أكدت الولايات المتحدة الأميركية على أن إيران هي المتسبب الرئيسي للنزاعات الدائرة في منطقة الشرق الأوسط، وتعهدت بأن تعمل مع شركائها لمطالبة إيران بالالتزام بقرارات الأمم المتحدة.
جاء ذلك خلال البيان الذي أدلت به السفيرة نيكي هايلي المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، خلال ترؤسها أمس للمناقشة العامة الربع سنوية الذي عقدها مجلس الأمن أمس لاستعراض مواقف الدول بشأن التطورات المعنية بالحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية، وذلك بمشاركة 75 دولة بما فيها دولة الإمارات العربية المتحدة.
واتهمت السفيرة هايلي إيران بالقيام بأنشطة مزعزعة للاستقرار في المنطقة، بما فيها دعمها للرئيس النظام السوري بشار الأسد، وتسليح الجانب الحوثي المنشق في اليمن، وتدريبها للميليشيات القاتلة في العراق ودعمها لحزب الله في لبنان، مؤكدة أن الطبيعة التدميرية جدا لهذا الأنشطة الإيرانية وحزب الله في مختلف أنحاء الشرق الأوسط تتطلب مزيدا من الاهتمام الدولي، ودعت مجلس الأمن الدولي إلى تناول هذه المسألة كأولية عند مناقشته لهذا البند.
كما اعتبرت السفيرة هايلي الاختبارات الصاروخية التي تواصل إيران إجراءها بمثابة تقويض للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وشددت على أهمية تنفيذ جميع الدول لالتزاماتها في قرار المجلس 2231 الذي يحظر نقل الأسلحة من وإلى إيران بما في ذلك إلى الحوثيين وأيضا إلى لبنان بموجب القرار 1701.
وفي بيان الدولة الذي ألقاه السيد جمال جامع المشرخ القائم بالأعمال، نائب المندوبة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة أمام المناقشة العامة لمجلس الأمن أمس، ذكر المجتمع الدولي بالقاسم المشترك الوحيد ما بين الصراع في كل من سوريا واليمن، ألا وهو إيران. وقال "إن إيران تسببت في خلق المزيد من التوتر وعدم الاستقرار بمنطقتنا مما جعلها تشكل تهديدا بالغا لمنطقة الشرق الأوسط وذلك من خلال سياساتها التوسعية وتصدير ثورتها إلى دول أخرى وانتهاكاتها الصارخة للسيادة الدولية وتدخلها المستمر في الشؤون الداخلية للدول المجاورة".
كما اعتبر إيران دولة راعية للإرهاب في المنطقة، بدءا من تقديمها للدعم إلى حزب الله في لبنان وسوريا وإلى ميليشيات الحوثيين في اليمن ووصولا إلى الجماعات والخلايا الإرهابية في كل من مملكة البحرين والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية"، وأشار إلى "أن القائمة طويلة".
وحول مسألة اليمن اتهم ميليشيات الحوثيين بعدم الاكتفاء بتعريض السلام والأمن في اليمن إلى الخطر فحسب، بل عمدت هذه المليشيات عبر شنها للهجمات على امتداد حدود المملكة العربية السعودية إلى تهديد السلام والأمن في المنطقة ككل. وأكد على أن السبيل الوحيد لتسوية الصراع في اليمن يتجسد في عملية سياسية مبنية على القرار 2216 ومبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات الحوار الوطني.
ونوه إلى أنه ولحين تحقيق سلام دائم في اليمن، يجب أن تكون الأولوية هي العمل على ضمان الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية الموجهة إلى السكان المدنيين.
وحول تطورات القضية الفلسطينية أعرب السيد جمال المشرخ عن قلق دولة الإمارات البالغ إزاء العنف والعنف المضاد الدائر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأيضا إزاء غياب الحل العادل الذي يمنح الشعب الفلسطيني حقوقه الثابتة غير القابلة للتصرف.
وأكد على أن الوقت قد حان لإنهاء محنة الشعب الفلسطيني المستمرة منذ ما يقرب من سبعة عقود، وجدد دعوة الإمارات للمجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة للتوصل إلى حل يقوم على وجود الدولتين، والذي من شأنه أن يسمح بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا للقرارات ذات الصلة ومبادرة السلام العربية ومبادئ مدريد.
ولفت إلى أن إيجاد حل للقضية الفلسطينية سوف يظل أولوية أساسية بالنسبة لدولة الإمارات، وجدد مطالبة إسرائيل بوقف جميع أنشطتها الاستيطانية في جميع الأراضي الفلسطينية وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2334 ، معتبرا مجمل هذه الأنشطة بمثابة أعمال غير مشروعة وتشكل عقبة رئيسية أمام تطبيق حل الدولتين.
وبشأن الأزمة السورية أعرب السيد المشرخ عن قلق دولة الإمارات إزاء الاستخدام المستمر والمشين للأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري، وجدد بهذا الصدد دعم الإمارات التام للعملية العسكرية التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا ضد أهداف عسكرية في سوريا.
وشدد دعوته إلى جميع الأطراف المعنية للعمل على ضمان عدم سيطرة الأطراف الفاعلة من غير الدول والميليشيات المتطرفة على هذا البلد، وحث المجتمع الدولي على تهيئة الظروف المناسبة للشعب السوري لتمكينه من تحديد مستقبله، مؤكدا على أن تحقيق هذه الغاية يتطلب من المجتمع الدولي تشجيع محادثات السلام التي تتم بوساطة الأمم المتحدة لتمكينها من المضي قدما نحو تحقيق نتائج إيجابية.
كما لفت السيد المشرخ في معرض بيانه إلى الجهود والمساعي الإيجابية التي تبذلها دولة الإمارات، مشيرا إلى أن هدف جميع هذه المساعي يصب في خدمة تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة"، وأعلن في هذا الصدد باسم الإمارات عن ثلاثة مقترحات حلول ترمي إلى تعزيز الأمن في كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط وهي: أولا، دعوة مجلس الأمن ولجان العقوبات التابعة له إلى الاستمرار في بذل قصارى جهدهم للتحقيق في انتهاكات إيران والإبلاغ عنها واتخاذ إجراءات بشأنها، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يسهم في منع التدخلات المستمرة لإيران في شؤون المنطقة وعدم التزامها بالعديد من القرارات ذات الصلة.
ثانيا: دعوة الأمم المتحدة إلى توجيه اهتمام خاص لمشاكل الشباب في جميع أنحاء المنطقة باعتبارها أولوية رئيسية. وحذر من أن غياب الفرص الاقتصادية من شأنه أن يؤدي إلى وقوع الشباب فريسة للاستغلال من قبل التنظيمات الإرهابية في المنطقة، مشيرا على أن هذا الأمر ينطبق بشكل خاص على الشباب الفلسطيني الذي يؤمن بمستقبل فلسطين، وبإمكانه المساهمة في إحياء السلام الذي يسعى الجميع إلى تحقيقه.
ثالثا وأخيراً، الدعوة للعمل نحو بناء الزخم اللازم للدفع بعملية السلام للأمام وذلك من خلال زيادة مشاركة المنظمات الإقليمية والجهات الفاعلة، لاسيما في المحافل المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة.
وإختتم السيد جمال المشرخ بيانه، معتبرا مسألة احترام القانون الدولي بمثابة مفتاح الاستقرار بالعالم، ودعا جميع الدول الأعضاء إلى الامتثال لقرارات مجلس الأمن وفقا للمادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة مشددا في نفس الوقت على الحاجة العاجلة لبذل جهود أكبر لإحلال السلام في المنطقة.