمام المحكمة الجنائية الدولية.
اعتراض أميركي
وفتـح تحقيـق الأمـم المتحـدة يأتـي علـى إثر مشروع قرار بهذا المعنى تقدمت به فلسطين وتبنّته الأربعاء الماضي 29 دولة مقابل اعتراض دولة واحدة هي الولايات المتحدة وامتناع 17 عن التصويت، وذلك أثناء جلسة استثنائية للمجلس بناء على طلب الدول العربية، أيدته روسيا، للمطالبة باحترام القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن المفترض أن ترفع لجنة التحقيق تقريراً مكتوباً في مارس 2015. كما أن مجلس الأمن سيتطرق أيضاً إلى المسألة في جلسته المقبلة في سبتمبر.
واشنطن وباريس
أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، اتصالين هاتفيين مع نظيريه الأميركي جون كيري والفرنسي لوران فابيوس. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية د. بدر عبد العاطي، أمس إن «الاتصالين تناولا آخر المستجدات في الأراضي الفلسطينية المحتلة والاتصالات المكثفة والجهود المتواصلة التي تقوم بها مصر لتثبيت التهدئة بما يحقن دماء الشعب الفلسطيني». وأطلع شكري نظيريه الأميركي والفرنسي على مسار المفاوضات غير المباشرة الجارية حاليًا في القاهرة.