فيما يُعد ردًا حاسمًا على مطالب البعض للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تأسيس حزب سياسي، قطع السيسي الطريق على تلك النداءات بتصريحه خلال زيارته للحزب الشيوعي الصيني، إذ أكّد رفضه فكرة تأسيس حزب سياسي باعتبار أنّ من شأن ذلك شق وحدة المصريين، الأمر الذي قوبل بترحيب واسع من بعض السياسيين والحزبيين، الذين وصفوه بأنه يعكس حنكة السيسي وحرصه على الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، دون انحياز إلى طرف عن الآخر.

ولم يكن حديث السيسي في بكين حول فكرة إنشاء حزب للرئيس هي الأولى من نوعها، وإنما كان الرئيس قد ألمح من قبل في أكثر من مناسبة أنّه غير محسوب على أحد، ولا أحد محسوب عليه، وهو ما فسره خبراء آنذاك بأنّه يعتبر رد على تكهّنات البعض وحديثهم عن عودة رجال الحزب الوطني المنحل إلى المشهد السياسي من جديد، لاسيّما أنّ بعض أعضاء الحزب المنحل كانوا يحاولون تصدّر المشهد من خلال الحديث باسم الرئيس، وسط تخوّفات من التفافهم حوله.

رؤية صائبة

وعلى الرغم من ترحيب أستاذ العلوم السياسية د. أحمد دراج بفكرة تكوين حزب سياسي للرئيس بهدف مساندته في وضع رؤية شاملة لنظام حكمه خلال فترته الرئاسية، إلّا أنّه في الوقت ذاته يرى في تصريحات لـ «البيان»، أنّ «الحياة السياسية في مصر خلال الفترة الحالية غير مؤهّلة لتلك الخطوة.

إذ إنّ تجربة الحزب الوطني المنحل مازالت راسخة في أذهان الكثيرين والتي تتمثّل في قيام الحياة السياسية على الحزب الواحد، ومن ثمَّ فإن رفض الرئيس للفكرة يُعد رؤية صائبة للواقع السياسي، لإدراكه أنّها لن تحقّق الهدف المرجو منها في الوقت الحالي وفي تلك الظروف».

انقسام وتخبّط

ويرى مراقبون أنّ «الرئيس يدرك تمامًا حالة الانقسام والتخبّط التي تعاني منها الحياة الحزبية في مصر، ومن ثمَّ فإنّ قبوله فكرة إنشاء حزب سياسي سيفتح الباب أمام كثير من الأحزاب للانضمام إليه باعتباره حزب الرئيس، أسوة بالحزب الوطني في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وبناءً على ذلك سيصبح الحزب ذريعة للبعض لتحقيق مصالح شخصية والإضرار بالواقع السياسي، وهو ما سعى الرئيس السيسي لتجنبه، فضلًا عن حرصه على أن يكون رئيسًا لكل المصريين».

 

شعبية كبيرة

ووسط إشادة بتصريحات الرئيس حول رفضه تأسيس حزب سياسي، يؤكّد رئيس الهيئة العليا لحزب النور السلفي د. طارق السهري في تصريحات لـ «البيان»، أنّ «السيسي ليس بحاجة إلى تأسيس حزب، لاسيّما أنّه يتمتع بشعبية كبيرة في الشارع تتفوّق بمراحل عن الأحزاب السياسية بكافة توجهاتها، ومن ثمَّ فإنّ ظهيره شعبيًا وليس سياسيًا، فضلًا عن أن وجود حزب تابع للرئيس في المرحلة الحالية لن يكون له أي تأثير في المشهد السياسي، بل سيزيد من حدة الاستقطاب بين القوى السياسية».

دعوة هيكل

تأتي تصريحات السيسي في هذا الشأن بعد أيام من حديث الكاتب الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل عن أهمية بناء الرئيس حزب سياسي يكون نواة لبناء وتكوين نظام سياسي قوي يمثّل رؤيته ويترجم أفكاره ويكون بمثابة بوصلة تحتكم إليها القوى السياسية، وتصبح فاعلة في الحاضر وقادرة على رسم ملامح المستقبل، وهي الدعوة التي أثارت جدلًا حولها بين مؤيّد ومعارض، إلّا أنّ هيكل أكّد خلال دعوته أنّ الأمر في النهاية متروك للرئيس وتصوّره الشخصي.